كانت أم
لم يكن حضنها دافئا و ان كانت تحاول ان تبدو كذلك تجاعيد السنين لم تخفيها تلك الكمية الهائلة من المساحيق شوارع هاجاى جنوب تايلند اخذت في الاظلام و لم يكن امامه اختيار اخر سوى اللجوء الى عمال الاوتيل الذين اعتادوا النصب عليه نظر اليها نظرة واحدة جعلتها تجرى اليه و تتأبط ذراعه كانها تعرفه من سنوات طويلة في الغرفة كشف الظلام عن حطام امرأة متعبة اعطت للزمان اكثر مما اخذت منه لم تناقش اى امور مادية بل كانت تقبل بهدوء و تتطأطأ راسها علامة القبول شعر رغم محاولتها ان تبدو مستثارة انها تائهة و عيونها زائغة تطيل النظر الى النافذة يدرك بحكم خبرة طويلة انها مشغولة رغم تصنعها الضحك و الرغبة و غير ذلك جسدها كان كالطريق الذى سارت عليه الاف الاقدام حتى تركوا اثارهم على هذا الجسد الواهن انهوا مهمتهم الاولى نظرت اليه نظرة منكسرة علامة انتظار المقابل المادى شعر فيها بان داخلها شئ اخر نظر اليها لأول مرة على انها بشر و ليست الة متعة قال لها هل تقبلين دعوة الى العشاء و لم يكن من المعقول ان ترفض خاصة مع لهجته الاكثر انسانية و تحضر هزت رأسها بحماس حقيقى لم تبديه في السرير خرجا معا و على وجهها علامات سعادة حقيقية و في المطعم وجدها من طرف خفى تتصنع الاكل ثم قالت له بخجل انها غير جائعة الان و سألته هل تستطيع الاحتفاظ بهذا الطعام لوقت اخر وافق بالطبع و وجدها تقول له انها مضطرة الى العودة الى منزلها كان الظن الخبيث في رأسه انها ستتجه الى زبون اخر قال لها ببرود انه يود زيارة بيت تايلندى من الداخل ارتبكت قليلا و قالت ان البيت غير منظم و قد يبدو غير مناسب للزيارة زادت لكنته عنادا و برودا و هو ينظر الى عينها قائلا انه مصمم على هذا الطلب و الا فانه لن يعطيها اموال اخرى قامت امامه مطأطاة الرأس لمح في عينها شبح دمعة كان يسير ورائها متحسبا اى محاولة منها للهروب اوقفت سيارة ريكشو صغيرة انحشرا فيها و خاطبت السائق بهذه اللهجة العجائبية سارت السيارة في حوارى ضيقة جعلته يتذكر امبابة و حواريها الضيفة و ازقة بولاق و شبرا
كانت المدينة هنا غيرها هناك حيث الفنادق و المحال التجارية ة المتع اللانهائية شعر بأن الموقف سخيف جدا و شعر بأنه ضيف ثقيل و شعر بصدق المرأة لكن لم يكن هناك مجال للتراجع او النزول توقفت السيارة امام منزل قديم نصفه من الخشب و الباقى صفيح و ادوات اخرى نزل و هو يستعد لما قد يكون بالداخل فتحت المرأة الباب كانت رائحة البيت لا تطاق مزيج من العطن و الرطوبة و رائحة القاذورات تزكم الانوف كان الظلام يدارى كل شئ لم يجرؤ على الدخول حتى انارت مصباح صغير ازاح عن عينه بعض الغشاوة كان البيت خاليا من اى شئ له اسم لا اثاث بالمعنى المعروف و لا اسرة بل بعض عروق الخشب اسندت الى جوار بعضها البعض و من ركن بعيد سمع فحيح غريب اصوات غريبة تدل على وجود كائنات ما هنا اشارت اليه بالدخول و هى تجرى الى الداخل اسرع الخطوات ورائها و بهت من المنظر كلبان صغيران يجلسان و بينهما يبدو شئ مكوم على الارض حينما نظر اليه جيدا ادرك انه لطفل او طفلة الشعر محلوق نهائيا و الجسد مكوم على الارض بلا هوية واضحة و حينما اقترب من المكان بهت فثمة رباط معدنى يربط الجسد الطفولى الى الحائط كانت الام تفك هذا القيد نظر الى الجسد بتركيز كان الواضح انها مختلة عقليا و مصابة فوق ذلك ببعض الاعاقات الجسدية كانت الطفلة تعانى فيما يبدو من عدة امراض نظر الى الام و هى تسحب الطفلة الى حضنها و لم تكن الام تنتظر ان يسالها قالت انها مختلة العقل و لهذا فهى مضطرة الى تقييدها في الحائط حتى لا تؤذ نفسها تفجرت فيه بعض مشاعر الانسانية اخذ الطفلة في حضنه و قبلها اخرج كل ما في جيبه و اعطاه للطفلة و ربت على كتف الام و قال لها ابنتك جميلة و قال لها من فضلك ابقى مع ابنتك اليوم و انا نتظرك في الغد استدار و هو يغالب شعور دفين بالخجل و خرج
Comments