القائمة الرئيسية

الصفحات

احب ان اعرض عليكم هذا المقال الرائع و الحساس حول ما يدور حاليا من محاولة تصفية القضية الفلسطينية لكاتب منصف و محايد و ان كنت اعتذر له عن ضرورة وجوب الاشارة الى انه مسيحى حتى نتجنب مسبقا الاعتقاد بأنه يميل الى تيار معين او محسوب على اتجاه بعينه
وهو الاستاذ المحترم الدكتور المثقف رفيق حبيب
تحرير غزة من أوسلو
د. رفيق حبيب
: بتاريخ 19 - 6 - 2007
ليس من المناسب السؤال عن صحة أو خطأ قرار حركة المقاومة الإسلامية حماس، بالسيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة، وبالتالي السيطرة على مقرات الأجهزة الأمنية. فالواقع الراهن ليس مرحلة من مراحل الاختيارات الحرة، بل الواقع يكشف عن لحظة الاختيار الوحيد. ومهما تعدد المقترحات والتصورات، سنجد على أرض الواقع أن كل الخيارات ليست متاحة أصلا، ولا يوجد إلا اختيار واحد، وهو المضي إلى الأمام. نقصد من هذا أهمية تحديد التحدي الذي واجهته حركة حماس، حتى نعرف الاختيارات المتاحة لديها. والتحدي الأساسي، كان في وجود مخطط معلن ومحدد للقضاء على الجناح العسكري لحركة حماس، كليا أو نسبيا، وإخراجها من السلطة، والدخول معها في معركة تحجيم قدراتها كحركة مقاومة مسلحة. والحقيقة أن دفع حركة حماس للدخول في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، كان بهدف حصار الحركة في المجال السياسي، والقضاء على دورها كحركة مقاومة. على أساس التخلص أولا من قدرات الحركة العسكرية، ثم حصارها سياسيا، ثم إخراجها من المشهد الفلسطيني. والهدف النهائي هو احتكار السلطة والقرار من النخبة المسيطرة على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهي نخبة التسوية والتحالف مع المخطط الصهيوني الأمريكي.ولكن حركة حماس فازت بالأغلبية، وكان يراد إدخالها العملية السياسية، بحجم محدود يقلص من صورتها كحركة جماهيرية. وفي نفس الوقت، حافظت الحركة على جناحها العسكري وعلى قدراتها كحركة مقاومة، ومارست المقاومة في الحدود الممكنة، والتي لا تتعارض مع حاجتها إلى دعم وبناء قدراتها كحركة مقاومة مسلحة. وبهذا أصبح من الضروري التخلص من جناحها العسكري، والذي ينمو أكثر في ظل وجود حركة حماس في السلطة، حيث وفرت الحركة بوجودها في السلطة غطاءا شرعيا لحركات المقاومة، يسمح لها ببناء قدراتها العسكرية. بهذا أصبح أمام قيادات السلطة الفلسطينية، أي جناح الاستسلام المتعاون مع الكيان الصهيوني، تحدي مهم يتمثل في جر حركة حماس إلى اقتتال داخلي لتصفية كوادرها العسكرية. وفي نفس الوقت قامت إسرائيل وأمريكا ودول عربية بتسليح جناح العمالة في حركة فتح وفي السلطة، ليكون جاهزا لدخول معركة القضاء على الجناح العسكري لحركة حماس، وبعد ذلك يتم إخراج الحركة من العملية السياسية، وتبدأ معركة القضاء على الحركة، والقضاء على المقاومة، لتسليم فلسطين للمشروع الأمريكي الصهيوني.وهنا لن نسأل لماذا دخلت الحركة في العملية السياسية منذ البداية، لأن دخولها أو عدم دخولها، لا يؤثر على موقف الطرف الآخر، لأن القضاء على قدراتها العسكرية وتحجيم دورها، وربما القضاء عليها، كان هدفا مستمرا منذ اتفاقيات أوسلو، وما حدث للحركة من اعتقالات في عام 1996، شاهد على ذلك. لهذا كان أمام الحركة اختيار الوحدة الوطنية وتنقية أجهزة الأمن وجعلها تحت سيطرة الحكومة، والعمل من أجل التوافق الوطني على برنامج عمل سياسي، وهو ما تمثل في وثيقة الوفاق الوطني. ولكن القرار النهائي في هذا الاختيار لم يكن بيد حركة حماس، بل بيد الطرف الآخر، أي جناح المشروع الصهيوني، وهذا الجناح كان يرفض هذا البديل تماما، لأن معناه تقوية جبهة المقاومة وقدراتها، وتقوية حركة حماس سياسيا، وهو أمر يتعارض مع المخطط الأمريكي الصهيوني. هنا لم يكن أمام حركة حماس اختيارات، لأن استسلامها لمخطط استنزاف الحركة واستنزاف كوادرها العسكرية، ثم القضاء عليها في نهاية الأمر، ليس اختيارا بل انتحارا. ولهذا قامت الحركة بالسيطرة على قطاع غزة والسيطرة على الأجهزة الأمنية، أي على الأجهزة الحامية للمشروع الصهيوني الهادف لضرب حركات المقاومة. وهذا ليس اختيارا يمكن تقيم صوابه من خطأه، بل هو البديل الوحيد أمام الحركة، لتتحرك إلى الأمام، لأن التحرك خطوة واحدة للخلف معناه نهاية الحركة وربما نهاية مشروع المقاومة برمته.وما قامت به الحركة، كان عملية ذات طابع خاص وتأثير واسع المدى. فقد تحرر قطاع غزة من اتفاقيات أوسلو، أي تحرر من وجود سلطة وأجهزة أمنية من أهم مهامها التي أنشئت من أجلها، وحسب اتفاقيات أوسلو، أن تحمي إسرائيل من ما يسمونه الإرهاب، أي أن من المهام الأساسية للأجهزة الأمنية مواجهة حركات المقاومة، والسيطرة على فعلها المقاوم تجاه الكيان الصهيوني. ولهذا أصبحت غزة محررة من تلك الاتفاقيات الظالمة لحقوق الشعب الفلسطيني. وبهذا قامت في غزة سلطة وطنية فلسطينية منتخبة من الشعب ولها برنامج عليه إجماع وطني. وليس صحيحا أن يقال أن حماس قامت بانقلاب عسكري، لأن الفصيل الحائز على الأغلبية البرلمانية والذي يرأس الحكومة، هو من يمثل السلطة، ولا يمكن أن ينقلب عليها، ولكن الواقع أكد أن الفصيل المنتخب من الشعب الفلسطيني، لم يكن متاحا له السيطرة على السلطة ولا على الأجهزة الأمنية، وبهذا قامت الحركة بمساندة الحكومة للسيطرة على صلاحياتها الممنوحة لها بحكم القانون. وهنا تحررت السلطة من النخبة الحاكمة، التي اختطفت السلطة وأجهزتها لصالح المشروع الصهيوني. بهذا يكون قطاع غزة هو الجزء المحرر من الاحتلال الإسرائيلي ومن أعوانه وأتباعه. وتلك في الواقع لحظة فاصلة في تاريخ النضال الفلسطيني، ولحظة فاصلة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية. ولكنها في الواقع لحظة حرجة، ولحظة مواجهة جديدة، بل قد تكون لحظة للمعارك والتحديات الفاصلة. وسيكون أمام حركة حماس العديد من القرارات الصعبة، والبعض سوف ينصح الحركة بالمرونة والتهدئة، وهي أمور مطلوبة أحيانا، ولكن المهم أن تتحرك حماس إلى الأمام دائما، فلا مساحة للعودة للوراء.
author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments