بما انى احب ماليزيا و الديمقراطية معا اسمحوا لى ان اعرض عليكم هذا التقرير عن الانتخابات الماليزية الاخيرة
تحديات كبيرة من التحالف البديل، وتراجع نسبي للتحالف الوطني
تقرير: عبدالله بوقس
dullah_bugis@ yahoo.com
بعد الحيرة التي أصابت العديد من متابعي الانتخابات الماليزية، جاء فصل الخطاب على لسان اللجنة المفوضية للانتخابات العامة الماليزية، بفوز التحالف الوطني (باريسان ناشيونال)، المكون من 14 حزبا سياسيا، يأتي في مقدمته الحزب الملايوي القومي (أمنو)، بأغلبية نسبية في مقاعد البرلمان الماليزي بواقع 140 مقعدا، في المقابل تحصل الحزب الإسلامي (باس) على 24 مقعدا، وحزب الحركة الديمقراطية (دي إي بي) على 28 مقعدا، حزب العدالة الشعبي (كيآديلان) على 31 مقعد. فيما فاز التحالف الوطني أيضا بواقع 307 مقعدا في نتائج الانتخابات لمقاعد الولايات الماليزية، في مقابل ذلك تحصل الحزب الإسلامي على 83 مقعدا، وحزب الحركة الديمقراطية على 73 مقعدا، كما تحصلت الأحزاب المستقلة على مقعدين، وحزب العدالة الشعبي 40 مقعدا.
ومن خلال هذه النتائج، ومع فوز التحالف الوطني، إلا أنهم تراجعوا في بعض المناطق الماليزية بعد فوزهم الساحق في الانتخابات السابقة عام 2004، بـ 198 مقعدا، أي ما نسبته 90% من مجموع كراسي البرلمان الماليزي، فقد استطاع كل من حزب الحركة الديمقراطية، وحزب العدالة الشعبي نزع ولاية بينانغ من قبضة الحكومة وذلك لحصول الأولى على 19 مقعدا في الولاية من أصل 40 مقعدا يتكون منها برلمان الولاية، وفوز الثانية بـ 9 مقاعد. كما حقق الحزب الإسلامي (باس) انتصارات مفاجئة في ولاية قدح الواقعة في شمال البلاد، بواقع 16 مقعدا من 36 مقعد في الولاية، واحتفاظها بالسلطة في ولاية كيلانتان شمال شرقي ماليزيا بواقع 38 مقعد من 45 مقعدا في الولاية.
لقد شهدت نتائج الانتخابات العامة الماليزية في دورتها الثانية عشرة العديد من التحديات من قبل الأحزاب المعارضة، وذلك في زيادة عدد مقاعدهم في البرلمان والولايات الماليزية، خصوصا بعد تقدم المعارضة الماليزية في نحو 5 ولايات من أصل 13، وهي ولاية قدح، وكيلانتان، وبينانج، وسلانغور، وفيرق بينما خسر التحالف الوطني قدرا كبيرا من الأغلبية البرلمانية التي كان يتمتع بها. وقد وصفت إحدى الصحف الماليزية تراجع التحالف الوطني في هذه الانتخابات بـ بسنوماي السياسية.
يذكر أن رئيس التحالف الوطني، ورئيس الحزب الملايوي القومي، السيد عبدالله أحمد بدوي قد صرح قبيل أيام من الانتخابات بثقته في الفوز على أكثر من ثلثي مقاعد البرلمان الماليزي، البالغ عدده 222 مقعدا، إضافة إلى 505 مقعدا للمجالس التشريعية في الولايات الماليزية، الأمر أعطى قيادي الحملات الانتخابية في التحالف الوطني الذي يمسك بزمام السلطة منذ استقلال البلاد عام 1957 ثقته الزائدة.
وعن خسارة التحالف الوطني لبعض المقاعد في البرلمان في عدم تحصله على أكثر من ثلثي المقاعد والذي يفترض أن تكون أكثر من 148 مقعدا، اكتفى عبدالله بدوي بقوله حول ما إذا كانت نتائج الانتخابات تعكس عدم ثقة الشعب في قيادته: "أحترم موقف الشعب في عدم التصويت للتحالف الوطني" وأشار إلى أن فشل عدة وزراء في حكومته في بعض الدوائر الانتخابية يعد أمرا عاديا، وأنه من الطبيعي جدا فوز حزب على آخر في عالم السياسية، لكنه صرح بعد أدائه القسم أمام ملك البلاد لولايته الثانية بأنه يؤمن بالخطأ "وأن البشر يخطئون، لكن علينا الاستفادة من أخطاءنا حتى لاتتكرر".
ومن جهته أعرب السيد مهاتير محمد عن حزنه في عدم تحمل التحالف الوطني مسئولية تكثيف الحملات الانتخابية، وقال: "أحمّل عبدالله بدوي مسئولية كل ما حصل للتحالف الوطني في هذه الانتخابات" وطالب باستقالة عبدالله بدوي، وتعيين نائبه نجيب تون رزاق مكانه. لكن بدوي رفض التنحي من كرسي الرئاسة، وأشار بأن أعضاء التحالف الوطني يقفون معه ضد كل من يحاول زعزعة أمن البلاد وسياسته. وقد انتشرت في البلاد رسالة الجوالات القصيرة تطالب باستقالة رئيس الوزراء، ولم تعرف التحريات بعد مصدر هذه الرسائل.
في حين عبر العديد من قادات التحالف الوطني عن استيائهم في هذا التراجع، بينما تقبل بعضهم هذا التراجع بشكل ودي، مع عزمهم على معالجة ثغرات الضعف في التحالف، مؤكدين أن قيادة التحالف الوطني قدم الكثير للبلاد في غضون خمسين سنة الماضية، وستقدم المزيد على حد قولهم.
لعل من أسباب هذا التراجع هو التحدي الكبير الذي أعلن عنه المنافسون من شباب الأحزاب المعارضة قبل الانتخابات، ويُعد بعض المحللين السياسيين أن ذلك أمر عادي في دولة تنتهج الديمقراطية في حياتها السياسية، وهذا قد ينفي ادعاءات من اتهم ماليزيا بعدم تطبيق الديموقراطية، وخاصة بعد التوتر العرقي الذي ازداد مؤخرا، وكذا ارتفاع الأسعار، إضافة إلى رغبة الشعب في تجديد الحكومة التي مسكت زمام الحكم منذ 50 عاما.
فيما يشير بعض المحللين أن عدم الظهور البارز لقيادي التحالف الوطني في حملاتهم الانتخابية، وترفّعهم في مقابلة عوام الناس يعد أحد أسباب تراجع عدد مقاعدهم في البرلمان والولايات الماليزية. وكذا شكوى كثير من الماليزيين الصينيين من تفرقة الحكومة في معاملتهم المنحازة لصالح العرق الملايو، وخاصة فيما يتعلق بالتعليم والوظائف، وتقسيم الكعكة الاقتصادية، والأوضاع والسياسية والدينية في البلاد.
إضافة إلى أمر ارتفاع أسعار البترول، والسلع والبضائع المستهلكة، وزيادة معدل الجرائم في البلاد، ناهيك عن دور بعض الأحزاب المعارضة في التشكيك بنزاهة وشفافية الانتخابات، خصوصا بعد رفض الحكومة في استعمال الحبر الفسفوري للتحرز من عدم انتخاب شخص واحد مرتين.
يذكر أن من أقوى الهزائم التي مني بها التحالف الوطني في هذه الانتخابات، هي هزيمة سامي فيلو، وزير الأشغال الماليزي، ورئيس مؤتمر الماليزيين الهنود، في دائرة (سونغاي سيبوت)، بولاية فيرق، والذي كان يشغله منذ ما يقارب من 30 عاما. وقد وعد الوزير قبل الانتخابات بزيادة عدد الهنود في خدمة القطاع الحكومي بعد الانتخابات، خاصة بعد إشغال التوترات العرقية وأحداث الشغب التي سبقت الانتخابات حيزا واسعا في سبب قيام حركة ملايوية هندية تدعى (هاندريفت) قبل ثلاثة أشهر، بالتالي تراجع عطاء التحالف الوطني في انتخابات هذا العام.
