يبدو مسلسل يوسف الصديق كعمل مخطط له بأتقان بحيث لا يترك اى هفوة او ثغرة تؤخذ عليه و يبدو كعمل فنى و قد آل القائمين عليه على انفسهم الا ان يعطوا لكل شئ حقه و بدأ المسلسل فنيا عصيا على النقد تنظر في كل اركان العمل فتجد نفسك مضطرا لاى اعطائه الدرجة النهائية و قد علمت ان الفن نقطة حساسة بين العاطفة و بين الحقيقة فأما ان تستجيب لعاطفتك امام العمل الفنى و اما ان تكون اكبر من ذاتك و تتجرد من احاسيسك و انت تقوم بعمل فنى بحيث تتماهى مع الشخصية الفنية بسلبياتها و ياجابيتها و هذا ما نجح فيه العمل الفنى ان تحكم عليه بتجرد لا يجعلك اسير العاطفة لمجرد انها قصة حياة و عذاب نبى انت تؤمن بانه قد عانى و في ذات الوقت تجد نفسك مشدودا لنوازع الشر مسايرا لقصة امرأة تعشق بجنون و انت تعلم جيدا كيف تكون المرأة العاشقة
اسيرة مجنونة بلا عقل او بصيرة تجاه من تحب نجح يوسف الصديق ان يعطيك اسطورة فنية في 45 حلقة ربما لو كانت لمسلسل اخر لمللت من الحلقة العاشرة او شعرت بالاطالة و التطويل و المط " كما يحدث في مسلسلاتنا " لكن بالعكس ظلت الناس مشدودة و مشدوهة بالاحداث و ظلت حرارة الانتظار و الترقب حتى الحلقة الاخيرة بنفس طزاجة الحلقات الاولى اما عن اركان العمل الفنى فقد تلبس كل فنان او فنانو الشخصية بأتقان يبدو فيه التدريب النفسى واضحا و البروفات فلم نجد شخص يفتر ادائه او تهرب منه الشخصية من الابطال الرئيسيين
و حتى الممثلين الثانويين و الخدم الاداء التمثيلى واضح فيه النجاح الكامل في توظيف الممثلين و في دقة اختيارهم فلم يبدو شخص الا و كان هذه هى شخصيته الحقيقية و شكله الحقيقى حتى او كانت الشخصية الحقيقيية للممثل في غير نفس طبيعة و نمط الدور المكلف به كل الشخصيات تبدو و كانها قد ولدت فعلا هكذا كبير الكهنة ، اخناتون ، الملك الاب ، الملكة الام فوطيفار ، و غيرهم و غيرهم حتى الخادمتين الملازمتين لزليخة كل شخصية كانت و كأنها هى ذاتها و بلا تمثيل اما مصطفى زمانى القائم دور يوسف الصديق و كاتيون رياحى القائمة بدور زليخة فقد اديا اكثر من المطلوب منهما و بان كيد النساء و صبر الانبياء متجسدا بلا اصطناع و انت عاطفة المرأة و اخلاص الرسل بلا تمثيل فكان المسلسل خير رسالة عن القيم الانسانية و لحظات الضعف البشرية و اكبر معمل لرسم صورة النفس البشرية في خيرها و شرورها و في الطاعة لله و طاعة الشيطان
اما سيناريو المسلسل فقد كان في غاية الاكتمال بين متناقضات كثيرة و محاذر موروثة و بين السماوى و التاريخى و وضح ان من اعد المسلسل كتابة قد آل على نفسه الا ان ينجح المسلسل بتناول القصة من كل مواردها و من كل اطرافها فلا يكتفى بما بين يديه من قرآن فلم يجد غضاضة ان يكمل القصة بما سكت عنه القرآن من العهد القديم فخاض فيه و اكمل منه ثم اتحه الى الشق الاخر من القصة و هو شكل الحياة في مصر و اطراف القصة المصريين فلم يرض الا ان يجمع من مصادر التاريخ المصرى ما يكمل القصة منذ ان فسر يوسف رؤيا الملك و حتى احضر ابوه الى مصر و مع تحفظنا على شخصيات الملوك في العمل و ما اذا كانت القصة قد حدثت فعلا في عهد اخناتون ام لا فإن تضفير قصة سيدنا يوسف مع الملك الذى كان يحكم مصر و ما تلى ذلك يبدو منه ان الكاتب ملما تاريخ مصر فيما عدا ببعض الهنات في قصة اخناتون و في شكل العاصمة المصرية في طيبة و التى لا يوجد بها اهرامات بالطبع كما وضح في ديكورات المسلسل في عدة مشاهد تبدو فيه طية و قد زينت ثلاثة اهرامات لا توجد الطبع الا في منف بالجيزة و ليست في طيبة و هى الاقصر حاليا
و نأتى الى ديكورات المسلسل و الاكسسوارات و من الواضح ان القائمين على المسلسل من الكرم بحيث شيدوا مناظر و ديكورات من الضخامة بحيث يبدو ان من الصعب على ايران ان تستخدمها مرة اخرى نحن نعلم اننا كمصريين قد نحتاج الى الديكورات الفرعوينة كثيرا و سنعيد انتاج اعمال كثيرة و دائمة تحتاج الى هذه الديكورات و التماثيل لكن بالنسبة الى ايران فكم مرة ستنفذ اعمال فنية تحتاج الى كل هذه التماثيل و النقوش لقد كانت الاكسسوارات كثيرة و مبهرة و طبيعية بلا تكلف و الملابس صحيحة بلا اخطاء تاريخية و كذلك نقوش الجدران في القصور و المعابد و لم ينس القائمين على المسلسل ان يظهروا مناخ الحياة المنزلية في مصر الفرعونية داخل القصور ابتداء من المشاعل و النيران التى توقد المنازل الى شكل الطعام و ادواته في تلك الحقبة
اما الاخراج فقد بدا متماسكا متمكنا من ادواته تماما سواء داخل المساحات الصغيرة و المشاهد المغلقة او في المساحات المفتوحة
و في حركات الخيول و القوافل لقد بدا احيانا اننا نشاهد عملا وثائقيا او لنقل عملا ملحميا اكبر من ان يكون مجرد مسلسل لقد استمتعنا من تحرك الحيوانات في المسلسل و بدا واضحا مدى التدريب الذى تلقاه كل افراد المسلسل و بدا واضحا ان الحركة في المسلسل طبيعية تماما و بلا قلق خاصة ان مشاهد كثيرة كانت تتم في اراضى غير ممهدة و غير مستوية و رغم ذلك لم يبدو لنا اننا نشاهد عملا تمثيليا
و في حركات الخيول و القوافل لقد بدا احيانا اننا نشاهد عملا وثائقيا او لنقل عملا ملحميا اكبر من ان يكون مجرد مسلسل لقد استمتعنا من تحرك الحيوانات في المسلسل و بدا واضحا مدى التدريب الذى تلقاه كل افراد المسلسل و بدا واضحا ان الحركة في المسلسل طبيعية تماما و بلا قلق خاصة ان مشاهد كثيرة كانت تتم في اراضى غير ممهدة و غير مستوية و رغم ذلك لم يبدو لنا اننا نشاهد عملا تمثيليا
لقد انتهى مسلسل يوسف الصديق و انتهت معه متعة كنا نتلقاها كل يوم و كنا محتاجين اليها لنشعر ان الفن رسالة جميلة ليست لها علاقة بالغرائز و الجسد انتهى عمل اثار لدينا الفكر و اعمال العقل و ربما نحظى ذات يوم بعمل في نصف هذا العمل من انتاج مصرى بدلا من ان نصبح نحن مستهلكى الفن الخارجى
انظر ايضا
الاخطاء التاريخية في المسلسل
انظر ايضا
الاخطاء التاريخية في المسلسل
Comments
لأن المسلسل تناول معظم الأحداث في مدينة طيبة بالأقصر لانها كانت العاصمة
اما مدينة منف او الجيزة حاليا التي توجد بها الاهرامات فلم تظهر سوي قليلا وكانت تظهر عندما يكون هنالك حدث في مدينة منف
مثلا عندما جاء النبي يعقوب من كنعان الي مصر للقاء يوسف النبي
فكان لابد أن يمر بمدينة منف او منفيس اولا التي هي الجيزة حاليا
وقد شاهد الاهرامات وأعتقد بانها تلة او جبل فقال له شمعون بانها أهرامات وصروح بناها الفراعنة
وفي هذا الوقت لم يكن وصل يعقوب النبي وأخوة يوسف الي مدينة طيبة بعد بل كانو مازالوا في الطريق اليهم من منف
ومن هنا نعلم ببساطة أن المسلسل ميز بين المدينتين ولم يقل بأنه كانت توجد اهرامات في مدينة طيبة
بل علي العكس هو أثبت بانها في منف
و هذا لا يبخس حق المسلسل في الثناء على باقى عناصرها الفنية