نعيش منذ ايام حرب فيسبوكية جديدة اسمها الاغتصاب الزوجى و هو مواقعة الرجل لزوجته بغير رضاها و بينما يرى البعض الكثير ان الزوجة ليس لها المتناع عن زوجها مهما كانت الاسباب ( الا السبب الشرعى ) يرى اخرون ان الزوجو شريكة في قرار العلاقة الحميمة لا يمكن اهدار رغبتها مقابل ارادة منفردة من الزوج .
و لا يمكن ابدا تجاهل هذا الموضوع لاثاره النفسية و الاجتماعية ليس فقط على طرفى العلاقة بل ان اثاره تمتد ايضا على الابناء
فالرجل الذي يواقع زوجته قهرا هو من سيمارس العنف ضد اولاده و المرأة التى تتعرض للعنف الزوجى هي التى ستمارس العنف ايضا ضد اولادها و سيكون المنزل ليس سكنا و مودة بل سيكون بيئة عنف متبادل بين جميع اطرافه الزوج و الزوجة و الابناء و سينقل كل طرف من الثلاثة بتبعات العنف المنزلى خارج المنزل
سيقوم الاطفال بالعنف ضد الاطفال في الشارع و المدرسة و ضد الحيوانات البريئة في الشارع و ستسعى الزوجة الى الانتقام من الزوج نفسيا و في كل الحالات لن يكون الجنس في حالة الممارسة هذه الا جنس من طرف واحد يفتقد الى الحكمة الالهية منه
و بينما يميل الرأى الاول الى اعتبار الرجل هو السيد المطاع الذى امتلك الة للجنس لا ارادة لها يحق له استخدامها متى يشاء يرى الاخرون ان للسيدة ان تعاقب الرجل جنسيا بالامتناع عنه و ان لها دون سبب الامتناع عن اداء واجباتها الزوجية
و بين الرأيين تتوه الحقيقة و تغلق البيوت و يتم تشويه الاسلام
يقول تعالى " وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " كما يقول تعالى : «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ واتَّقُوا اللَّهَ»
هكذا تكلم القرأن عن رؤيته لمؤسسة الزواج فهى شركة انسانية في المقام الاول قائمة على المودة و الرحمة و قائمة على اتقوا الله و ليس فيها اجبار او اكراه و ليس فيها ايضا تسلط المرأة و هجرانها بالكلية فراش زوجها
لقد اعلي الإسلام من شأن الاختيار، وكرم الجسد الإنسانى، وأوصى بالنساء خيراً، وليس من المعقول اجبار الزوجة على فعل يحتاج استعداد نفسي خاص و رغبة و قبول ، يجبرها على إرضاء رغبات الزوج وإطفاء ظمأه حتى ولو على حساب صحتها النفسية ، فالجنس ليس فعل من طرف واحد دون توافق و تجاوب من الطرف الاخر ، ولا يمكن أن يوافق على أن تكون العلاقة الجنسية اغتصاباً مقنناً بورقة و علي الرغم من ذلك فلقد اختلف العلماء في هل الاغتصاب الزوجي حلال ام حرام.
يقول الشيخ يوسف البدري و معه الكثير من دعاة السلفية انهم يرفضون مصطلح الاغتصاب الزوجي، لأن المرأة مأمورة شرعاً بطاعة زوجها، وإلا فمصيرها النار، معتمدين علي بعض احاديث الرَسُول اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم» «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح». وفي رواية «إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح»
و يقول موقع اسلام ويب في الفتوى رقم : 121876
أما بخصوص إجبارها على الجماع أو أي نوع من الاستمتاع المشروع، فليس في النصوص الشرعية ما يشير إليه، فحكمه حكم المسكوت عنه، وما سكت عنه الشرع فهو عفو، وحينئذ فيجوز له إكراهها على ذلك ؛ لأنه إذا جاز له أن يضربها ضرباً غير مبرح عند نشوزها بهجر فراشه، فيسوغ له من باب أولى أن يُكرهَها على الجماع بلا ضرب.
