القائمة الرئيسية

الصفحات

ميدان التحرير بالامس كان عبارة عن لوحة سيريالية الناظر اليها من بعيد قد لا يفهمها جيدا لكن المتأمل في كل تفصيلة على حدة يدرك ان هناك تناغم و تناسق يجمع كل هذه التفصيلات معا و التفصيلات كبيرة و مدهشة و تدل على ان كل طوائف الشعب موجودة و معترضة على هذا النظام فهى ليست مثلا احتجاجات الفئات الفقيرة على سوء المعيشة و ليست احتجاجات المثقفين على تدهور و تأخر وضع مصر على الساحة الخارجية هى ليست احتجاجات الاخوان الملمسن على قمع الحريات و ليست احتجاجات الاقباط على حقوق ضائعة و ليست احجاجات اساتذة الجامعات على تردى احوال مصر بل هى كل هؤلاء معا قد انصهرت في احتجاج واحد هو ان النظام استنفذ كل مبررات وجوده ان النظام بالفعل قد انتهى و ان الاعتراض الحقيقى في الشارع الان هو ان النظام المصرى حاليا يحاول تسجيل اهداف بعد صفارة نهاية المباراة فكل ما يحاول النظام الان تسجيله من اهداف لن تصفق لها الجماهير لن الحكم فعلا انهى المباراة و كل ما يبدو الان ليس في الوقت الضائع لن الناس في الشارع قالوا كلمتهم game over فكيف يسعد الملايين الان بما كان مفروض ان يتم منذ يوم 25 يناير ليلا و على الجميع ان يعى هذه النقطة ان الحكمة هى فعل الشئ المناسب في الوقت المناسب و ليس بعد ذلك .
التحرير بالامس كان غاصا بالتفاصيل التى لا تخلو من معنى منها مثلا
مشاركة كثير جدا من المعاقين سواء على كراسى متحركة او مستندين على عكازات ما يدل على انهم مصممين على التغلب على الامهم و صعوبات حياتهم و هذا شئ يقدر
الكثيرين من الناس كانوا يتبرعوا بشراء كميات من الاطعمة ليست كبيرة من الباتيه مثلا او السميط في حدود مقدرتهم المادية كيلو او اثنين ثم يمروا في الميدان يفرقونه و هم يقولوا محدش عايز كنتاكى ؟ طبعا وسط ضحك و سخرية من الرسالة الاعلامية المغلوطة و الحقيرة عن محاولة تلويث سمعة المصريين كلهم فمن يخرج للتحرير من اجل وجبة او خمسين جنيه ؟؟؟
السخرية تملأ الشارع بشكل غريب و تصنع لثورة الناس شكلا كرنفاليا يتسق مع الشخصية المصرية فمن محتج على انه لم يستلم المبالغ التى قال عنها التلفزيزن المصرى لمن يريد العودة الى بيته لأنه زهق من كنتاكى و من يبحث عن مجرم للعمل في فروع الحزب الوطنى كانت اليفط مثار ضحك و تعجب من قدرة هذا الشعب على ترجمة الاحداث الى مسرحية كوميدية بطول الميدان لدرجة تستحق معها لقب الثورة الساخرة
شدنى حوار غريب جدا بين سيدة واضح انها ثرية و جامعية و واضح انها من سيدات المجتمع و بين سيدة رقيقة الحال واضح انها من طبقات شعبنا الكادح و كان الحوار يسير في تفريعتين تؤديان معا الى ضرورة عزل النظام فمن بين رؤية القاع الذى همش دوره و استحالت عليه الحياة و بين رؤية جامعية لأحوال مصر العلمية و الصحية المتدهورة كان السؤال المشترك إذا اين تذهب ثروات مصر ؟
اجيال المشاركين تبدأ من اطفال في عربات تدفعها امهاتهم حتى اجيال بابا جدو الذى تخطى السبعين و هو يلعن ثلاثين عاما عاشها دون ان يفعل شيئا
رؤية مشتركة من كبار السن على خطاهم في السكوت و الصمت الذى لفهم كل هذه السنين و عتاب ذاتى للنفس على هذا الصمت او السلبية من كبار السن
اثبت الشباب انه ليس تافها و ليست علاقته باللانترنت هى علاقة البحث عن المواقع الاباحية او الهيافات فقط بل انه شكل في اسبوع وجه مصر من جديد و جذب فئات الى الشارع لم يكن يجول بعقلها ان تهتف ضد الرئيس يوما ما
اساتذة القانون في الشارع يحاولوا توصيل رسالة الى الشارع لا يساعدهم عليها احد ان الدولة ليست هى الرئيس و ان النظام يقوم على رغبة الناس اكثر ما يقوم على حروف الدستور لكت الخوف و الامية السياسية يجعل الناس تنظر بضبابية الى المستقبل احيانا
author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments