اقرؤوا هذا المقال و قولوا لى لماذا رجل مثل هذا يكون تحت رئاسة رجل تعبيرى مثل سرايا احمد سيد النجار يكتب حول الالتفاف حول حكم القضاء في قضية مدينتى اقرؤوا مقال في الاهرام من رجل ينتمى الى هذا الشعب و الى هذه المؤسسة المتهاوية
مدينتي بين القضاء العظيم ولجنة الحل
بقلم: احمد السيد النجار
شهدت الأيام الماضية طوفانا من الكتابات حول الحكم الذي أصدره القضاء المصري العظيم بشأن عقد أرض مشروع مدينتي والذي قضي ببطلان هذا العقد من خلال حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا,
مؤكدا أن ضمير مصر ممثلا في قضائها ما زال له رجال لا يخشون في الحق أحدا وهم الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة, مصطفي سعيد مصطفي حنفي, وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد وجعفر محمد قاسم, وعليوه مصطفي عيسي فتح الباب.
واستمر طوفان الجدل من بعض الإعلاميين المرتبطين بشبكة مصالح عنكبوتية مع كبار الرأسماليين والقيادات الإدارية والسياسية التي منحت هذا العقد أو عقود مشابهة له, حيث أثاروا الكثير من المخاوف غير المنطقية وغير المبررة بشأن تأثير الحكم علي مناخ الاستثمار في مصر.
وكأن المستثمرين لابد أن يخالفوا القانون ويحصلوا علي ما لا يحق لهم الحصول عليه ولا يحاسبهم أحد حتي لا تهتز صورة مناخ الاستثمار, وهي دعاوي غير عقلانية وتفتقد للحس الضميري والمسئولية عن حقوق الدولة والشعب, لأن المغامرين والمضاربين والأفاقين وحدهم هم الذين يبحثون عن أسواق تتسم بالفوضي وانتشار الفساد والمخالفات ولا توجد فيها رقابة أو قوانين يتم تطبيقها علي الجميع. أما المستثمرون الحقيقيون فإن دولة القانون تكون ضرورة لتسيير أعمالهم وحماية مصالحهم ومنع حدوث تمييز بينهم وبين أي مستثمر آخر مهما كان نفوذه السياسي أو الإداري, وهي ضمانة لمنع ومكافحة الفساد الذي يضاعف الأعباء عليهم.
وتواصل الجدل بعد صدور توصيات اللجنة القانونية التي أمر الرئيس بتشكيلها لحل أزمة هذا العقد الباطل بحكم القضاء, حيث أوصت اللجنة باسترداد الدولة للأرض وإعادة بيعها بالأمر المباشر وبنفس الشروط القديمة تقريبا, للشركة العربية للمشروعات والتطوير.
وقد استندت اللجنة القانونية التي قدمت توصيتها المشار إليها إلي المادة31 مكرر المضافة بالقانون148 لعام2006, إلي قانون المزايدات والمناقصات, والتي نصت علي أنه استثناء من أحكام المادتين31,30 من هذا القانون, يجوز الترخيص بالانتفاع أو بالتصرف في الأراضي بطرق الاتفاق المباشر لواضعي اليد عليها الذين قاموا بالبناء عليها أو باستصلاحها واستزراعها من صغار المزارعين, بحد أقصي مائة فدان في الأراضي الصحراوية, وعشرة أفدنة في الأراضي الزراعية القديمة.
وبشكل قاطع فإن اللجنة القانونية وقعت في خطأ جسيم سيسهل الطعن علي التعاقد الجديد في أي عملية تقاضي من رافعي القضية القديمة أو غيرهم, لأن النص القانوني الذي استندت إليه تلك اللجنة يضع حدا أقصي للمساحة التي يمكن الاتفاق بشأنها مع واضعي اليد علي الأراضي وهو مائة فدان في الأراضي الصحراوية, بينما مساحة أرض' مدينتي' هي ثمانية آلاف فدان أي80 ضعف المساحة القصوي المسموح بالاتفاق عليها. كما أن الشركة التي حصلت علي أرض' مدينتي' لم تقم بالاستصلاح والاستزراع والبناء اعتمادا علي نفسها, بل إن الدولة قامت مجانا ولصالح تلك الشركة, بمد البنية الأساسية الخارجية لها بتمويل من المال العام. كما أن مشروع' مدينتي', لم يكن بغرض الانتفاع الشخصي, بل هو مشروع عقاري تجاري تم بناؤه بغرض البيع للغير. والحقيقة أن تنفيذ الحكم بشكل مستقيم, يعني استرداد الحكومة للأرض وما عليها, لتحل هي محل الشركة التي كانت قد حصلت علي الأرض في كل التزاماتها وحقوقها إزاء المشترين للوحدات السكنية التجارية في المشروع حتي لا يضار أي أحد منهم, أما البحث عن نصوص قانونية وضعت بعد عقد' مدينتي' بسنة ولا تنطبق عليه أصلا, فإنه أمر يحتاج للمراجعة من الدولة التي عليها أيضا أن تحاسب المسئولين السياسين والإداريين المسئولين عن إهدار حقوق المال العام في هذا العقد. وأقصي ما يمكن القبول به في هذا الصدد هو إعطاء الشركة العربية للمشروعات والتطوير صاحبة العقد الباطل لأرض' مدينتي', القيمة الفعلية التي تكلفتها في بناء المشروع إذا كانت هناك نصوصا قانونية تسمح بمثل هذا الكرم. أما مكافأة المخالفين للقانون بمحاولة توفيق أوضاعهم بصورة مخالفة أيضا للقانون, فإنه أمر غير مقبول ولا يتسق مع ضرورات الحفاظ علي هيبة الدولة ونزاهتها.
ويمكن القول إجمالا أن توصيات اللجنة القانونية, هي نوع من الالتفاف غير المحكم وغير المقبول علي الحكم القضائي الذي تأسس علي صحيح القانون الذي سنته الدولة المصرية ولم يسنه لها أحد ويجب احترامه لأقصي درجة, لأن الدولة هي قدوة مواطنيها.
والحقيقة أن هناك قضايا أخري مشابهة لهذه القضية تتعلق بمساحات شاسعة من الأراضي المخصصة للبناء والتي تم تخصيصها بالأمر المباشر, أو الأراضي الزراعية التي تم تخصيصها بالأمر المباشر وفي مقدمتها أرض توشكا التي منحت لمشتر سعودي بشروط مروعة في إجحافها بحقوق مصر وشعبها, بدلا من منحها لأبناء النوبة لإعادتهم إلي موطنهم الذي تم تهجيرهم منه بعد بناء السد العالي وغرق أراضيهم, حيث أن أقل واجبات الامتنان لتحملهم عن مصر كلها, لأحد أكبر الآثار الجانبية لبناء السد العالي الذي أختير كأعظم مشروع بنية أساسية في العالم في القرن العشرين, هو إعادتهم لأقرب مكان لموطنهم بمنحهم الأراضي بنفس الشروط التي تم منحها بها للمشتري السعودي الذي حصل علي الفدان بخمسين جنيها. وعلي أي حال فإن الحكم التاريخي بشأن عقد' مدينتي' سيفتح الباب أمام قضايا وأحكام مشابهة, ولابد من الالتزام بالقانون لأقصي درجة لتفادي مثل هذه القضايا.
Comments