ويتأكد ذلك إذا طال هجرها لفراشه، وخاف على نفسه العنت والوقوع في الحرام، وقد جاء في كلام الفقهاء ما يدل على ذلك.
ففي البحر الرائق لابن نجيم:...... وقيد بالخروج لأنها لو كانت مقيمة معه في منزله ولم تمكنه من الوطء فإنها لا تكون ناشزة؛ لأن الظاهر أن الزوج يقدر على تحصيل المقصود منها بدليل أن البكر لا توطأ إلا كرها.
دون ان يربطوا ذلك بأى طارئ متعلق بحالة الانثي من جهة اخري قالت الدكتورة سعاد صالح العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر «الإسلام اعتبر أن العلاقة الجنسية للرجل مع زوجته من باب العبادة التي يثاب الطرفان فيها، لأن كلاً منهما ساعد على عفة صاحبه من الانحراف.
لكن للأسف فإن بعض الفقهاء وصفوا العلاقة الزوجية بصورة خاطئة، باعتبارها عقد استمتاع من الرجل بالمرأة، وحللوا وفق ذلك أن يستمتع بها دون النظر لاحتياجاتها النفسية، واستدلّوا على ذلك بأحاديث نبوية جعلوها سيفاً مصلتاً على رقاب الزوجات دون فهم أو تقدير لحالة الزوجة المزاجية أو الصحية، وغيرها من الظروف التي تتعرض لها النساء.
يقول الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور مبروك عطية: «وضع الإسلام بعض الآداب لتحقيق الانسجام الزوجي قبل هذه العلاقة الحميمة وأثناءها حتى يتم التوافق، فقال تعالى: «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ واتَّقُوا اللَّهَ» آية 223 سورة البقرة. ومن يتأمل هذه الآية سيجد أنها تدعو إلى المباشرة الزوجية، حتى لا يقع الزوج في الحرام، لكن بشرط الملاطفة والمداعبة حتى يتحقق الانسجام والتجاوب بينهما من خلال قوله تعالى: «وقدِّمُوا لأنْفسِكُم»، من هنا أرى أن تحل مشكلات غرف النوم بعيداً عن ساحات المحاكم».
بينما يرى الدكتور مبروك عطية أن الإسلام لا ينظر إلى الزوج على أساس أنه حيوان، لا يستطيع أن يصبر ويكتم شهوته الجنسية حتى تصبح المرأة مهيأة للمعاشرة، ويرغمها عليها دون حب واستعداد نفسي من الطرفين. و ان المرأة اذا كانت لا تشعر بالرغبة حالياً فإن اعتذاراً لطيفاً يكفي ليحس الزوج بمشاعرها دون غضب، بل إنه قد يحاول مداعبتها والتخفيف عنها. والزوج عليه ايضا ان يعرف الأوقات المناسبة التي تكون زوجته فيها جاهزة للحب، والأحاديث النبوية الوارد عن رفض الزوجة للمارسة العاطفية إلى الفراش يجب فهمها انها تخص الحالات التى ترفض المرأة دعوة زوجها دون عذر.
كما قالت الدكتورة عبلة الكحلاوي أن الجماع يعد جزءاً من الزواج وليس كل الزواج، الذي يجب أن تحيط به الرحمة والمودة التي تؤدي إلى السكينة النفسية
و يقول الدكتور عبد الله النجار لابد من تغيير ثقافة المجتمع إلى الأفضل من حيث احترام مشاعر المرأة، لأنها ليست مجرد آلة ميكانيكية لا تتعب ولا يصيبها الإرهاق أو التعب النفسي والجسدي، مما يجعلها غير مهيأة نفسياً وجسدياً أحياناً للمعاشرة الجنسية.
اما الشيخ علي جمعة فيرى انه إذا استعمل الزوج القوة لمعاشرة زوجته فهو آثم شرعاً، ولها المطالبة بمعاقبته عند القاضي.و لها أن تمتنع عن زوجها إذا أصيب بمرض مُعدٍ، أو استعمل العنف المؤذي لجسدها في أثناء الممارسة الجنسية.
وأشارت إلى أن الزوج الذي يستخدم العنف مع زوجته أثناء المعاشرة أو من لا يراعي حالتها النفسية، مخالف لتعاليم الشرع، ويوصي الرسول، صلى الله عليه وسلم، الأزواج فيقول: «لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، قيل: وما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام».
اما الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، فقد تكلم بصورة اوضح فقال أنه لا يوجد في الشريعة مصطلح الاغتصاب الزوجي لكنه اوضح أن إكراه الزوج زوجته على العلاقة الحميمية أمر محظور في الشريعة و قال أن بعض من الدعاة روّجوا أحاديث نبوية مشكوك في صحتها لإذلال المرأة مثل « إذا دعا رجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت عَلَى التنور» فهذا حديث مطعون فيه لأنه يصطدم في القران الكريم «عاشروهن بالمعروف».
وأوضح أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر أن الله يقول لقد كرمنا بني آدم، ونفاجأ بمن يقول إن رفضت الزوجة طلب زوجها للفراش تلعنها الملائكة حتي الصباح، مؤكدا أن هذا الحديث أيضًا مشكوك فيه وتساءل: «هل لو حدث العكس، تلعن الملائكة الرجل إذا رفض طلب زوجته؟
هذا من الناحية الشرعية فكيف من ناحية الصحة النفسية و التناول الطبى للموضوع ؟
طبيا يقول دكتور محمد المهدي ان الاغتصاب الزوجي يرسب في نفس الطرف المغصوب الم و غضب و اشمئزاز، تعبر عنة الزوجة المغتصبة بانها تشعر بعد العلاقة بالرغبة في القئ و انها تكرة نفسها و تكرة زوجها بعد هذة العلاقة و لهاذا تحتاج للاغتسال مرات عديدة . كما توضح دكتورة جيزيل ابي شاهين هناك التأثيرات النفسية: كالصدمة، الاكتئاب، الانعزال والشعور بالوحدة، عدم الثقة بصورة الرجل، عدم الاعتبار بالذات، وقد تصل الأمور إلى محاولة الانتحار، وهناك التأثيرات السلوكية: كحدوث مشاكل جنسية، الخوف من ممارسة الجنس، البرودة الجنسية، الأكل بإفراط شديد، التدخين بشراهة، تعاطي المهدئات، وهناك التأثيرات الجسدية: كالأوجاع المزمنة وغير المبررة طبيّاً، الألم في الرأس والظهر . . كل هذه المسائل يدعو الزوجة لرفض إقامة علاقة جنسية مع زوجها، لأنها تربط بين العلاقة والشعور بالخوف والانزعاج والألم وعدم الشعور باللذّة . كما ان هناك بعض الاثار الجسدية التي من الممكن ان تحدث و يمكن ان يستدل بها الطبيب الشرعي في حالة لجوء الزوجة الي القضاء و منها الكدمات، تمزق خارجي على المهبل أو داخلي، ناهيك عن الالتهابات الجنسية المتكررة، ونقل العدوى في حال اصابة الزوج بها مثل فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (السيدا)، والتهابات الكبد الفيروسي "بي -سي" والكلاميديا والزهري وكلها امراض قد تكون مميتة. ومن الآثار ايضاً، تكرار الإجهاض وتأثير الخصوبة في بعض الاحيان، إضافة إلى اضطرابات الرغبة الجنسية كالألم عند المجامعة، واضطرابات الرغبة الجنسية وصعوبة الوصول إلى النشوة. إلى المشاكل النفسية الكبيرة المتأتية عن الاغتصاب الزوجي مثل حالة اضطراب النوم والقلق الاكتئاب، وقد تتفاقم الحالة العقلية والنفسية بشكل يؤدي إلى اعراض انطوائية أو اكتئابية أو انتحارية .
نفسيا و اخلاقيا مواقعة انثى دون رضاها هو ممارسة لقهر القوة الغاشمة و يعبر بصورة ما عن ازمات داخلية كثيرة في نفس الرجل منها ما يتعرض له من قهر في العمل و في ظروف اجتماعية و مالية يعوضها بممارسة القوة ضد من هو اضعف منه
Comments