القائمة الرئيسية

الصفحات

هل كتب العوا هذا المقال ؟ و هل منع المقال من النشر ؟

الكنيسة.. والوطن (2)
دكتور محمد سليم العوَّا
· منذ سنين ناقشنا، في الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، سبل التعايش بين المسلمين وغير المسلمين في الوطن الواحد وفي أوطان شتى. وانتهينا يومئذ إلى إصدار وثيقة سميناها (العيش الواحد) أصبحت هي دستور عمل الفريق، ووصفت في تصديرها ـ بحق ـ بأنها «دعوة للناس، وشهادة بينهم، وميثاق للعمل العربي الإسلامي ـ المسيحي».
· وكان مما قررته تلك الوثيقة أن الحوار ينطلق «من احترام حق الآخر في اعتقاده، وتعزيز الأسس الدينية للعيش الواحد في وطن واحد» وهذا الحوار لا يستقيم «بغير احترام الخصوصيات والمشاعر والرموز والمقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية. ولا يقتصر ذلك على سلوك أهل كل من الدينين تجاه أهل الدين الآخر، وإنما يعبر عن نفسه كذلك في وقوف الطرفين معًا ضد أي امتهان لمقدسات أيِّ منهما أيًا كان مصدره» [الفريق العربي للحوار الإسلامي ـ المسيحي، الحوار والعيش الواحد، بيروت 2001].
· وفي سنة 2008 أصدر الفريق العربي نفسه وثيقته الثانية بعنوان «وثيقة الاحترام المتبادل بين أهل الأديان». وقد نصت هذه الوثيقة في فقرتها رقم (7) على أنه: «ينبغي على أهل كل دين ألا يخوضوا في خصوصيات دين آخر. وينطبق هذا على أهل المذاهب المختلفة والفرق المتعددة في الدين الواحد... وإشاعة أمر التعارض أو التناقض، بين عقيدة وغيرها من العقائد، لا يؤدي إلا إلى البغضاء والشحناء وإغراء الناس بعضهم ببعض...».
· ونصت الوثيقة نفسها في فقرتها رقم (9) على أنه: «من حق أهل كل دين أو عقيدة أن يتوقعوا من مخالفيهم تصحيح ما يرتكب في حقهم من خطأ، والاعتذار عما يصدر من هؤلاء المخالفين أو بعضهم من إساءة أو إهانة أو قول أو فعل لا يليق. ولا يجوز لمن وقع منه الخطأ: غفلة أو هفوة أن يستكبر عن تصحيحه أو يبحث عن تأويله وتبريره» [الفريق العربي للحوار الإسلامي ـ المسيحي، وثيقة الاحترام المتبادل بين أهل الأديان، بيروت 2008].
· وهذه المبادئ التي صاغها الفريق العربي للحوار الإسلامي ـ المسيحي للتعبير عما تراه جموع المؤمنين بالدينين حافظًا لوحدتها الوطنية، وعاصمًا لها من الفرقة، وحائلا بينها وبين التعصب الممقوت، لو اتبعها رجال الكنيسة المصرية في تناولهم للمسائل المتعلقة بالإسلام والمسلمين لما وقعت فتن كثيرة اصطلى بنارها المصريون جميعًا أقباطًا ومسلمين. والفتن، وحوادث التعصب ما يصاحبها من تطورات حمقاء من أيِّ من الطرفين، مهما خمد أورُاها وأطفأت جهود (المصالحة) نارَها، واعتذر المتسبب فيها، أو من يتحدث باسم جهة ينتمي إليها، عما كان منه ــ مهما وقع ذلك كله فإن الفتن المتوالية تتراكم آثارها في النفوس، وينشأ على ذكريات كل منها جيل أو أجيال من أبناء الوطن وبناته يفتقدون صفاء النفس نحو المخالف لهم في الدين، وينظرون إليه نظرة العدو المتربص لا نظرة الشريك في الدار، ولا نظرة الأخ في الوطن.