ويعد الفوز الساحق لابنة السياسي أنور إبراهيم، نور العزة، 27 سنة، على وزيرة المرأة والأسرة الماليزية شهزاد عبدالجليل، في دائرة ليمباه بنتاي، بالعاصمة كوالالمبور من أقوى انجازات حزب العدالة الشعبي. الجدير بالذكر أن هذا الحزب لم يفز في عام 2004 سوى بمقعد واحد بواسطة رئيسة الحزب السيدة وان عزيزة إسماعيل، أما في هذه الانتخابات فقد تحصل على 31 مقعدا في البرلمان، بينما أحرز حزب الحركة الديمقراطية 28 مقعدا، في حين فاز الحزب الإسلامي بـ 24 مقعدا برلمانيا.
وقد أشار أنور إبراهيم، نائب رئيس الوزراء السابق، والزعيم الروحي لحزب العدالة الشعبي بأن هذه الانتخابات تعد بفجر مشرق في بناء مستقبل ماليزيا، وقال: "إن فوزنا في هذه الانتخابات يشير إلى أن الماليزيين يريدون حكما بديلا، يرضي الملايوي والهندي والصيني، لكي يعملوا سويا من أجل تطور وازدهار البلاد".
وقضى أنور إبراهيم -الذي يعد أحد السياسيين المعروفين في ماليزيا- مدة 6 أعوام في السجن بتهمتي الفساد المالي وممارسة الشذوذ الجنسي، غير أن المحكمة العليا الماليزية أسقطت عنه الحكم في سبتمبر 2004، وذلك بعد تنازل الدكتور مهاتير محمد عن كرسي رئاسة الوزراء، فأطلق عبدالله بدوي سراحه بعد انتهاء فترة حكمه، إلا أن تهمة الفساد لم تسقط عنه، الأمر الذي أعاقه عن قيادة حزبه والمنافسة على رئاسة الحكومة حتى شهر أبريل 2008، ويشير بعض المحللين السياسيين أن حل البرلمان الماليزي للانتخابات مبكرا، تعد لعبة سياسية لإبعاد أنور إبراهيم من الانتخابات الحالية.
فيما حرص الحزب الإسلامي بقيادة رئيسه عبدالهادي أوانج، وزعيمه الروحي نيء عزيز، على تنظيم حملة انتخابية واسعة ومكثفة في الولايات الماليزية، وخاصة في عقر دارهم -ولاية كيلانتان، وذلك لزيادة عدد مقاعدهم على المقاعد الستة التي تحصلوا عليها في الانتخابات العامة السابقة عام 2004، أما في هذه الانتخابات فقد حقق الحزب فوزا كبيرا بحصولهم على 23 مقعدا في البرلمان، ويرجع عبدالهادي فضل هذه النجاحات بعد الله سبحانه وتعالى إلى الشباب الذين يمثلون الأغلبية العظمى في أفراد الأحزاب المعارضة، كما أشار إلى دور الإنترنت الفعال للترويج عن حملاتهم الانتخابية.
يذكر أن الأحزاب الرئيسية المعارضة للتحالف الوطني هي حزب العدالة الشعبي بقيادة وان عزيزة، والحزب الإسلامي بقيادة عبدالهادي أوانج، وحزب الحركة الديمقراطية بقيادة ليم كيت سيانج والذي يمثل الملايويين الصينيين المعارضين في البلاد، قد تحالفوا جميعا ضد التحالف الوطني الذي يمثل 14 حزبا سياسيا، تحت مسمى (التحالف البديل)، وقد حاول هذا التحالف التنسيق في كثير من الدوائر الانتخابية، ورسم استراتيجية جديدة في استراتيجيات العمل السياسي، رغم الاختلاف الآيدلوجي بين الحزب الإسلامي، وحزب الحركة الديمقراطية غير المسلمة.
بطبيعة الحال، سيتغير مجرى البرلمان الماليزي بعد ظهور هذه النتيجة غير المتوقعة في تقدم الأحزاب المعارضة، وازدياد عدد كراسيها في البرلمان، والذي يعده المحللون السياسيون حدثا تاريخيا في الانتخابات الماليزية منذ استقلال البلاد.
تقرير: عبدالله بوقس
dullah_bugis@ yahoo.com
بعد الحيرة التي أصابت العديد من متابعي الانتخابات الماليزية، جاء فصل الخطاب على لسان اللجنة المفوضية للانتخابات العامة الماليزية، بفوز التحالف الوطني (باريسان ناشيونال)، المكون من 14 حزبا سياسيا، يأتي في مقدمته الحزب الملايوي القومي (أمنو)، بأغلبية نسبية في مقاعد البرلمان الماليزي بواقع 140 مقعدا، في المقابل تحصل الحزب الإسلامي (باس) على 24 مقعدا، وحزب الحركة الديمقراطية (دي إي بي) على 28 مقعدا، حزب العدالة الشعبي (كيآديلان) على 31 مقعد. فيما فاز التحالف الوطني أيضا بواقع 307 مقعدا في نتائج الانتخابات لمقاعد الولايات الماليزية، في مقابل ذلك تحصل الحزب الإسلامي على 83 مقعدا، وحزب الحركة الديمقراطية على 73 مقعدا، كما تحصلت الأحزاب المستقلة على مقعدين، وحزب العدالة الشعبي 40 مقعدا.
ومن خلال هذه النتائج، ومع فوز التحالف الوطني، إلا أنهم تراجعوا في بعض المناطق الماليزية بعد فوزهم الساحق في الانتخابات السابقة عام 2004، بـ 198 مقعدا، أي ما نسبته 90% من مجموع كراسي البرلمان الماليزي، فقد استطاع كل من حزب الحركة الديمقراطية، وحزب العدالة الشعبي نزع ولاية بينانغ من قبضة الحكومة وذلك لحصول الأولى على 19 مقعدا في الولاية من أصل 40 مقعدا يتكون منها برلمان الولاية، وفوز الثانية بـ 9 مقاعد. كما حقق الحزب الإسلامي (باس) انتصارات مفاجئة في ولاية قدح الواقعة في شمال البلاد، بواقع 16 مقعدا من 36 مقعد في الولاية، واحتفاظها بالسلطة في ولاية كيلانتان شمال شرقي ماليزيا بواقع 38 مقعد من 45 مقعدا في الولاية.
لقد شهدت نتائج الانتخابات العامة الماليزية في دورتها الثانية عشرة العديد من التحديات من قبل الأحزاب المعارضة، وذلك في زيادة عدد مقاعدهم في البرلمان والولايات الماليزية، خصوصا بعد تقدم المعارضة الماليزية في نحو 5 ولايات من أصل 13، وهي ولاية قدح، وكيلانتان، وبينانج، وسلانغور، وفيرق بينما خسر التحالف الوطني قدرا كبيرا من الأغلبية البرلمانية التي كان يتمتع بها. وقد وصفت إحدى الصحف الماليزية تراجع التحالف الوطني في هذه الانتخابات بـ بسنوماي السياسية.
يذكر أن رئيس التحالف الوطني، ورئيس الحزب الملايوي القومي، السيد عبدالله أحمد بدوي قد صرح قبيل أيام من الانتخابات بثقته في الفوز على أكثر من ثلثي مقاعد البرلمان الماليزي، البالغ عدده 222 مقعدا، إضافة إلى 505 مقعدا للمجالس التشريعية في الولايات الماليزية، الأمر أعطى قيادي الحملات الانتخابية في التحالف الوطني الذي يمسك بزمام السلطة منذ استقلال البلاد عام 1957 ثقته الزائدة.
وعن خسارة التحالف الوطني لبعض المقاعد في البرلمان في عدم تحصله على أكثر من ثلثي المقاعد والذي يفترض أن تكون أكثر من 148 مقعدا، اكتفى عبدالله بدوي بقوله حول ما إذا كانت نتائج الانتخابات تعكس عدم ثقة الشعب في قيادته: "أحترم موقف الشعب في عدم التصويت للتحالف الوطني" وأشار إلى أن فشل عدة وزراء في حكومته في بعض الدوائر الانتخابية يعد أمرا عاديا، وأنه من الطبيعي جدا فوز حزب على آخر في عالم السياسية، لكنه صرح بعد أدائه القسم أمام ملك البلاد لولايته الثانية بأنه يؤمن بالخطأ "وأن البشر يخطئون، لكن علينا الاستفادة من أخطاءنا حتى لاتتكرر".
ومن جهته أعرب السيد مهاتير محمد عن حزنه في عدم تحمل التحالف الوطني مسئولية تكثيف الحملات الانتخابية، وقال: "أحمّل عبدالله بدوي مسئولية كل ما حصل للتحالف الوطني في هذه الانتخابات" وطالب باستقالة عبدالله بدوي، وتعيين نائبه نجيب تون رزاق مكانه. لكن بدوي رفض التنحي من كرسي الرئاسة، وأشار بأن أعضاء التحالف الوطني يقفون معه ضد كل من يحاول زعزعة أمن البلاد وسياسته. وقد انتشرت في البلاد رسالة الجوالات القصيرة تطالب باستقالة رئيس الوزراء، ولم تعرف التحريات بعد مصدر هذه الرسائل.
في حين عبر العديد من قادات التحالف الوطني عن استيائهم في هذا التراجع، بينما تقبل بعضهم هذا التراجع بشكل ودي، مع عزمهم على معالجة ثغرات الضعف في التحالف، مؤكدين أن قيادة التحالف الوطني قدم الكثير للبلاد في غضون خمسين سنة الماضية، وستقدم المزيد على حد قولهم.
لعل من أسباب هذا التراجع هو التحدي الكبير الذي أعلن عنه المنافسون من شباب الأحزاب المعارضة قبل الانتخابات، ويُعد بعض المحللين السياسيين أن ذلك أمر عادي في دولة تنتهج الديمقراطية في حياتها السياسية، وهذا قد ينفي ادعاءات من اتهم ماليزيا بعدم تطبيق الديموقراطية، وخاصة بعد التوتر العرقي الذي ازداد مؤخرا، وكذا ارتفاع الأسعار، إضافة إلى رغبة الشعب في تجديد الحكومة التي مسكت زمام الحكم منذ 50 عاما.
فيما يشير بعض المحللين أن عدم الظهور البارز لقيادي التحالف الوطني في حملاتهم الانتخابية، وترفّعهم في مقابلة عوام الناس يعد أحد أسباب تراجع عدد مقاعدهم في البرلمان والولايات الماليزية. وكذا شكوى كثير من الماليزيين الصينيين من تفرقة الحكومة في معاملتهم المنحازة لصالح العرق الملايو، وخاصة فيما يتعلق بالتعليم والوظائف، وتقسيم الكعكة الاقتصادية، والأوضاع والسياسية والدينية في البلاد.
إضافة إلى أمر ارتفاع أسعار البترول، والسلع والبضائع المستهلكة، وزيادة معدل الجرائم في البلاد، ناهيك عن دور بعض الأحزاب المعارضة في التشكيك بنزاهة وشفافية الانتخابات، خصوصا بعد رفض الحكومة في استعمال الحبر الفسفوري للتحرز من عدم انتخاب شخص واحد مرتين.
يذكر أن من أقوى الهزائم التي مني بها التحالف الوطني في هذه الانتخابات، هي هزيمة سامي فيلو، وزير الأشغال الماليزي، ورئيس مؤتمر الماليزيين الهنود، في دائرة (سونغاي سيبوت)، بولاية فيرق، والذي كان يشغله منذ ما يقارب من 30 عاما. وقد وعد الوزير قبل الانتخابات بزيادة عدد الهنود في خدمة القطاع الحكومي بعد الانتخابات، خاصة بعد إشغال التوترات العرقية وأحداث الشغب التي سبقت الانتخابات حيزا واسعا في سبب قيام حركة ملايوية هندية تدعى (هاندريفت) قبل ثلاثة أشهر، بالتالي تراجع عطاء التحالف الوطني في انتخابات هذا العام.
ويعد الفوز الساحق لابنة السياسي أنور إبراهيم، نور العزة، 27 سنة، على وزيرة المرأة والأسرة الماليزية شهزاد عبدالجليل، في دائرة ليمباه بنتاي، بالعاصمة كوالالمبور من أقوى انجازات حزب العدالة الشعبي. الجدير بالذكر أن هذا الحزب لم يفز في عام 2004 سوى بمقعد واحد بواسطة رئيسة الحزب السيدة وان عزيزة إسماعيل، أما في هذه الانتخابات فقد تحصل على 31 مقعدا في البرلمان، بينما أحرز حزب الحركة الديمقراطية 28 مقعدا، في حين فاز الحزب الإسلامي بـ 24 مقعدا برلمانيا.
وقد أشار أنور إبراهيم، نائب رئيس الوزراء السابق، والزعيم الروحي لحزب العدالة الشعبي بأن هذه الانتخابات تعد بفجر مشرق في بناء مستقبل ماليزيا، وقال: "إن فوزنا في هذه الانتخابات يشير إلى أن الماليزيين يريدون حكما بديلا، يرضي الملايوي والهندي والصيني، لكي يعملوا سويا من أجل تطور وازدهار البلاد".
وقضى أنور إبراهيم -الذي يعد أحد السياسيين المعروفين في ماليزيا- مدة 6 أعوام في السجن بتهمتي الفساد المالي وممارسة الشذوذ الجنسي، غير أن المحكمة العليا الماليزية أسقطت عنه الحكم في سبتمبر 2004، وذلك بعد تنازل الدكتور مهاتير محمد عن كرسي رئاسة الوزراء، فأطلق عبدالله بدوي سراحه بعد انتهاء فترة حكمه، إلا أن تهمة الفساد لم تسقط عنه، الأمر الذي أعاقه عن قيادة حزبه والمنافسة على رئاسة الحكومة حتى شهر أبريل 2008، ويشير بعض المحللين السياسيين أن حل البرلمان الماليزي للانتخابات مبكرا، تعد لعبة سياسية لإبعاد أنور إبراهيم من الانتخابات الحالية.
فيما حرص الحزب الإسلامي بقيادة رئيسه عبدالهادي أوانج، وزعيمه الروحي نيء عزيز، على تنظيم حملة انتخابية واسعة ومكثفة في الولايات الماليزية، وخاصة في عقر دارهم -ولاية كيلانتان، وذلك لزيادة عدد مقاعدهم على المقاعد الستة التي تحصلوا عليها في الانتخابات العامة السابقة عام 2004، أما في هذه الانتخابات فقد حقق الحزب فوزا كبيرا بحصولهم على 23 مقعدا في البرلمان، ويرجع عبدالهادي فضل هذه النجاحات بعد الله سبحانه وتعالى إلى الشباب الذين يمثلون الأغلبية العظمى في أفراد الأحزاب المعارضة، كما أشار إلى دور الإنترنت الفعال للترويج عن حملاتهم الانتخابية.
يذكر أن الأحزاب الرئيسية المعارضة للتحالف الوطني هي حزب العدالة الشعبي بقيادة وان عزيزة، والحزب الإسلامي بقيادة عبدالهادي أوانج، وحزب الحركة الديمقراطية بقيادة ليم كيت سيانج والذي يمثل الملايويين الصينيين المعارضين في البلاد، قد تحالفوا جميعا ضد التحالف الوطني الذي يمثل 14 حزبا سياسيا، تحت مسمى (التحالف البديل)، وقد حاول هذا التحالف التنسيق في كثير من الدوائر الانتخابية، ورسم استراتيجية جديدة في استراتيجيات العمل السياسي، رغم الاختلاف الآيدلوجي بين الحزب الإسلامي، وحزب الحركة الديمقراطية غير المسلمة.
بطبيعة الحال، سيتغير مجرى البرلمان الماليزي بعد ظهور هذه النتيجة غير المتوقعة في تقدم الأحزاب المعارضة، وازدياد عدد كراسيها في البرلمان، والذي يعده المحللون السياسيون حدثا تاريخيا في الانتخابات الماليزية منذ استقلال البلاد.
Comments