تاريخ الملكية الزراعية في مصر موضوع هام من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية نعلم ارتباط مصر عبر التاريخ بالزراعة و بحكم ارتباطها بالنيل فقد اصبحنا دولة زراعية منذ فجر التاريخ و لهذا يعتبر تاريخ الملكية الزراعية من اهم محددات مصادر الثروة و الاموال في مصر .
و قد تغير نظام الملكية الزراعية عبر التاريخ حتى استقر في عهد الدولة العثمانية علي نظام الالتزام فكانت الاراضى الزراعية تقسم قسمين ارض الفلاحة يعطى للفلاحين لزراعته دون ان يكون له حق التصرف فى هذه الارض بالبيع أو الشراء، فهو يزرعها، وله محصولها، وعليه أن يسدد المال المقررعليه للملتزم، فإذا لم يدفع الفلاح مال الارض أوتسبب فى بوارها، كان من حق الملتزم أن ينتزعها منه
اما ارض الوسية فتمنح للملتزم مقابل ما يتحمله من أعباء و هي معفاة من الضرائب و بمرور الزمن أصبح حق التوريث شائعا في الالتزامات
ثم جاء محمد على فقضي على نظام الالتزام ففي 1814 امر برفع يد الملتزمين عن الاراضي الزراعية و اصبحت الدولة هي المتعامل المباشر مع الفلاح تحدد له ما يزرع نوعا و مساحة .
اقرأ ايضا : الاقتصاد الخليجى 2021
و قد انعم محمد علي علي بعض المقربين منه باراضي شاسعة سميت بالجفالك و هي اصل لنشوء الملكيات الكبيرة في القرن التاسع عشر و سمح لمالكيها الجدد بتوريثها .
و هكذا اصبح للكبار حقوق مقررة معلومة لهم فيها حق الارث و هو ما كان صعبا و مبهما لاصحاب الملكيات الصغيرة من الفلاحين المعدمين لدرجة ان الاجانب اقترحوا علي محمد على إقامة مطاعم جماعية بكل جفلك تقدم فيها للفلاحين
وجبات غذائية يقيمون بها أودهم و إقامة منسج بكل جفلك لصناعة القماش اللازم لملابس الفلاحين و كل هذا يعطي صورة واضحة عن احوال الفلاحين بمصر مما ادى الي شيوع ظاهرة التسحب و هي الهرب من الاراضي الزراعية و قد كانت هناك اوامر دائمة مشددة بإعادة الفلاحين الهاربين إلى أراضيهم بالقوة
و بالطبع و كما هو متوقع تأتى أسرة محمد على فى مقدمة كبار المالك الزراعيين عند نهاية حكمه كانت أسرته تضع يدها على 541441 فدان من أطيان اراضي الوسية بخلاف اراضي الابعادية
تطور الملكيات الزراعية في مصر في النصف الاول من القرن العشرين |
يوضح الدكتور جمال حمدان وضع ملكية الاراضي الزراعية في مصر قائلا ان : "عدد الملاك في مصر قبل يوليو 52، حوالي 2,8 مليون، أكثر من 2 مليون منهم يملكون 13% من المساحة الكلية، بمتوسط نصف فدان لكل، أي أنهم كانوا معدمين، في المجمل كان 94% من الملاك يملكون نحو 35% (ثلث الأرض)، هذا بينما كان الثلثان المتبقيان حكرا لنحو 6% من الملاك، منهم نحو 3,%، أي 3 في الألف يبتلعون وحدهم أكثر من (ثلث الأرض)!".
و قد تبنت الدولة عقب ثورة 1952 حركة اصلاح هيكل الملكية الزراعية من خلال تحديد الملكية الزراعية للأفراد، و تحديد مساحات الأرض التى يحق لكبار الملاك تملكها ، وتوزيع باقي المساحات على صغار الفلاحين ، و قد صدرت تعديلات متتالية متدرجة من 200 فدان إلى خمسين فدانًا للملاك و اسرهم من خلال قانون الإصلاح الزراعي الذى صدر في سبتمبر 1952 محددا الحد الأقصى للملكية الزراعية بـ200 فدان للفرد ، وسمح القانون أيضا للملاك ببيع أراضيهم الزائدة على الحد الأقصى لمن يريدون ، وأعطى لهم الحق في تجنب أراضي الآخرين المبيعة ، كما قرر القانون صرف تعويضات للملاك.
و تقرر توزيع الأراضي الزائدة على صغار الفلاحين بواقع (2 إلى 5 أفدنة) على أن يسددوا ثمن هذه الأراضي على أقساط لمدة 30 عامًا وبفائدة 3% سنويا، يضاف إليها 1.5% من الثمن الكلي للأرض.
وبلغ مجموع الأراضي التي يطبق هذا القانون عليها 653.3 ألف فدان مملوكة لـ 1789 شخص في حين ان التطبيق الفعلى للقانون انحصر في 372.3 ألف فدان فقط ، أما البقية وهي حوالي النصف فقد قام الملاك ببيعها بأساليبهم الخاصة حتى أكتوبر سنة 1953، حينما ألغت الحكومة النص الذي كان يتيح للملاك بيعها بأساليبهم.
وفي عام 1961، تم إصدار قانون الإصلاح الزراعي الثاني، ووفقا للقانون فقد تم تحديد الحد الأقصى لملكية الفرد 100 فدان، يضاف إليها 50 فدانا لبقية الأسرة للانتفاع فقط، وتحريم أي مبيعات للأرض من المالك لأبنائه، كما ألغى القانون الاستثناءات السابقة الخاصة بالأراضي قليلة الخصوبة.
وتقدر الأراضي التي آلت إلى الإصلاح الزراعي نتيجة هذا القانون بـ2214.1 ألف فدان. وفي عام 1969، تم إصدار قانون الإصلاح الزراعي الثالث، الذي جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 50 فدانا، على أن هذا القانون الأخير لم يجد فرصة للتطبيق في واقع الأمر.
و التفكير في اعادة الهيكلة لم يرتبط فقط بالمساحات التى تستقر في يد كبار الملاك و لكن كان لها وجه اخر فقد تم توزيع هذه الأراضي حسب أولويات معينة منها "من كان يزرع الأرض فعلًا مستأجرًا أو مزارعًا، ثم لمن هو أكبر عائلة من أهل القرية، ثم لمن هو أقل مالًا منهم، ثم لغير أهل القرية".
الاصلاح الزراعى حقق لمصرالاكتفاء الذاتي من كافة المحاصيل الزراعية ما عدا القمح الذي حققت منه 80% من احتياجاتها، وفي عام 1969 وصل إنتاج مصر من القطن إلى 10 ملايين و800 ألف قنطار، وهو أعلى رقم لإنتاج محصول القطن في تاريخ الزراعة المصرية، بينما وصلت المساحة المزروعة أرزًا في مصر إلى ما يزيد على مليون فدان وهي أعلى مساحة زرعت في تاريخ مصر في ذلك الوقت، وتم تجربة زراعة أنواع جديدة من القمح كالقمح المكسيكي، والقمح جيزة 155، واستصلاح ما يقرب من 2 مليون فدان بسبب السد العالي، وزادت مساحة الرقعة الزراعية بنسبة 15%، ولأول مرة تسبق الزيادة في رقعة الأرض الزراعية الزيادة في عدد السكان.
لقد كان سوء توزرع الملكية الزراعية في مصرقبل الثورة من اخطراسباب الغبن الاجتماعي والتخلف الاقتصادي وفساد الحياة السياسية و يجب لفت الانتباه الى ان طبقة الاقطاعيين و التى تملك حصة الاسد من الاراضي الزراعية كانت في نفس الوقت تحتكر مقاعد البرلمان و بالتالي هي التى تملك تمرير او اعاقة اى اصلاح اقتصادى او زراعى حقيقي بينما كان العدد الاكبر من صغار الملاك و بعيدين عن اى مشاركة في القرار فيما يخص اوضاع الزراعة المصرية مع استمرار هبوط مستوى ملكية الفرد 1899 متوسط ملكية الفرد 5.77 فدان و1909 هبط مستوى الملكية الي 4.01 و1919 هبط الي 2.66 و1939 هبط الي 2.35 .
Comments