· فإذا تكلم الأنبا بيشوي أسقف دمياط وكفر الشيخ والبراري (المصري اليوم: 15/9/2010) عن الجزية ضاربًا عُرض الحائط بكل ما انتهت إليه الدراسات الإسلامية في شأنها، وكأن شيئًا منها لم يكن، فإن هذا الحديث لا يؤدي إلى شيء إلا إلى إثارة ضغائن الأقباط على إخوانهم المسلمين، وبعث فتنة لا مسوغ لها، تعمل عملها في هدم بناء الوطن بتحطيم علاقات الأخوة فيه. سيذكر الأقباط كلام الأنبا بيشوي عن الجزية وهم لم يدفعوها ـ ولا هو دفعها ـ قط، وسينسون كل العلاقات الوادة الراحمة بينهم وبين المسلمين المعاصرين لهم وهم لم يقبضوا الجزية قط!! فما الذي يستفيده نيافة الأنبا من هذه المسألة؟ وما الذي يعود على الشعب المصري من ذكرها؟
· وعندما يتحدث عن الاستشهاد، ويؤيده فيما قال رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، البابا شنودة، مفسرًا الاستشهاد بأنه في المفهوم المسيحي الموت في سبيل المبدأ أو العقيدة دون قتال لأن الاستشهاد في القتال موت وقتل وليس استشهادًا بالمعنى المسيحي. (حديثه مع الإعلامي عبد اللطيف المناوي، الحلقة الثانية، 27/9/2010).
أقول عندما يتحدث أنبا موقر والبابا نفسه عن هذا المفهوم فإن من واجبهما أن يراعيا، مع المفهوم المسيحي الذي يقولان به، المعنى العربي اللغوي، والمعنى الإسلامي، للاستشهاد، وهو الموت في سبيل الله؛ الذي قد يكون في قتال وقد لا يكون، كما في الرجل يقول كلمة حق عند سلطان جائر فيقتله، وقد سمي في الحديث النبوي (سيد الشهداء) وقرن بحمزة بن عبد المطلب t، فكيف غاب هذا عن الرجلين، وغيرهما، وهما يتحدثان عن الاستشهاد.
ثم إن هذا الذي يموت في سبيل العقيدة، بغير قتال، يموت بلا شك مظلومًا مضطهدًا، فأين هي مظاهر هذا الاضطهاد الذي سيصل بمن يقع عليهم إلى حد القتل في سبيل مبدئهم؟؟ إن الاعتذار عن التهديد بالاستشهاد بإيراد معناه في المسيحية لا يزيد الطين إلا بلة لأن يتضمن اتهامًا للمسلمين باضطهاد الأقباط، وهو اتهام باطل قطعًا فلا المسلمون في مصر يضطهدون الأقباط ولا الأقباط يضطهدون المسلمين، لكنه التلاسن السياسي الذي لم يستطع أحد أن يدرك ماذا أراد منه الأنبا بيشوي عندما أورده خارج سياق حديث (المصري اليوم) معه، وعندما نبهته الصحفية التي كانت تحاوره إلى السياق الصحيح للسؤال ذكرنا بأحداث سبتمبر 1981 ولم يصحح جوابه عن سؤالها.
· وأحداث سبتمبر 1981، فيما يخص الكنيسة القبطية، قطع كل قول فيها حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 934 لسنة 36ق التي كانت مقامة من البابا شنودة الثالث ضد رئيس الجمهورية وآخرين، والعودة إلى أوراق هذه الدعوى، وأسباب حكمها، لا تفيد نيافة الأنبا بيشوي ولا تفيد البابا. والحكم منشور في مصادر كثيرة يستطيع الرجوع إليها من شاء، إذ ليس المقام هنا مقام تذكير بأخطاء الماضي، لكنه مقام تصويب لما لا يصح من مقولات الحاضر.
· كما أقحم الأنبا بيشوي أسقف دمياط وكفر الشيخ والبراري، سكرتير المجمع المقدس في حديثه مع (المصري اليوم) حكاية (الضيوف) وذكر أحداث 1981، أقحم في بحثه المعنون (الميديا وتأثيرها على الإيمان والعقيدة) فقرة من 4 صفحات كاملة تتحدث عن القرآن الكريم، ومعاني بعض آياته، ومدى تناسق ما تذكره بعضها مع ما تذكره آيات أخرى. والبحث أعده صاحبه ليلقيه في مؤتمر العقيدة الأرثوذكسية 13 الذي عرف إعلاميًا باسم مؤتمر تثبيت العقيدة. واعترض على كلمة (تثبيت) البابا شنودة في حديثه مع الأستاذ عبد اللطيف المناوي (26/9/2010).
· ومما اتخذتُه سبيلا في علاقتي بإخواني غير المسلمين جميعًا ألا أدخل معهم في نقاش حول ديني أو دينهم، لأنني أعتقد أن الأديان والمذاهب مُطْلقاتٌ عند أصحابها، لا تحتمل التبديل ولا التغيير، ولا يقبل المؤمنون بها احتمال خطئها، صغيرًا كان الخطأ أم كبيرًا. إن الجائز بين أهل الأديان هو الإجابة عن سؤال أو شرح مسألة لمن لم يعرفها، إذا وُجِّه ذلك السؤال أو طُلِبَ هذا الشرح. وما سوى ذلك لا يجوز. وهذا هو مضمون ما تقرره وثيقتا: العيش الواحد، والاحترام المتبادل اللتين ذكرتهما آنفًا.
لذلك لن أعيد ما قاله الأنبا بيشوي في بحثه المذكور عن القرآن الكريم، فاعتقادي أنه ليس من حقه مناقشة القرآن ولا الجدل في شأن كيفية تفسيره، ولا محاولة التوفيق بين معاني بعض آياته ومعاني العقيدة المسيحية كما يؤمن بها هو ومن يتبعون مذهبه.
· غير أن كلام الأنبا بيشوي عن القرآن الكريم فيه مسائل تحتاج إلى بيان. ولست أوجه هذا البيان له وحده، ولكنني أوجهه إلى كل من قرأ بحثه أو استمع إليه، أو تابع ما نشرته الصحف وأذاعته وسائل الإعلام عنه.
- المسألة الأولى: أن الأنبا بيشوي نقل كلامًا نسبه إلى الفخر الرازي (أبو الفضل محمد فخر الدين بن عمر بن الحسين الرازي المتوفى سنة 606) في كتابه: التفسير الكبير، قال الأنبا بيشوي إن الفخر الرازي يقول عن تفسير قوله تعالى: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم} [النساء:157] بأن المصلوب شخص غير عيسى بن مريم عليه السلام: «إنها إهانة لله أن يجعل شخصًا شبهه يصلب بدلا منه، لأن هذا يعني أن الله غير قادر على أن ينجيه. وهكذا فقد أورد لنا أدلة لم نذكرها نحن من قبل... وقال أيضًا ما ذنب الذي صلب في هذه الحالة إن هذا يعتبر ظلم (كذا)....» [ص43 من بحث الأنبا بيشوي والنقاط الثلاث من أصل نصه].
- ولا يقتضي الأمر أكثر من الرجوع إلى التفسير الكبير ليتبين القارئ الكريم أمرين: الأول، أن الألفاظ التي زعم الأنبا بيشوي أنها من كلام الفخر الرازي لا توجد في كلامه قط. الثاني، أن الفخر الرازي أورد الأقوال في شأن قوله تعالى {ولكن شبه لهم} وردَّ عليها، واختار أصحها في نظره، وأنه لما ناقش كيفية إلقاء شبه المسيح عليه السلام على الشخص الذي صلبه اليهود والرومان ذكر أربعة أقوال في شرح تلك الكيفية وانتهى إلى أن «الله أعلم بحقائق الأمور». ولم يرد في كلامه في أي موضع تعبير (إن هذا يعتبر ظلمًا) ولا تعبير (أن هذا يعني أن الله غير قادر على أن ينجيه). [تفسير الفخر الرازي، ج11، ط المطبعة المصرية، القاهرة 1938، ص 99. ورقم الآية من سورة النساء هو 157 وليس 156 كما ذكره الأنبا بيشوي].
وأنا أترك للقارئ أن يحكم على هذا الصنيع ومدى صلته بالعلم، الذي من بركته عندنا الدقة في نسبة كل قول إلى قائله، ومدى صلته بواجب الأحبار والرهبان في حفظ أمانة الكلمة وتأديتها إلى الذين يتحدثون إليهم.

- المسألة الثانية: أن الأنبا بيشوي يحكي قصة حوار بينه وبين الملحق العسكري المصري في منزل سفير مصر في قبرص (لم يذكر اسم السفير ولا اسم الملحق العسكري) وينتهي منها إلى أن الملحق العسكري وافقه على تفسيره لقول الله تعالى {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح عيسى بن مريم قل فمن يملك من الله شيئًا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير} [المائدة:17].
ودون دخول في تفصيلات الحوار الذي ذكره الأنبا بيشوي، أقول إنه حوار لا معنى له ولا جدوى منه، ودار ـ إن صحت الرواية ـ بينه وهو غير مختص ولا متخصص وبين رجال مثله غير مختصين ولا متخصصين، فكان حاصله صفرًا ، لا يقتضي تعقيبًا ولا يستحق ردًا. لكن المهم في الأمر كله أن محاولة إعادة فهم القرآن الكريم على خلاف ما فهم منه على مدى التاريخ الإسلامي كله محاولةٌ مآلها الإخفاق، ونتيجتها إثارة الفتنة بين الأقباط والمسلمين إذا ردد الأقباط فهم الأنبا بيشوي وفهم الملحق العسكري!! وقد كان حريًا بالأنبا بيشوي ألا يقتحم هذا المجال أصلا فليس هو من رجاله ولا أهله. ومما يحسُنُ بالمرء ألا يهرف بما لا يعرف وبخاصةٍ إذا ترتب على ذلك أن تحدث وقيعة بين أبناء الوطن الواحد يحمل وزرها الذين يجادلون فيما ليس لهم به علم.
- المسألة الثالثة: أن الأنبا بيشوي يتساءل عما إذا كانت الآية الكريمة (وصفها من عندي) «قيلت أثناء بعثة نبي الإسلام، أم أضيفت أثناء تجميع عثمان بن عفان للقرآن الشفوي وجعله تحريري(؟)، لمجرد وضع شيء ضد النصارى» ويتساءل قبل ذلك عما إذا «كانت قد قيلت وقتما قال نبي الإسلام القرآن أم أنها أضيفت فيما بعد، في زمن متأخر».
والتساؤلان غير مشروعين، وفي غير محلهما، ووجها إلى من لا شأن له في الجواب عليهما.
فالنبي r لم (يقل) القرآن, إنما تنزل عليه القرآن من لدن عليم حكيم. وأنا لا أريد من نيافة الأنبا، ولا من أي مسيحي، أن يقر لي بنبوة محمد r لأنه إن فعل ذلك خرج من عقيدته الحالية، وليس هذا مطلبي. لكنني أتوقع منه أن لا يهين كتابنا الكريم (القرآن) وينسبه إلى مخلوق، ولو كان هو النبي نفسه، لأن في ذلك إهانةً لا تقبل، ومساسًا لا يحتمل بالإسلام نفسه.
والخليفة الثالث، عثمان بن عفان، لم يحوّل القرآن من شفهي إلى تحريري. بل كان القرآن الكريم يكتب فور نزوله على النبي r آية آية، وقطعة قطعة، وسورة سورة، وهذا كله مبسوط في كتب علوم القرآن التي لو طالعها أي ملمٍ بالقراءة والكتابة لم يقل مثل الكلام الذي كتبه الأنبا بيشوي في بحثه.
وأخشى ما أخشاه أن يفهم المسلمون الذين يقرأون كلام الأنبا بيشوي أن المقصود هو التسوية بين النص القرآني المتواتر بلا خلاف وبين نصوص دينية أخرى لم تدون إلا بعد أكثر من مئتي سنة من انتهاء عصر الأنبياء المنسوبة إليهم.
ومثل هذه المحاولة تعني التشكيك في تواتر القرآن. والتساؤل عما إذا كانت آية ما أضيفت إلى القرآن الكريم «في زمن متأخر» تكذيب لا يقبله مسلم، بقول الله تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر:9].
· ولذلك فقد أحسن البابا شنودة عندما قال في حديثه مع الأستاذ عبد اللطيف المناوي: «آسف إنه يحصل جرح لشعور المسلمين، ونحن مستعدون لأي ترضية» (الحلقة المذاعة في 26/9/2010).
والترضية الواجبة لا تكون إلا بأن يعتذر الأنبا بيشوي نفسه عما قال وفعل وكتب. إن البابا شنودة، وهو رأس الكنيسة لا يجوز أن يتحمل أوزار المنتسبين إليها. ولا يُسْتَغنى بأسفه الشخصي عن اعتذار المخطئ من رجال الكهنوت خطأً يثير الفتنة ويحتمل أن يدمر بسببه الوطن. والبابا شنودة أسِفَ وهو لم يقرأ كلام الأنبا بيشوي، ولا استمع إليه، ولا رأى الأنبا بيشوي نفسه منذ نشر كلامه المسيء إلى الإسلام والمسلمين (حلقة 26/9/2010 مع عبد اللطيف المناوي) فأسفه كان لمجرد مشاعر نقلها إليه، برقةٍ بالغةٍ ولطفٍ ملحوظٍ، الأستاذ عبد اللطيف المناوي، وهو أسَفٌ حسن لكنه لا يغني من المطلوب، الواجب، المستحق للمسلمين المواطنين عند الأنبا بيشوي نفسه، شيئًا. ولا يشك أحد في أن البابا بسلطته الروحية والإدارية على جميع رجال الكنيسة قادر على إلزام الأنبا بيشوي بإعلان اعتذاره بلا مواربة ولا التفاف حول الأمر بكلمات هي معاريض لا تسمن ولا تغني من جوع. وما لم يتم ذلك فإن الترضية التي أبدى البابا استعداده لها لا تكون قد تمت، ويبقى الجرح مفتوحًا حتى تتم فيلتئم، وتعود العلاقة مع الكنيسة سيرتها الأولى، ويتجنب الوطن زلزالا لا يبقي ولا يذر.
· فإذا أبى الأنبا بيشوي أسقف دمياط وكفر الشيخ والبراري، سكرتير المجمع المقدس ذلك، فإنه لا يبقى أمامنا إلا أن نطبق ما يأمرنا به قرآننا فنقول له:
{الحق من ربك فلا تكن من الممترين. فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} [آل عمران: 60-61].
· لقد أحسن البابا شنودة ـ أيضًا ـ عندما قال للأستاذ المناوي: «الآية التي ذكرت كانت آية يعني مش أصول أن ندخل في مفهومها» (حلقة 26/9/2010) «مش عارف إزاي حصل سرد لحاجات زي دي، ربما كان المقصود أن يعرضوا آيات ليصلوا إلى حل للخلاف اللي فيها لكن ما كانش أصول إنها تعرض خالص، كما أنهم ظنوا أن هذا مؤتمر للكهنة فقط فكأنه ناس بيفحصوا بعض أمور جوه البيت مش للخارج. بعض الصحفيين حضروا وأخذوا الحاجات وبدأوا ينشروا» (الحلقة نفسها).
· وليس خفيًا أن الكهنة مهما علا كعبهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى حلول للخلاف بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية الذي تعبر عنه بعض آيات القرآن الكريم. فلا هم مؤهلون لهذا، ولا هو من علمهم أو شأنهم، ولن يستمع إلى ما يقولونه أحد من المسلمين. فلماذا يذكر القرآن أصلا في مثل هذا المؤتمر؟؟
والخلاف بين العقيدتين واقع أبدي لا يزول، فالبحث في التوفيق بينهما عبث يجب أن ينزه العقلاء أنفسهم عنه، ويصونوا أوقاتهم عن إضاعتها فيه.
وأن الأمر كان «داخل البيت» لا يسوغُ قبولُه مع ما نشرته الصحف التي ذكرت الموضوع من أن النص «وزع على الصحفيين».
وكم غضبت الكنيسة والأقباط كافة، من كلام كتب أو قيل داخل البيت الإسلامي، ومن كلام يقال داخل المساجد، بل من كلام قيل وكتب لمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف (كلام الدكتور محمد عمارة في تقريره العلمي عن كتاب: مستعدون للمواجهة، الذي أحاله المجمع إليه لكتابة تقرير عنه فلما كتبه قامت الدنيا ولم تقعد ـ وكاتب هذا الكتاب ينتحل اسم سمير مرقس، وهو قطعًا لا علاقة له بهذا الاسم، فصاحبه المعروف هو صديقنا المهندس سمير مرقس، وهو رجل وحدة وطنية بامتياز).
لقد كان كلام الدكتور محمد عمارة داخل المجمع، ونشر ملحقًا بمجلة الأزهر، وكان ردًا ولم يكن كلامًا مبتدأً، ومع ذلك كله فقد ثارت الكنيسة على نشره وطلبت سحبه من التداول وفعل الأزهر ذلك، محافظة على مشاعر الأقباط، وحرصًا على وحدة أبناء الوطن. فهل يأمر البابا شنودة الأنبا بيشوي بأن يفعل مثل ما فعلت القيادة الدينية الرسمية للمسلمين؟ أرجو مخلصًا أن يفعل.
· وغدًا نختم الحديث في هذه القضية كلها إن شاء الله.
author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments