القائمة الرئيسية

الصفحات

هذا الكلام قد يكون صادما للكثيرين و لكن حجتى القرآن و السنة و من يرى أنى مخطئ فليرد على بالقرآن و السنة و ليس بكلام فلان و فلان

نواصل اليوم كلامنا عن مسلسل يوسف الصديق و نبدأ الكلام حول المسلسل من الناحية الشرعية و لا شك ان اصعب الاشياء هى بدايتها و اصعب الامور هو ما يجهله الانسان و حينما تعتاد العقول على التقليد و على عدم اعمال العقل تكون الابواب كلها مغلقة و هذا ما حدث مع مسلسل يوسف الصديق فهناك رؤية تقليدية من المؤسسة الرسمية متوارثة منذ اختراع التمثيل بأن تجسيد شخصيات الانبياء بصفة خاصة و كذلك احيانا تجسيد الصحابة هو امر حرام و حينما يتم السؤال لماذا هو حرام تكون الاجابات بعيدة عن تحديد سبب التحريم بل في الغالب يقال لك ان كيف يجسد شخص شخصية نبى ثم نقلب القناة فنرى ذات الممثل يجسد شخصية سكير او عاشق في مواقف مخلة و بالطبع ليست هذه حجة مقنعة لأننا لو افترضنا اننا اشترطنا على شخص ما بتجسيد شخصية نبى ثم اشترطنا عليه عدم تمثيل اى دور اخر ستنعدم هذه الحجة ثم قد يقول شخص ان التمثيل هو كذب على النبى مع اننا لو افترضنا ان السيناريو مقروء جيدا و يتماشى مع السياق القرآنى ستنعدم ايضا حجة التحريم ثم تعالوا نناقش كلمة حرام حينما تطلق هكذا على شئ بدون ادراك لهل فعلا هى حرام ام انها مكروهة اما من يستسهل اطلاق كلمة الحرام على اى شئ اعتقادا منه بأنه هكذا ينشر روح الورع بين الناس او يحرم شئ اعتقادا منه بانه هكذا يخدم الاسلام فهذا بعينه ما جاء الاسلام لمحاربته ان يكون هناك من يتخذ احبارهم و رهبانهم اربابا من دون الله يحرمون و يحللون و يتناسون قواعد التشريع في الاسلام و هى قواعد سلسة و معروفة و لم يطرأ عليها تغيير منذ ان جاء سيدنا محمد ص برسالته الخاتمة و التى ستظل هى الرسالة الخاتمة الى ان يرث الله الارض ومن عليها و خلال حياة رسالة الاسلام تستجد امور كثيرة كل يوم و خلال كل يوم تجد امور فهل كل ما نلاقيه من امور سنحكم عليها بالتحريم ام اننا عندنا مقاييس ثابتة للحكم على الاشياء و من تلك الامور : -
ان الاصل في الاشياء الاباحة : قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالى : ( هوَ الَذِي خَلَقَ لَكم مَا فِي الُأَرُضِ جَمِيعَاَ ) (البقرة (29) ) ،
اخبرنا الرسول في اكثر من حديث بأن الله سكت عن اشياء تسهيلا للبشر في حياتهم و ليس معنى ان يسكت عنها الله ان نلحقها بالمحرمات بل تظل في دائرة العفو و على الاصل في الامور و هو الاباحة
قال رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) : « ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، و ما حرم فهو حرام ، و ما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً » ، و تلا : ( وَ مَا كَانَ رَبكَ نَسِيَاَ (رواه الحاكم عن أبي الدر داء و صححه ، و أخرجه البزّار و الآية من سورة مريم(64) ) .

و قال : « إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدوداً فلا تعتدوها ، و سكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها » (أخرجه الدارقطني عن أبي ثعلبة الخشني ، و حسنه الحافظ أبو بكر ا لسمعا ني في أماليه ، والنووي في الأربعين ।).

فهل وصلت الينا الرسالة هناك مبدأ ان كل شئ مباح الا ما ورد نص انه حرام اما ما سكت عنه الشارع فمعنى ذلك انه يبقى على الاصل و هو الاباحة و العفو

ثم نأتى لنقطة هامة و هى كثرة الاسئلة التى بدأت الان تنهال على القنوات الدينية و التى تبدو انها حرص من الناس على التقوى و الورع مع ان الرسول ص حذر من هذه الظاهرة فعن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم رواه البخاري ومسلم‏.‏
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء فيقول الرجل من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته أين ناقتي؟ فأنزل الله هذه الآية ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء‏}‏ المائدة‏.‏
فمقصود الرسول يعود الى قوله ص الحلال بين و الحرام بين فالحرام لا يكون الا بنص واضح و دليل بين اما التحريم بالشبهة او بالرأى الشخصى لا يجوز و فارق هائل بين ان نقول ان هناك شئ حرام و بين ان نقول ان هناك شئ مكروه و الفرق بينهما هو الفرق بين الجنة و النار ففاعل الحرام اثم يستحق العقاب اما المكروه فهو ما يثاب تاركه و لا يعاقب فاعله هل تروا لو افترضنا ان شئ معين مكروه و فعلناه لا نعاقب لكن شيوخ اليوم لا يوضحون للناس هذا الفارق و لا يوضحون للناس الفارق بين المصطلحات الشرعية فإذا قصدنا المسلسل فمن يقول انها حرام يتجاوز نقطة انها ضمن مستحدثات الامور التى لم يرد عليها نص و هكذا تكون في دائرة المباحات و تبقى في دائرة العفو ما دام لم يرد عليها نص فإذا قالوا انها مكروهة لكانت اجابته قريبة من النقاش اما من يقول انها حرام هكذا بدون دليل فقد افتأت على حق الله في التحريم اذ ان لا يحرم و لا يحلل الا الله و لا تحريم الا ما قال عنه الله انه حرام
هذا بالنسبة للوضع العام عن مسلسل يستند الى شخصية اى نبى من الانبياء لكن ماذا عن تناول قصص مأخوذة من كتب الامم الكتابية السابقة يجب هنا بداية ان نفرق بين ما قد يشكل في اذهان الناس من كتب بنى اسرائيل و بين الاسرائيليات التى قد توجد في بعض كتب الحديث منسوبة الى رسول الله ص فالرسول ص يقول
"حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج". الحديث رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة بهذا اللفظ.
وفي لفظ البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار".

قال الحافظ في الفتح عن الشافعي قوله: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحدث بالكذب، فالمعنى: حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه، وأما ما تجوّزونه، فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم، وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا حدثكم أهل الكتاب، فلا تصدقوهم، ولا تكذبوهم"
هذا هو كلام رسول الله ص فلا حرج على المسلم في تناول ما ورد في كتب بنى اسرائيل فيما يخص بالطبع التاريخ و القصص و الحكايات و ليس في عباداتهم و شرائعهم فقد نسخت برسالة الاسلام فإذا ما تناولنا ما يكمل قصة سيدنا يوسف كأسماء اخوانه و اسم عزيز مصر و ما شابه فليس في ذلك مشكلة ما دام الكلام لا يتعارض مع القرآن فهناك فارق بين ان يرد ما يتعارض مع كلام القرآن و هذا بالطبع غير مقبول و هناك ما يرد زيادة عما ورد بالقرآن فلا يكون هذا معارضا بالطبع للقرآن اذا كان القرآن لم يتناوله و يكون الامر حينئذ مستندا لقول الرسول ص ان نروى الامر دون ان نصدقه او نكذبه فليس الامر داخلا في محل العقيدة التى سنسأل عنها يوم القيامة ان نقول هل كان اخوان يوسف فعلا اسمائهم كذا و كذا ام خلاف ذلك فالرواية هنا داخلة في اباحة الرسول للمسئلة جواز الرواية و التحديث بما في كتب بنى اسرائيل دون ان يعنى الامر ان نصدق او نكذب
و هذا بخلاف الاسرائيليات و هى ما سربه بعض المنافقين و اهل الكتاب على انه من كلام رسول الله و هو ليس كذلك و هو ما ليس فيه خلاف فالمتيقن و المسلم به وجوب محاربة الاسرائيليات و التنبيه عليها و لفت الانظار الى خطورة مراميها
نخلص من ذلك الى ان المسلسل ليس فيه حرام و من يراه مكروه فهذا شئ اخر و مختلف و ليس الامر في المختلف من المسائل بجديد على الفقه و على المسلمين فمن يرى شئ مكروه هو يحرص على دينه بما لا يجعله يفرض رأيه على الاخرين و المسلسل يتناول القصة القرانئة كاملة و زاد عليها بعض التفاصيل المأخوذة من كتب بنى اسرائيل و هو ما لم يعترض عليه الرسول الكريم ص و من يرى المناقشة بالعلم فأنا اتقبل النقد و ليس الشتم و من يملك الحجة على خلاف ما كتبت فأهلا بتعليقه في حدود الادب و النقاش و ليس التكفير و التأثيم و ليكن بيننا كتاب الله و سنة رسوله
author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments