القائمة الرئيسية

الصفحات

الوضع الأقتصادى في السعودية .. السعودية بين نيوم و اليمن و النفط ... الحلم و الكابوس و الواقع

من يرى السعودية الان و يقارنها بسعودية الملك فيصل او عبد الله لا بد ان يصاب بصدمة اسوأ من الصدمات الكهربائية فالسعودية التى تحاول  اعادة رسم وجهها من جديد امام العالم حائرة بأى شكل تعيد الصياغة ؟

هل هي الدولة المنفتحة ذهنيا و حداثيا على العالم و التى تحاول الفصل بين الدولة و الخضوع لرأى و افتاء رجال الدين التقليديين 

هل ترسم دورها الجديد كقوة عسكرية في المنطقة تفرض نفسها كدولة لها جيش يرسم سياستها على ارض الواقع ؟

هل هى دولة تحاول الخروج من اسر الدول النفطية العاجزة اقتصاديا عن خلق اقتصاد حديث غير نفطى ؟

داخليا فالسعودية اليوم في موقف حرج جدا  ففي الوقت الذي ترسم ذاتها داخليا منفصلة عن عصر تقليدى قديم كان لرجال الدين فيه الكلمة الاعلى امام صوت دعائى اعلانى اكبر منه اعلامى و بما يمثل صدمة لكبار السن هناك تجد نفسها عاجزة عن اخراج نفسها من حرب مع اضعف جيرانها و هي اليمن في حرب طويلة صعبة لم يتخيل احد ان تستمر كل هذه المدة و قد انقلبت الحرب لمستنقع اصابها من شظاياه ما يجعلها كمن اشعل النار في نفسها قبل غيرها .

و علي مستوى السياسة الخارجية اصبحت السعودية خلال السنوات الأخيرة صريحة اكثر من المعتاد في الاعلان عن توجهاتها الحادة في المواقف التى ترى القيادة السعودية أنها لا تتماشى مع سياستها خاصة في  الخليج والشرق الأوسط، بعد ان كانت تحتفظ دائما بلهجة هادئة ميزت دائما الدبلوماسية السعودية في  فترة وزارة الأمير سعود الفيصل الذى شغل منصب وزير الخارجية لسنوات طويلة اعتاد خلالها تسيير الامور بنبرة متزنة خالية من الانفعال وبحرص على أن يكون ما يظهر منها فى العلن أقل القليل .

اما ما ظهر مؤخرا فهو تغير الى الحسم والمواجهة الساخنة كما رأينا في الملف السورى  ودعم المعارضة السورية المسلحة  والأزمة اليمنية و الحرب ضد الحوثيين ثم الازمة مع قطر التى شهدت تحركات عنيفة اجتماعيا و اقتصاديا و لا شك ان التغير في الاداء الدبلوماسي للسعودية مرتبط بالصراع و السباق السياسي بين القوى الاقليمية الاخرى لزعامة المنطقة فبعد ان كانت الخليج و تركيا ( ما قبل الصعود الاسلامى ) و ايران ( في عهد الشاه ) في تناغم دبلوماسي وصل قمته التنسيقية في حلف بغداد ضد عبد الناصر بدا الامر في التفكك و سعى كل طرف الى تحقيق حصة منفردة بالاقليم ... ايران في مجالها الشيعى و تركيا في مجال نمو جماعة الاخوان بينما بقيت السعودية تعمل لتكوين مجال يأخذ من تركيا النفوذ في العالم السنى و يصارع ايران من منطلق زعامة العالم الاسلامى 

اما الاقتصاد الجديد الذى لم يصبح فيه النفط هو الملك فقد اصاب خطط السعودية التنموية في مقتل السعودية في مارس الماضي، خفضت إنتاجها بمقدار 1.67 مليون برميل يوميا من النفط الخام و تمثل قيمة خفض الإنتاج وفق السعر الحالي لبرميل 112 مليون دولار يوميا، أي 3.36 مليار دولار شهري .

و قد سجلت ميزانية السعودية عجزاً قدره 7.4 مليار ريال  خلال الربع الأول من 2021، مع استمرار عجز أسعار النفط عن تلبية النفقات الجارية.

و قد قدرت السعودية قيمة العجز في مشروع الموازنة ب 38 مليار دولار فكيف توفق المملكة بين حرب لا تستطيع ايقافها من طرف واحد تستهلك مئات الملايين في ذخيرة و تسليح و بين خطط تنموية و مشروع نيوم التريليوني ؟

كان واقع اعادة هيكلة السعودية نفسها كمجتمع من ناحية و قوى اقتصادية من ناحية اخرى و دولة تبحث عن نمو لدورها الخارجى من ناحية ثالثة  هو مشروع "نيوم" الهائل الذي يمتد بين المملكة والأردن ومصر ويقوم على السياحة بشكل أساسي، إلى جانب طرح أسهم شركة أرامكو في البورصة العالمية. كما ذكرت شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية، أن السعودية قررت اللجوء إلى صناعة الترفيه لتكون بوابة إلى تحسين الوضع الاقتصادي. من ناحية و لمد نفوذها خارج رقعة الجزيرة العربية من ناحية اخرى بجانب ما لهذا المشروع من اعادة تشكيل الراى العام العالمى عن السعودية عن 

  دولة راعية للمد الاسلامى المتطرف 

المكان المقترح لمشروع نيوم

نعلم ان السعودية تخطط لمشروع نيوم المخطط لبنائها عبر الحدود، أطلقه الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2017 ويقع المشروع في أقصى شمال غرب السعودية، ويمتد 460 كم على ساحل البحر الأحمر. ويهدف المشروع لتحويل المملكة إلى نموذجٍ  عالمي  مختلف جوانب الحياة كما قيل و تم دعم المشروع  من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي بقيمة 500 مليار دولار، والمستثمرين المحليين والعالميين. وتتولى "شركة نيوم" التي تأسست في يناير 2019 عمليات تطوير منطقة نيوم والإشراف عليها، وستعمد الشركة إلى إنشاء مدن جديدة وبنية تحتية كاملة للمنطقة تشمل ميناءً، وشبكة مطارات، ومناطق صناعية، ومراكز للإبداع لدعم الفنون إضافة إلى تطوير القطاعات الاقتصادية المستهدفة. 

لكن تبرز تحديات كثيرة امام الرؤية الاقتصادية و الاستراتيجية للمملكة 

فهل يكون سهلا للسعودية لتنفيذ سياستها الدبلوماسية و العسكرية و التحديثية رغم انخفاض موارد  النفط".

ثم كيف تقود المملكة العالم الاسلامى للتحديث اجتماعيا و استثماريا و هى المتهمة بنشر التطرف و رعاية الجماعات التى تضرب مصالح الغرب و التى تتبنى تفسيرات متشددة للسلام ؟

كيف تقود العالم الاسلامى و هى التى كونت نظرة  خاصة للمراة مقيدة و محجمة لدورها ؟

ان قيادة العالم الاسلامى و الادعاء بتمثيله يقتضي مثلا ان تتماثل مع تركيا في الانفتاح علي الغرب و ان تظهر للغرب انها راعية للحداثة و الا تقل عن الامارات في معايير تقبل الاخر .
فهل تنجح السعودية في محاولة تسويق نفسها سياسيا و اقتصاديا و المشهور عنها انها تحارب الفنون و ينتشر رجال الامر بالمعروف في الطرقات يصرخن في الناس و يمنعون المراة من قيادة السيارات او السفر داخليا او خارجيا منفردات .
لن تنجح السعودية في جلب استثمارات و هى تمنع الموسيقي و السنيما و الاوبرا و الرياضات النسائية او و هى تمنع دخول بعض الناس الى مدن معينة على اعتبارات دينية 

ثم هل يقبل المجتمع السعودى كل هذه المتغيرات التى تتم بصورة شبه قسرية و بدون اعادة بناء المجتمع معرفيا و اجتماعيا لقبول هذه التغييرات التى تشمل بنية العقل نفسه ام انها تقابل برفض مجتمعي تقليدى ؟

لقد كانت ممارسة الرياضة النسائية في السعودية من الأمور محل الجدل و اعتبرها المحافظون أمرًا مُخلًا بالحياء وسبق أن تدخل الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، لمنع قيام سباق للجري كانت تعتزم جامعة الملك سعود بالرياض تنظيمه للطالبات في مارس 2008.

قبل ان تتغير الأمور ببطء مع وصول الملك سلمان للحكم ، لنرى افق من الانفتاح، فسمح للمرأة بقيادة السيارات واختفت الفتاوى التي تحرم هذا الأمر، كما افتتحت  دور السينما والمسارح، وسمح للسيدات بدخول ملاعب كرة القدم وأقيمت حفلات موسيقية مختلطة وأقيمت عروض راقصة حتى في الدرعية نفسها مهد الدعوة الوهابية،ما يعنى محاولة ملحة من الدولة لتغيير الواقع 

كما شهدت السعودية تغير كبير تجاه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد قُلمت أظافر الهيئة في ظل سبق هجوم غير معتاد على مواقع التواصل الاجتماعي و في وسائل الإعلام على الهيئة والقائمين عليها وعلى أسلوبها العنيف في التعامل . كما  تراجع دور علماء الدين السعوديين بشدة ، سواء بسبب القبض على بعضهم  أو سواء بسبب تناقض تصريحات بعضهم قبل وبعد تولي الملك سلمان و ولده مقاليد الأمور .

فكيف توفق المملكة بين حلم نيوم و الخروج من كابوس اليمن في ظل واقع انهيار الثقة في اقتصاد البترول 

كيف تنجح المملكة في تصدر المشهد و هى خارجيا في حرب عسكرية بلا اخر مع اليمن و مشاكل دبلوماسية بلا نهاية مع تركيا و ايران و قطر و مشاكل اقتصادية من الاعتماد على مصدر واحد للاقتصاد ؟


author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments