مكتبة فهرسها 44 مجلد
ماذا يتبادر في ذهنك حينما تعلم ان هناك مكتبة ما يبلغ حجم فهرسها فقط 44 مجلد ؟ فإذا كان هذا حجم الفهرس فكم يبلغ حجم محتوياتها و كم كتاب بها ثم ما هي هذه الحضارة التي حرصت علي الكتاب بهذا الشكل ؟ الواقع ان هذا هو فهرس مكتبة الخليفة عبد الرحمن الثالث خليفة المسلمين في الاندلس و التي يقدر عدد كتبها بما يزيد عن الستمائة الف كتاب نعم " 600000 " كتاب في مكتبة يقال انها كانت واحدة من مئات المكتبات الخاصة و العامة و التي جعلت من الاندلس منارة تشع حضارة و نور و يفد اليها الناس مسلمين و غير مسلمين طلبا للعلم او بحثا عن الحكمة إن هذه النظرة المقدرة للكتاب و للفكر من جانب الحضارة الاسلامية و التي جعلتنا نفخر بأسلامنا قوبل بحملات ابادة رهيبة لمئات الالاف من الكتب و احراقها بعد سقوط الاندلس و اصبح مجرد اقتناء كتاب واحد بالعربية كافيا ليقود صاحبه للمثول امام محاكم التفتيش الرهيبة و التي كان يتمني الانسان ان تحكم عليه بالاعدام بدلا من انواع التعذيب البشعة التي تفرضه علي المسلمين ان الذهول يصيب الانسان حينما يقرأ كيف تحولت المساجد الي كتدرائيات و كيف جري محاربة اللغة العربية بل و التفتيش في الضمائر ان المسيحية الاوربية المريضة بالتعصب و الجهل مدينة بالاعتذار ليس فقط للاسلام بل للبشرية كلها فالارث الثقافي الذي تم ابادته في الاندلس لم يكن يخص المسلمين فقط بل كان تراثا عالميا بحق ، قد يقول قائل ان هذا السلوك العدواني رد فعل طبيعي تجاه المسلمين الذين " احتلوا " الاندلس و هذا خطأ مزدوج فالمسلمين في الاندلس لم يرتكبوا ما يستحقوا عليه العقاب و من ناحية اخري فقد مارس الاسباني ذات السياسة القمعية و الاقصائية القائمة علي القتل و التنصير الاجباري ضد السكان الاصليين بالعالم الجديد فهل هناك سبب يدفع الاوربي الي الانتقام من الهنود الحمر كما انتقم سلفا من المسلمين ؟ ام ان الهنود الحمر سبق و ان احتلوا اسبانيا لذا يستحقوا ما وقع ضدهم من سحق و افناء ، ان الوقائع تثبت ان العقل الاوربي يقوم علي الاستعلاء و التدمير و عدم القدرة علي التعامل مع الاخر و عدم القدرة علي التسامح ما يعني ان قسما كبيرا من سكان اوربا لم يعطي نفسه فرصة لقراءة و لو كتاب واحد من مكتبة الخليفة عبد الرحمن الثالث
Comments