القائمة الرئيسية

الصفحات

كشف حساب المكاسب و الخسائر

ها هي الحرب قد انتهت فمن ربح فيها و من خسر و حينما اتحدث عن المكاسب و الخسائر لا نتحدت عن الجوانب العسكرية بل عن الوضع بعد العدوان مقارنة بأوضاع ما قبل العدوان داخل غزة : حماس و فتح قامت الحرب و الهدف الاساسي منها هو القضاء علي حماس لكن العدوان انتهي بعد أن توطدت سلطة حماس و شرعيتها سواء داخل غزة او علي المستوي الدولي و اصبحت طرف حقيقي في اي تسوية او محادثة و حتي لو اصطنع بعض الساسة الاجانب او العرب عدم رؤية الواقع و الوقائع فإن حماس موجودة و الحرب التي شنت للقضاء عليها زادت حماس رونقا و سمعة و الدليل علي انتصار حماس هو ماقاله اردوغان إن اي تحرك في غزة يجب ان يحترم فوز حماس بأنتخابات شعبية و هذا بداية القبول الدولي بالشرعية القانونية لحماس لكن ماذا عن فتح ؟ تواصل فتح انفصالها عن قضية شعبها تشبسا بسلطة وهمية و كرسي مهتز لقد انهزمت فتح ( السلطة ) امام شعبها اولا قبل ان تنهزم امام العالم فالسلطة ترفض مجرد الاشارة الي المطالبة بمحاكمة الاسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب و السلطة تمارس ضغطا لاستمرار الحصار بالاصرار علي التمسك بأتفاق 2005 و السلطة تمارس ضغوط لوضع يدها علي الاموال الموضوعة لغزة رغم إن فتح بكل مستواياتها لم تجرؤ علي الظهور علي مسرح العمليات بغزة و هل يعقل ان تستمر حرب 23 يوم دون ان يقوم رئيس الدولة بزيارة القطاع و تفقده ؟ إن العدوان الصهيوني اثبت الحاجة الي القيام بأصلاحات بنيوية و هيكلية داخل منظمة التحرير الفلسطينية حتي تتماشي علي الاقل مع اسمها فأين التحرير الذي حققته المنظمة منذ أن دخلت الاراضي المحتلة ليس فقط في غزة فالمذابح في جنين و الجدار العازل يثبت أن المشكلة ليست مع حماس و قاصرة علي قطاع غزة بل إنها مشكلة فلسطين مع العدو المحتل اما من يتجاهل هذا الامر و يسوق الموضوع علي اساس اصل الموضوع إن حماس عاملة مشاكل و ربنا يسهل و تتحل فهذا تفكير خاطئ و تسويق لبضاعة مغشوشة هذا علي مستوي الداخل الفلسطيني فماذا عن الداخل الاسرائيلي ؟ دخلت اسرائيل الحرب بنظام المقامرة فإما أن تكسب شئ او اشياء او أن تخسر كل شئ و البداية كانت في رغبة حزب كاديما في حسم الانتخابات القادمة و كان واضحا ان ساسة اسرائيل مقتنعين إن اسهل طريق للنجاح ليس الاقتصاد و لا القضاء علي البطالة بل الدم الفلسطيني تزامن ذلك مع الرغبة في التشويش علي سلسلة الفضائح و التحقيقات مع اولمرت و كانت الرغبة و الهدف هي القضاء علي الصواريخ و علي بنية حماس و ظنت ان الهدف سيتحقق في ايام من الهجوم لكن استمرت الحرب 23 يوم و استمر استهداف المدنيين دون ان تتوقف صواريخ حماس و دون ان تفقد حماس توازنها مما اضطر اسرائيل الي ايقاف الحرب دون ان تحقق اسرائيل اهدافها و هكذا كانت فرصة الليكود للتقدم علي كاديما في استطلاعات الرأي التي تلت وقف اطلاق النار ليحقق الليكود نصرا في حرب لم يخضها في تل ابيب علي حساب حرب لم تكسبها اسرائيل في غزة و هكذا انقلبت خطة كاديما الي وبال عليهم يتبقي حساب المكاسب و الخسائر اقليميا و امامنا دولتين هما مصر و تركيا‎ ‎‏ و الواضح أن تركيا ربحت الكثير دون ان تبذل اي مجهود وارباح تركيا جاءت علي مستويين فعلي المستوي الاقليمي سعت تركيا لتكون رقم فاعل في المنطقة و نجحت في فرض نفسها علي جدول المتحدثين و لم تعد الانظار تكتفي بالتوجه الي مصر او السعودية او الاتحاد الاوربي بل اصبح من الضروري الاصغاء الي الصوت التركي اما علي المستوي الاشمل فقد ارادت تركيا لفت انتباه الاتحاد الاوربي الي اهمية تركيا في السياسة العالمية المعاصرة لعل و عسي تسهل لها دخول الاتحاد الاوربي كما ارادت تركيا اظهار نفسها الجسر بين العالم الاسلامي و اسرائيل دون ان تخسر المسلمين داخل تركيا و هم قاعدة اردوغان الانتخابية و دون ان تفقد في نظر العالم كله دور الوسيط النزيه و ربحت تركيا بالنقاط لكن ماذا عن مصر ارغب في البداية ان اوضح انه حينما يتعلق الامر بالامن القومي لمصر فلا مجال لاحد ان يدعي انه يحب مصر اكثر من الاخرين و لا مجال لأحد ان يدعي انه يعلم ما لا يعلمه الاخرون فالاساس ان المصريون كلهم سواء في حبهم لمصر و كلهم لديهم ذات المعطيات المتاحة و من هنا فلا يحق لفريق اتهام فريق اخر بإنه لا يحب مصر او ان يتهمه بالخيانة او العمالة كما لا يحق لاحد ان يقول لاخر ان هناك اشياء سرية لا يعلمها احد في ظل اجواء اخبارية و اعلامية مفتوحة و تعالوا لنري مكاسب و خسائر مصر خسرت مصر حينما اتاحت الفرصة للبعض لتصوير مصر بإنها في مربع واحد مع اسرائيل ضد فلسطين و خسرت مصر حينما لم تكن تصرفات مصر تتوازي مع الهتافات ضدنا في العديد من دول العالم و خسرت مصر من جراء معارك وهمية كلامية خاضها وزير الخارجية ضد حزب الله و ضد ايران و كانت النتيجة المباشرة للهجوم علي نصر الله ان المسيحيين اللبنانين و ليس الشيعة علقوا صوره علي المسابح بجوار صورة العذراء و يخسر العرب و فيهم مصر من محاولة ايجاد صراع ليس وقته و لا ظرفه المناسب و كان الاجدر بوزارة الخارجية توفير طاقتها لصراع قانوني و سياسي مع اسرائيل و خسرت مصر من توترها الخطابي و الاعلامي و لم يكن اداء الخارجية و الاعلام في هدوء و كياسة مؤسسة الرئاسة و خسرت مصر بأضطرارها الي قبول تدخل لاعب جديد الي الميدان و بدلا من الشكوي الدائمة من محاولات ايران فرض الهيمنة علي المنطقة اصبح لدينا مخاوف اخري من تطلعات ذئب الاناضول و خسرت مصر صعود بعض الدويلات الصغيرة و تلميع صورتها و صوتها في ظل تراجع الاداء الاعلامي شكلا و مضمونا بحيث اصبح الاعلام الرسمي بعيدا جدا عن شكل و محتوي باقي وسائل الاعلام ما ادي الي انصراف شرائح كثيرة من الناس الي وسائل اعلام اخري أما محايدة او غير ذلك لتفوق غيرنا كثيرا اعلاميا و لسنا هنا في مجال بحث إن كانت تلك الوسائل علي حق ام لا و لكننا نقول ان قطاعات كبيرة اصبحت تعتمد علي ما تبثه قنوات الجزيرة و العربية و المنار و غيرها من القنوات دون أن تكون وسائل مصر الرسمية حاسمة في اذهان المواطنين كل هذه كانت خسائر مصر و ربما اكثر و لمن قد يشكك فيما اقول فله ان يراجع ما كتبه اشخاص لا يشكك احد في رجاحة عقلهم مثل د حسن نافعة و الاستاذ فهمي هويدي و الاستاذ مصطفي بكري و غيرهم من اقلام مصرية رزينة لكن هل خرجت مصر من عدوان غزة بلا اي مكاسب ؟ هناك مكاسب و ان كانت محدودة و معنوية اهمها في اعتقادي تذكير المصريين بأن السلام مع اسرائيل لا يعني ان شرها قد انتهي و كذلك تذكيرنا بأنه ليس معني صداقتنا لأمريكا و اسرائيل الا تتفق الدولتان علي ما قد يضرنا فهاهم يتفقان على المس بسيادتنا دون ادنى اعتبار لمكانة وقيمة مصر و كذلك كسبنا من الحرب تذكير الشباب بأن امثالهم في اسرائيل لا يكتفون بتصفيف الشعر و مواعدة الفتيات بل إن بلادهم تعتمد عليهم في خططها بصرف النظر عن إذا كانت الخطط صائبة أم لا ان هذه المكاسب و الخسائر يجب ان تقيم و ليس معنى اننا قد افلتت منا الزعامة لفترة ان نعتبر ذلك نهاية المطاف بل يجب تنشيط الدور المصرى و استعادة زمام الامور في مينى وزارة الخاجية و ليس في مبنى المخابرات فقط و يجب تنشيط ادوات مصر كافة من اعلام قوى صادق و ازهر قوى قائد و استعادة دور مصر في المحافل الدولية و خاصة منظمة دول عدم الانحياز
author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments