من المصرى اليوم
تقرير حقوقي: التجربة الموريتانية.. الحل السلمي للخروج من أزمة النظام العربي كتب وائل علي ٥/٤/٢٠٠٧
أكد تقرير حقوقي أنه علي الرغم من الإشادة التي حظيت بها الانتخابات الموريتانية، من جميع الأطراف السياسية والمراقبين فإنها كانت انتخابات عرقية وقبلية وهو ما يفسره البعض بالنتائج الباهرة التي حققها المرشحون في مناطق ينتمون إليها قبليا وأخري متدنية في مناطق تصنف موالية للمرشح المنافس.
واعتبر التقرير الذي أصدرته اللجنة العربية لحقوق الإنسان بباريس التي راقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة بموريتانيا أمس وحصلت «المصري اليوم» علي نسخة منه أنه يمكن القول بأن التجربة تشكل في حال نجاحها واحدا من الحلول السلمية للخروج بأقل التكاليف من أزمة النظام السياسي العربي ونموذجا يمكن اتباعه.
وذكر التقرير الثابت أن النظام السياسي الموريتاني هو الآن في مفترق طرق ولا يمكن التنبؤ بالمسار الذي سيأخذه، فإما أن يتواصل نفوذ الأجهزة والمافيات في ظل حكم مدني صوري عاجز عن حل المشاكل الاقتصادية الضخمة وسرعة العودة للتضييق علي الحريات وآنذاك سنكون قد شاهدنا فعلا النجاح الأول للنموذج المتطور في تواصل الديكتاتورية،
وإما ستغتنم المعارضة مساحة الحريات التي حصلت عليها قبل وإبان العملية الانتخابية لجعل التراجع عنها مستحيلا، مؤكدا أن الرئيس المنتخب يفهم حجم الآمال المعلقة عليه بحيث يمكننا القول بأن آخر حيل النظام الاستبدادي للتواصل عبر استعمال بالغ الدهاء لآليات الديمقراطية قد فشلت وأن السحر انقلب علي الساحر.
وقال التقرير: لا شك أن العملية الانتخابية كانت في حد ذاتها ذات طابع تقني في مضمونها وجوهرها ذات مدلول سياسي مكثف خاصة في بلد يخطو أولي خطواته في التداول السلمي للسلطة وقد خرج لتوه من نظام ديكتاتوري عسكري جثم علي صدره منذ حقبة طويلة.
وأضاف: هذه الوضعية الانتقالية للشعب الموريتاني لاشك أنها ستلقي بظلالها وستتحكم إلي حد كبير في المحتوي السياسي للعملية الانتخابية الأخيرة التي كانت مثالية في جانبها المؤسساتي الإداري.
ولفت إلي أن موريتانيا شهدت ككل أقطار الوطن العربي صراعا بين مجتمع تعددي، حي وطموح ونظام سياسي متخلف مبني كما الأنظمة العربية علي الشخصانية والقمع والفساد ومصادرة إرادة الشعب عبر انتخابات مزيفة تشكل غطاء هشا من الحداثة علي البيعة القديمة.
وأشار التقرير إلي أن موريتانيا عرفت صراعا مكلفا بين المجتمع الساعي لتحرره والنظام الذي يكبله، ومن مظاهر هذا الصراع الحوادث العرقية سنة ١٩٨٩ وانتهاكات حقوق الإنسان العديدة والاعتقالات الكثيرة التي طالت كل
أصناف المعارضين وتعدد المحاولات الانقلابية في بداية الألفية ضد نظام الديكتاتور ولد الطايع التي كان آخرها انقلاب ٣ أغسطس ٢٠٠٥ الذي أطاح بحكمه والذي دبره أقرب رفاق الرئيس المخلوع العقيد أعلي ولد محمد فال.
وقال التقرير: المثير للانتباه في هذا الانقلاب ليس طبيعة الانقلابيين وإنما قرارهم بتسليم السلطة للشعب وعدم ترشحهم للانتخابات الرئاسية لافتا إلي أن هذا بالطبع تحول نوعي في السيناريو الكلاسيكي الذي يعيش عليه العرب منذ نصف قرن.
وأضاف: لاشك أن الأمور أعقد مما بدت علي السطح لكن النظام الجديد بدا جادا في تنفيذ قراره بتسليم السلطة للمدنيين وفق اقتراع حر ونزيه ومن المحطات التي يجب ذكرها الإصلاحات الدستورية والاستفتاء حولها في يونيو ٢٠٠٦، خاصة نشأة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في ١٤ نوفمبر ٢٠٠٥،
مشيرا إلي أن هذا أعطي انطباعا بأننا أمام إرادة صادقة من قبل السلطة العسكرية الجديدة لنقل المسؤولية لأول مرة في تاريخ موريتانيا والوطن العربي للمدنيين واحترام سيادة الشعب.
وتابع: إذا كان بمقدور النظام الاستبدادي حماية مصالح المنتفعين من العهد السابق عبر الاستعمال الذكي للديمقراطية يمكن القول بأن التجربة الموريتانية هذه لن تكون تلك التي علق عليها الديمقراطيون العرب بعض الأمل لتصفية الاستبداد بوسائل سلمية وإنما ستكون نموذجا قد تجد فيه الأنظمة الاستبدادية حلا لأزمتها، يتمثل في التعويل علي الأمية السياسية الواسعة الانتشار داخل الشعب.
-------------------------------------
Comments