القائمة الرئيسية

الصفحات


تعريف الإحسان

هو لغة ضد الإساءة ورجل محسن ومحسان ، الأخيرة عن سيبويه ، والمحاسن في الأعمال ضد المساوئ وقوله تعالى (الرعد/22) أي يدفعون بالكلام الحسن ماورد عليهم من سيء غيرهم ، وحسنت الشيء تحسيناً زينته وأحسنت إليه وبه ، وروى الأزهري عن أبي الهيثم أنه قال في قوله تعالى في قصة يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام (وقد أحسن بي إذا أخرجني من السجن) { يوسف /100} أي قد أحسن إلي .


الإحسان إصطلاحاً :

يختلف معنى الإحسان إصطلاحاً بإختلاف السياق الذي يرد فيه ، فإذا إقترن بالإيمان والإسلام كان المراد به : الإشارة إلى المراقبة وحسن الطاعة ، وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عندما سأله جبريل : ما الإحسان ؟ فقال: (( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ))
أما إذا ورد الإحسان مطلقاً فإن المراد به فعل ماهو حسن ، والحسن وصف مشتق من الحسن الذي يراد به إصطلاحاً فيما يقول الجرجاني : ( مايكون متعلق المدح في العاجل والثواب في الأجل ) وذهب التهانوي إلى أن لفظ الحسن يطلق ويراد به إصطلاحاً واحد من أمور ثلاثة :

الأول : كون الشيء ملائِماً للطبع وضده القبح بمعنى كونه منافراً له .
الثاني : كون الشيء صفة كمال وضده القبح وهو كونه صفة نقصان وذلك مثل العلم والجهل .
الثالث : كون الشيء متعلق المدح وضده القبح بمعنى كونه متعلق الذم .
وقال المناوي : الإحسان إسلام ظاهر يقيمه إيمان باطن ، يكمله إحسان شهودي ، وقال الراغب : الإحسان فعل ما ينبغي فعله من المعروف وهو ضربان أحدهما :
الإنعام على الغير ، والثاني الإحسان في فعله وذلك إذا علم علماً محموداً وعمل عملاً حسناً ، ومنه قول علي رضي الله عنه ( الناس أبناء ما يحسنون ، أي منسوبون إلى مايعلمون ويعملون .


فضل الإحســان :

أ -معية الله للمحسنين ( وكفى به شرفاً )

( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) }لنحل 128 / مكية{

(والذين جهدووا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) }العنكبوت 69 / مكية {

ب -حب الله للمحسنين ( وكفى به جزاء )

( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بإيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) }البقرة 195 / مدنية{ .

( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) }آل عمران 134 / مدنية{ .

ج -جزاء الإحسان في الدنيا والآخرة

( وإذا قلنا أدخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلو الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين ) }البقرة 58 / مدنية{ .

( فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين ) }المائدة 85 / مدنية{ .

( وأصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) }هود 115 / مكية{

( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عملاً ) }الكهف 7 / مكية{

(إن الذين آمنو وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) }الكهف 30 / مكية{ .



أنواع الإحسان :

يأتي الإحسان على درجات متعددة ، ماكان في جانب الله تعالى مما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث المشهور (( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ودونه التقرب إلى الله تعالى بالنوافل .

وتأتي بعد ذلك مراتب أخرى للإحسان سواء في القصد أو النية يعد أمراً مهما إذ لابد أن تنفي تنقية سليمة وافرة ، أما الإحسان في الفعل أي في المعاملة مع الخلق فيكون فيما زاد على الواجب شرعاً ، ويدخل فيه جميع اللأقوال والأفعال ومع سائِر أصناف الخلائِق إلا ما حرم الإحسان إليه بحكم الشرع .

ومن أدنى مراتب الإحسان ، ماورد في الصحيحين : (( أن إمرأة بغيا رأت كلباً يلهث من العطش ، ياكل الثرى ، فنزعت خفها وأدلته في بئر ، ونزعت فسقته فغفر الله لها )) ، وفي الحديث الشريف (( إن لله كتب الإحسان على كل شيء ن فإذا قتلتم فأحسنوا الذبحة )) رواه مسلم .

فإلى حقيقة الإحسان ترجع أصول وفروع وآداب المعاشرة كلها في المعاملة والصحبة ، والعفو عن الحقوق الواجبة من الإحسان لقوله تعالى ( والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) }آل عمران / 134{.

الدرجة الأولى : الإحسان في القصد بتهذيبه عِلماً وإبرامه عزماً وتصفيته حالاً .

الدرجة الثانية : الإحسان في الأحوال وهو أن تراعيها غيرة ، وتسترها تظرفاً ، وتصححها تحقيقاً ، والمراد بمراعاتها : حفظها وصونها غيرة عليها أن تحول فإنها تمر مر السحاب ، وتكون المراعاة أيضاً بدوام الوفاء وتجنب الجفاء .

الدرجة الثالثة : الإحسان في الوقت وهو الا تزايل المشاهدة أبداً ، ولا تخلط بهمتك أحداً ، والمعنى في ذلك أن تتعلق همتك بالحق وحده ولا تعلق همتك بأحد غيره .




القيمة التربوية للإحسان :

قال أحد المعاصرين : الإحسان من عناصر التربية الواعية نأخذه من قوله تعالى ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) }البقرة / 195{ ، والإحسان في صورته العليا صفة رب العالمين لأن الإساءة تنتج عن الجهل والعجز والقصور وما إلى ذلك من أوصاف مستحيلة على الله تعالى إنه سبحانه تحدث عن صنعه للكون الكبير فقال ( صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون ) }النمل /88 {، وطلب إلى الناس أن يفتشوا عن مأخذ في هذه الصناعة يشينها وهيهات .

أثر الإحسان :

1/ الإحسان من اهم وسائل نهضة المسلمين : إن الإحسان يقتضي من المسلم إتقان العمل المنوط به إتقان من يعلم علم اليقين إن الله عز وجل ناظر إليه مطلع على عمله ، وبهذا الإتقان تنهض الأمم وترقى المجتمعات .

2/ إحسان الله إلى عباده : إذا تدبر العبد علم أن ماهو فيه من الحسنات من فضل الله فشكر الله تعالى فزاده من فضله عملاً صالحاً ونعماً يفيضهما عليه وإذا علم أن الشر لا يحصل له إلا من نفسه بذنوبه ، أستغفر وتاب فزال عنه سبب الشر ، فيكون البعد دائِماً شاكراً مستغفراً ، فلا يزال الخير يتضاعف له ، والشر يندفع عنه ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته ( الحمدلله ) فيشكر الله ثم يقول ( نستعينه ونستغفره ) نستعينه على طاعته ونستغفره من المعصية ، ثم يقول ( ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ) فيستعيد به من الشر الذي في النفس .

بين الحسنة والإحسان :

قال الفيروز ابادي : الحسنة يعبر بها عن كل ما يسر من نعمة تنال الإنسان في نفسه وبدنه وأحواله ، قال تعالى ( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله ) }النساء /78{ ، أي خصب وسعة وظفر أما الإحسان فإنه يقال على وجهين :
أحدهما : الإنعام على الغير ،
والثاني : الإحسان في الفعل أو العمل ، وعلى هذا قول الإمام علي – كرم الله وجهه ورضي عنه ( الناس ابناء مايحسنون ) أي منسوبون إلى مايعملونه من الأفعال الحسنة ، والعلاقة بين الأمرين واضحة لإن من يحسن إلى نفسه بإخلاص التوحيد والعبادة أو إلى غيره بالقول أو الفعل فإن ذلك يثمر له الحسنى وهي الجنة فالحسنة والإحسان كلاهما مأخوذان من الحسن الذي من شأنه أن يسر من يتحلى به في الدنيا والآخرة .

ومن أثر الإحسان ايضاً النصر والغنيمة كما في قوله تعالى ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم ) }آل عمران /120{، ومن هذا يتضح الإرتباط الكامل والعلاقة الجوهرية بين الإحسان وأثره ومعانيه كافة ، فإذا كان الإحسان شجرة فالحسنة ثمرته ، ولما كانت الشجرة طيبة كانت الشجرة طيبة كانت ثمرتها حلوة المذاق حسنة المنظر في الدنيا والآخرة .

وفيما يتعلق بالعدل فإن الإحسان فوقه لأنه إذا كان العدل يعني أن يأخذ الإنسان ما له ويعطي ماعليه ، فإن الإحسان يعني أن يأخذ الإنسان أقل ماله ويعطي أكثر ماعليه ، فالإحسان بذلك زائد على العدل وإذا كان تحري العدل من الواجبات فإن تحري الإحسان ندب وتطوع ، وكلاهما مأمور به في قوله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) }النحل /90{ .


author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments