القائمة الرئيسية

الصفحات


قرؤوا هذا التحليل عن محنة الادارة الامريكية و محنة اصدقائقا بعد فيضان الوثائق
ويكيليكس يفضح التناقض بين ما يُعلَن... و ما خلف الأبواب

واشنطن تشدّد إجراءات التعامل مع المعلومات السرية... وردود الفعل الدولية تتراوح بين الصدمة والإحراج والتشكيك
فادي مطر

انشغلت عواصم العالم والمنظمات الدولية أمس، بسيل من الوثائق السرية الأميركية التي نشرها موقع «ويكيليكس»، الذي يديره الأسترالي جوليان أسانج، والتي كشفت الكثيرَ من الآراء الأميركية بشأن عدد من زعماء العالم، التي لا يمكن التعبير عنها علناً، إذ تضمنت في بعض الأحيان انتقادات لاذعة لأبرز حلفاء واشنطن وأصدقائها المخلصين. ولا تزال الإدارة الأميركية غير قادرة على ردع الموقع الفضائحي عن نشر وثائقها الدبلوماسية المصنّفة. ونتيجة لذلك، يكون «ويكيليكس» قد وضع جزءاً من أسرار أكبر دولة في العالم في يد أصغر مستخدم لشبكة الإنترنت العنكبوتية.

كشف موقع «ويكيليكس» مساء أمس الأول، عن نحو ربع مليون برقية دبلوماسية أميركية سارعت كبريات الصحف العالمية إلى نشر أعداد منها تكشف عن خفايا الاتصالات الدبلوماسية الأميركية، إلا أنه وبخلاف التسريبات الأولى للموقع الذي يديره الأسترالي جوليان أسانج، حول أفغانستان في يوليو الماضي التي لم تتضمن سوى القليل من الأسرار، وحول العراق في أكتوبر التي ركزت على التجاوزات التي تقوم بها الفصائل المتنازعة في العراق، فإن الوثائق الأخيرة ألقت الضوء بفجاجة على خلفيات الدبلوماسية الأميركية ووضعت الولايات المتحدة في موقف حرج.

وأوضح «ويكيليكس»، الذي أكد سابقاً أنه تعرّض لعملية قرصنة معلوماتية، على صفحته الإلكترونية أنه بدأ منذ أمس الأول، في نشر عدد قياسي من الوثائق بلغ «251 ألفاً و287» برقية دبلوماسية تغطي مرحلة تمتد من عام 1966 حتى فبراير الماضي، علماً أنه سبق للموقع أن أعلن أنه سينشر 3 ملايين وثيقة سرية، بعد أن نشر 400 ألف حول العراق والآلاف حول أفغانستان.

وأكد الموقع أنه رغب في إبراز «التناقض» بين الموقف الأميركي الرسمي و«ما يُقال خلف الأبواب الموصدة».

في المقابل، أصدر البيت الأبيض تعليمات للأجهزة الحكومية بتشديد إجراءات التعامل مع المعلومات السرية.

وأفادت نشرة تعليمات صادرة عن مكتب الإدارة والموازنة كُشف عنها أمس، بأن الإجراءات الجديدة ستضمن «ألا يتمكن مستخدمو المعلومات من الوصول إلا لما يلزمهم لأداء وظائفهم بصورة فعالة، وفرض قيود على استخدام التعليمات السرية الحكومية ومنع وصولها إلى الإعلام».

ودعا وزير العدل الأميركي إريك هولدر إلى محاسبة كل من تورط في قضية تسريبات «ويكيليكس».

صحة خامنئي

إلى ذلك، ذكرت صحيفة «لو موند» الفرنسية أن التسريبات التي حصلت عليها من موقع «ويكيليكس» تظهر أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران مصاب بسرطان الدم.

وأوضحت الصحيفة أن إحدى الوثائق السرية التي تعود إلى أغسطس 2009 تظهر أن دبلوماسيا أميركيا نقل عن رجل أعمال غير إيراني يتردد غالباً على طهران أنه علم من أحد معارفه أن الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني أبلغه أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية «يعاني اللوكيميا وبات في المرحلة الأخيرة، وقد يموت خلال بضعة أشهر لذا قرر رفسنجاني، الكفّ عن تحدي خامنئي والعمل ليتم «تعيينه مكانه». غير أن مراسلة مؤرخة في 18 نوفمبر 2009 كتبها دبلوماسي أميركي في إسرائيل تنقل حديثه مع أحد عملاء الموساد الذي يشير إلى أنه لا يوجد ما يدل «على تغير في صحة خامنئي».

تدقيق في العراق

كذلك أظهرت وثائق أخرى، أن واشنطن قامت بالتدقيق في الدبلوماسيين الإيرانيين الراغبين في دخول العراق قبل منحهم التأشيرات اللازمة. وأوضحت الوثيقة، وهي واحدة من مئات الآلاف نشرها الموقع، أن التدقيق الذي أجرته الولايات المتحدة يؤكد أن خُمس طالبي التأشيرات لديهم علاقات محتملة بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات الإيرانية.

وأضافت الوثيقة المؤرخة في أبريل 2009، والصادرة عن السفارة الأميركية في بغداد، أن «وزارة الخارجية العراقية تقوم منذ عام 2008، بتزويد السفارة بأسماء الدبلوماسيين الإيرانيين طالبي تأشيرات الدخول بغرض التدقيق فيها».

وذكرت: «التدقيق كشف احتمال ارتباط حوالي 20 في المئة من طالبي التأشيرة بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات، وأبلغتنا وزارة الخارجية عدم منحها تأشيرات لضباط الاستخبارات المشتبه فيهم، لكننا لم نتحقق من صحة ذلك».

وتابعت: «في يناير 2009، قبل البدء بعملية التدقيق، زوّدتنا الخارجية العراقية بقائمة تضم 35 اسماً لدبلوماسيين إيرانيين دخلوا العراق، وبين هؤلاء ثمانية يرتبطون بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات والأمن».

وانتقد وزير الخارجية هوشيار زيباري نشر الوثائق، وقال إن عملية «النشر لا تساعد على الإطلاق». وأضاف: «نمر بفترة حرجة في العراق، ونحاول تشكيل الحكومة التي طال انتظارها، نأمل أن لا تسمم الأجواء بين السياسيين العراقيين».

حرب لبنان

وفي سياق متصل، ذكرت برقيات تابعة لدبلوماسي أميركي أن سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر الإيراني استُخدمت لتهريب أسلحة إلى «حزب الله» اللبناني خلال حرب عام 2006 مع إسرائيل.

وأفادت البرقيات بأن شحنات من الإمدادات الطبية تابعة للهلال الأحمر الإيراني «عملت أيضاً في تسهيل دخول شحنات أسلحة».

ووفقاً لأحد البرقيات فإن شخصاً، لم يتم الكشف عن اسمه، «شاهد صواريخ في الطائرات المتجهة إلى لبنان عند تسليم الإمدادات الطبية في الطائرات».

وتابعت البرقية ذاتها أن الطائرة كانت «نصف ممتلئة» قبل وصول أي إمدادات طبية. ورفض متحدث باسم «حزب الله» التعليق على الأمر، قائلاً إنه لم يقرأ هذه الوثائق بعد.

حرب غزة

وكشفت وثائق «ويكيليكس» التي نشرتها الصحف الإسرائيلية أمس، أن مصر وحركة فتح رفضتا طلب إسرائيل دعمها في الهجوم العسكري الذي شنته على قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة حماس في نهاية عام 2008.

وبحسب برقية دبلوماسية صادرة عن السفارة الاميركية في تل أبيب، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أبلغ وفداً من الكونغرس في عام 2009 أن إسرائيل أجرت اتصالات مع مصر والسلطة الفلسطينية قبل شن عملية «الرصاص المصبوب».

وتابعت البرقية أن «باراك أوضح (للوفد) أن الحكومة الإسرائيلية أجرت مشاورات مع مصر و»فتح» وسألتهما إن كانتا على استعداد للسيطرة على قطاع غزة بعد هزيمة حماس»، موضحة أن «باراك تلقى رداً سلبياً، وهو أمر غير مستغرب».

أردوغان وإسرائيل

ونقلت البرقيات التي كشف عنها موقع «ويكيليكس» عن دبلوماسيين أميركيين في أنقرة قولهم، إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «بكل بساطة يكره إسرائيل»، وذلك تعليقا على رد فعله العنيف على الهجوم الإسرائيلي الدامي على قطاع غزة نهاية 2008.

وأشار الدبلوماسيون إلى أنهم يؤيدون نظرية السفير الإسرائيلي في أنقرة غابي ليفي الذي اعتبر أن تصريحات رئيس الحكومة التركية العنيفة ضد اسرائيل نابعة قبل كل شيء «من منطلق عاطفي، لأنه إسلامي».

آراء في القادة

من جانب آخر، اعتبرت إحدى الوثائق الأميركية أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، رجل «نزق ومستبد»، مشيرةً إلى «أسلوب فظ» يتعامل به مع معاونيه.

ويصف دبلوماسي أميركي رفيع، رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلسكوني، بأنه «غير مسؤول ومغتر بنفسه وغير فاعل كزعيم أوروبي معتدل».

ووصفته برقية أخرى بأنه «ضعيف نفسياً وسياسياً»، مشيرة الى أن «سهراته العامرة حتى آخر الليل لا تدع له وقتاً للراحة».

وذكرت برقية أخرى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «تخشى المجازفة، ونادراً ما تبدي سعة أُفق»، بينما تصف وزير خارجيتها غيدو فيسترفيلي، بأنه «شخص شديد الحيوية» لكنه يفتقر إلى الخبرة في المجال الدبلوماسي.

أما الزعيم الليبي معمر القذافي، فتقول برقية إنه «يعتمد بما يشبه الهوس على نواة صلبة صغيرة من أهل الثقة، ولا يستطيع السفر بدون ممرضة أوكرانية. كما يشعر الزعيم الليبي بالخوف من التحليق فوق البحار أو صعود طوابق مبنى مرتفع».

وبالنسبة للرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف، فذكرت إحدى الوثائق المنشورة أنه «روبن صديق باتمان الذي يقوم بدوره بوتين»، في إشارة إلى أن رئيس الوزراء فلاديمير بوتين هو الحاكم الفعلي في روسيا. ووصفت بعض المراسلات الدبلوماسية الأميركية السرية بوتين بـ»الكلب ألفا» وميدفيديف بأنه «ضعيف ومتردد».

من جهة أخرى، أعلنت صحيفة الـ»غارديان» البريطانية أن إحدى الوثائق السرية المنشورة أوردت أن محافظ بنك انكلترا المركزي ميرفين كينغ اتهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير المالية جورج أوزبورن بـ «السطحية» وأن الولايات المتحدة صُدمت لما وصفته الصحيفة بـ «السلوك الفظ» للأمير أندرو عضو الأسرة المالكة في بريطانيا حين يكون خارج البلاد.

إيران

وفي أبرز الوثائق الدبلوماسية الأميركية المسرّبة، كشفت برقية سرية أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قال لنظيره الفرنسي إرفيه موران إن «إسرائيل قادرة على شنّ هجوم عسكري على إيران من دون مساعدة الولايات المتحدة غير أن نجاح مثل هذه العملية لن يكون مضموناً».

وقال غيتس لموران في إشارةٍ إلى البرنامج النووي الإيراني، إنه «يعتقد ان ضربة تقليدية يوجهها أي بلد كان لن تؤدي إلا إلى تأخير خطط إيران مدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، لكنها ستوحِّد الشعب الإيراني إلى الأبد في مواجهة المهاجم».

وزعمت الوثائق أن «السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير ذكر في أبريل 2008 أن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعا الولايات المتحدة مراراً إلى ضرب ايران لوضع حد لبرنامجها النووي». كما زعمت أن «العاهل البحريني حمد بن عيسى ال خليفة قال مطلع نوفمبر 2009 للجنرال الاميركي ديفيد بيترايوس، إن البرنامج النووي الايراني يجب ان يتوقف، معتبرا أن مخاطر السماح باستمرار البرنامج اكبر من مخاطر وقفه».

وأشارت وثيقة الى أن «حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم لا يؤيد أبدا أي عمل عسكري ضد ايران ويتخوف من النتائج الكارثية» لعمل من هذا النوع على مستوى المنطقة، وذلك في تقرير يعود إلى عام 2007.

ردود أفعال

وتراوحت ردود الفعل في الأوساط الدبلوماسية في العالم بين الصدمة والإحراج والتشكيك، وسارع البيت الأبيض إلى إدانة العمل «غير المسؤول والخطير» المتمثل بنشر هذه الوثائق، محذرا من تداعياته على حياة الكثير من الناس.

وسار حلفاء واشنطن على المنوال نفسه. فدانت بريطانيا «أي نشر غير مسموح به لمعلومات سرية» معتبرة أن هذا الأمر يمكن «أن يعرض الأمن القومي للخطر».

في فرنسا، أعلن المتحدث باسم الحكومة فرانسوا باروان أن باريس «متضامنة تماماً مع الإدارة الأميركية» ضد نشر هذه الوثائق الذي قد يشكل حسب قوله «تهديداً للسلطات الديمقراطية».

وفضلت الأمم المتحدة عدم التعليق على الوثائق التي تشير إلى طلب الجانب الأميركي جمع معلومات حول كبار موظفيها في العالم، إلا أنها شددت على ضرورة «احترام الدول الأعضاء» لحصانة موظفيها.

وعلّق مستشار حكومة سعودي على نشر هذه المعلومات بالقول: «كل هذا سلبي وغير جيد لبناء الثقة».

وأعلن مسؤول اسرائيلي كبير أن «إسرائيل تشعر بالارتياح بعدما كانت تخشى إحراجاً جدياً».

(واشنطن - أ ف ب،يو بي آي، رويترز، أ ب، د ب أ)

author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments