اقرؤوا معى هذا الموضوع الشيق
انجيل يهوذا
ما معنى مخطوطة ولماذا سميت هذه الوثيقة مخطوطة تشاكوس؟
المخطوطة كتاب قديم يتكون من صفحات مطوية ومثبتة ومكتوب على أحد وجهيها. وقد كانت المخطوطات تعتبر هي القالب المفضل لكتابة الأناجيل والنصوص الدينية القديمة. وذلك نظراً لكون المخطوطات تتضمن معلومات وبيانات تفصيلية أكثر من تلك التي تتضمنها اللفائف بالإضافة إلى سهولة استخدامها وقراءتها. سميت هذه المخطوطة وثيقة تشاكوس نظراً لأن ديماراتوس تشاكوس هو والد فريدا نسبيرجر تاجرة الآثار بزيورخ الشهيرة بهذا النوع من التجارة والتي اشترت هذه الوثيقة في سبتمبر 2000.
ماذا تتضمن مخطوطة تشاكوس؟
تحتوي هذه المخطوطة إنجيل يهوذا بالإضافة إلى النص المسمى جيمس (ويطلق عليه أيضاً الرؤيا الأولى لجيمس) كما تتضمن رسالة بطرس إلى فيليب كما تتضمن أيضاً جزءاً من نص أطلق عليه العلماء كتاب العنصر الآخر
أين اكتشفت مخطوطة تشاكوس؟
تم اكتشاف مخطوطة تشاكوس التي تحتوي على إنجيل يهوذا في السبعينات من القرن الماض (1970) بالقرب من المنيا بمصر وتم نقلها من مصر إلى أوربا ومن ثم إلى الولايات المتحدة. وبعد وصولها للولايات المتحدة تم حفظها في صندوق بإحدى خزانات الإيداع لمدة 16 عاماً في لونج آيلاند بنيويورك إلى أن قامت تاجرة الآثار فريدا نسبيرجر تشاكوس بشرائها في أبريل عام 2000. وبعد محاولتين فاشلتين لبيع المخطوطة وبدافع الخوف من وقوع التلف الكامل للوثيقة وفقدانها ونظراً لسوء الحالة التي وصلت إليها الوثيقة فقد قامت ناسبيرجر تشاكوس بنقل الوثيقة إلى مؤسسة ماسيناس للفنون الأثرية بمدينة بازل بسويسرا وذلك في فبراير عام 2001. وذلك من أجل صيانتها والمحافظة عليها وترجمتها. وسوف يتم تسليم هذه الوثيقة للسلطات المصرية لحفظها بصورة دائمة في المتحف القبطي بالقاهرة.
كيف بقيت المخطوطة المحتوية على إنجيل يهوذا طوال هذه القرون ونجت من التلف؟
نظراَ لكون إنجيل يهوذا كان مخبأً في الصحراء المصرية لمدة 1600 سنة فقد كتب لأوراق البردي البقاء طوال هذه القرون. لكن هذه الوثيقة بدأت تتعرض للتلف عندما تم حفظها في صندوق لحفظ الإيداعات في لونج آيلاند نيويورك لمدة 16 عاماً. وبذلك فقد أصبح من الصعب جداً صيانة واستعادة هذه المخطوطة إلى حالتها الطبيعية عند قيام رودولف كاسر وفريقه بإعادة تجميع شظايا وأجزاء هذه الوثيقة فقد كان عليهم القيام بإعادة تجميع حوالى ألف قطعة من أوراق البردي.
ما هي قصة هذه المخطوطة التي تحتوي على إنجيل يهوذا؟
قامت جمعية الجغرافيا الوطنية (ناشيونال جيوغرافيك سوسيتي) مع فريق من الخبراء الدوليين بتحليل مجموعة من الوثائق المكتوبة على أوراق البردي والتي تتضمن إنجيل يهوذا والتي تم اكتشافها بمصر منذ ما يزيد على 30 سنة. وقد كتبت هذه النصوص النادرة على ورق البردي باللغة القبطية القديمة منذ 1700 سنة. وقد قامت جمعية الجغرافيا الوطنية بالتعاون مع معهد ويت للكشوف التاريخية ومؤسسة ماسيناس للفنون القديمة بالإضافة إلى الخبراء في لعلوم والتاريخ واللاهوت من شتى أنحاء العالم وذلك من أجل توثيق وإعادة ترميم وصيانة وترجمة هذه الوثائق الاستثنائية وسبر أغوار دلالاتها وأهميتها.
هل كان إنجيل يهوذا معروفاً لدى العلماء والمختصين؟
كان العلماء يعرفون بوجود إنجيل يهوذا من خلال الإشارات إلى هذا الكتاب التي وردت في النصوص القديمة. ومن أقدم المراجع التي أشارت إلى إنجيل يهوذا هي التي كتبها المطران آيريناوس أسقف ليون عام 180 للميلاد. لكن رغم ذلك فلم يتم العثور على إنجيل يهوذا إلا في السبعينات من هذا القرن في مصر كما لم يتم ترجمته إلا في العام 2001 على يد البروفيسور السويسري رودولف كاسر العالم المشهور في والمتخصص في المعارف القبطية الذي أشرف على استعادة وترجمة هذه المخطوطة.
من كتب إنجيل يهوذا؟
كاتب إنجيل يهوذا غير معروف. النص الأصلي لإنجيل يهوذا كتب باللغة الأغريقية (اليونانية) ويعتبر هذا النص القبطي ترجمة له، ويعتقد أن النص الأصلي المكتوب باليونانية ألفته مجموعة من المسيحيين (المستبصرين) خلال الفترة ما بين كتابة أناجيل العهد الجديد بواسطة متى ومرقص ولوقا ويوحنا والعام 180 لميلاد المسيح.
لماذا كتبت هذه النصوص القديمة وما الهدف منها؟
قامت مجموعات من المسيحيين في القرن الثاني باتباع بعض الكتابات والمؤلفات التي تؤيد عقيدتهم وطقوسهم. وقد ظهرت عديد من الأناجيل التي كتبت وباسم التلاميذ والحواريين ونسبت إليهم. وقد تم التعامل مع هذه الكتابات التي تحمل أسماء مستعارة واعتبارها كتابات مقدسة بواسطة هذه المجموعة أو تلك رغم أن معظم هذه الكتابات صنفت على أنها هرطقات وتم منعها وحظرها بواسطة المسيحيين الأرثوذوكس خلال العصور التالية.
ماهو أثر نشر هذا النص على التعاليم والمعتقدات المسيحية
يعتبر هذا الكشف الأثري من الكشوف الحضارية الهامة التي تقدم رؤية مغايرة للرؤى التي استقرت في القرن الأول والثاني عن العلاقة بين يسوع ويهوذا، كما أنها تضيف إلى معلوماتنا التاريخية وإلى فهمنا عن اللاهوت خلال تلك الفترة.
ما علاقة جمعية الجغرافيا الوطنية بإنجيل يهوذا.
تم تداول المخطوطة مرات عديدة بين عدة أيدي ومؤسسات منذ أن تم العثور عليها منها مؤسسة ماسيناس للفنون الأثرية بسويسرا والتي والتي قامت بالاتصال بجمعية الجغرافيا الوطنية (ناشيونال جيوغرافيك سوسيتي) لتقوم بدور رئيس في توثيق وصيانة هذه المخطوطة. وقد قامت الجمعية بحشد عدد من العلماء لمعالجة هذه المخطوطة.
ما أهمية هذه المخطوطة؟
تعتبر المخطوطة المحتوية على إنجيل يهوذا هي أعظم اكتشاف تم في هذا القرن لمخطوطة قديمة من المخطوطات المسيحية أو اليهودية خلال الستين عاماً الماضية.
لماذا استغرقت المخطوطة كل هذا الوقت قبل أن تنشر؟
نظراً لأن حالة المخطوطة ساءت جداً خلال الثلاثين سنة الأخيرة منذ أن تم اكتشافها فقد كلف ذلك العلماء والخبراء مجهوداً ووقتاً كبيراً لترميمها وإعادتها إلى وضعها الحالي وبمقارنة الوقت والجهد الذي بذل في ترميم وصيانة وترجمة هذه المخطوطة مع الجهد والوقت الذي بذل لمعالجة مخطوطات نجع حمادي (والذي استمر 25 عاماً) وكذلك مخطوطات ولفائف البحر الميت (والذي استغرق حوالى 50 سنة) فإن صيانة وتوثيق وترجمة ونشر إنجيل يهوذا فإن صيانة وترميم وترجمة وتوثيق ونشر إنجيل يهوذا والذي استغرق خمس سنوات قد تم في زمن قياسي.
كيف تمت عملية الترجمة ومن الذي شارك فيها؟
قامت مؤسسة ماسينياس للفنون الأثرية بالتعاقد مع البروفيسور السويسري رودولف كاسر والذي يعتبر من طليعة العلماء في العالم المتخصصين في الدراسات القبطية وذلك لتولي قيادة فريق من الخبراء العالميين في العلوم والترجمة وعلماء الآثار وعلماء التاريخ وذلك للقيام بترجمة هذه الوثيقة الهامة.
كيف تم ترميم مخطوطة إنجيل يهوذا؟
لقد كانت عملية ترميم مخطوطة إنجيل يهوذا عملية رهيبة نظراً لأن حالة الوثيقة كانت قد ساءت كثيراً خلال العقدين الأخيرين. قام بروفيسور كاسر بطلب المساعدة من خبيرة البردي السويسرية فلورنس داربر والعالم في الشئون القبطية جريجور ورست بجامعة أوجسبرج بألمانيا لإعادة تجميع الصفحات الست والعشرين من إنجيل يهوذا. وبمساعدة أنظمة وبرمجيات الحاسب الآلي التي تقوم بتسجيل النصوص وحفظ الفراغات ثم القيام بمطابقة الفراغات مع النصوص وبعد القيام بالفحوصات البصرية بدقة وعناية لمطابقة أنسجة نبات البردي مع بعضها البعض لتكون نسيجاً متكاملاً فقد تمكن كل من داربي وورست وكاسر من إعادة تجميع أكثر من ثمانين بالمائة 80% من النص خلال خمس سنوات مضنية من العمل المتواصل
كيف قامت جمعية ناشيونال جيوغرافيك سوسيتي بتوثيق هذه الوثيقة؟
تم توثيق هذه المخطوطة واعتمادها وتأكيد كونها مخطوطة أصلية من الكتابات والمؤلفات الكنسية القديمة المرفوضة من المسيحية القديمة (Apocryphal) وقد تم هذا العمل عبر خمسة محاور: تحديد عمر المخطوطة باستخدام الكربون الذري - تحليل الحبر - التصوير متعدد الأطياف - تحليل حقائق السياق - ,والحقائق الباليوغرافية انظر محاور وخطوات توثيق المخطوطة هنــــا.
أين أجد هذه الوثائق وهل هي متاحة للإطلاع عليها ومشاهدتها؟
النص العربي والإنجليزي والقبطي جميعها متاحة في هذا الموقع للإطلاع عليها ومشاهدتها بالإضافة إلى صور صفحات الوثيقة الأصلية المكتوبة على ورق البردي. وقد نشرت العديد من الكتب حول إنجيل يهوذا مع التعليقات والشروح.
أين توجد المخطوطة الأصلية؟
تم عرض صفحات إنجيل يهوذا بالإضافة إلى أوراق بعض النصوص الأخرى من المخطوطة بمبنى رئاسة جمعية الجغرافيا الوطنية بواشنطن في السابع من أبريل عام 2006 وسوف يتم تسليم أصل المخطوطات للسلطات المصرية لحفظها بالمتحف القبطي بالقاهرة.
نسخة وحيدة من إنجيل يهوذا وعالم آثار يهودي يعتبر وجود النبيين داوود وسليمان أسطورة |
اعلن الامين العام للمجلس الاعلى للاثار المصري زاهي حواس الاربعاء ان مصر استعادت من الولايات المتحدة مخطوطة تعتبر النسخة الوحيدة في العالم من انجيل يهوذا غير المعترف به من الكنائس المسيحية في العالم. وقال حواس ان "المخطوطة مكتوبة على 13 ورقة باللغة القبطية القديمة وتم تغليفها بغلاف سميك من الجلد وتم اخراجها من البلاد قبل اكثر من ربع قرن". وكان فلاح مصري عثر على المخطوطة في احد الكهوف الموجودة في الصحراء بالقرب من بني مزار (200 كلم جنوب القاهرة) في محافظة المنيا وباعها لاحد تجار الاثار المصريين الذي قام بتهريبها ووضعها في احدى خزائن احد البنوك الاميركية الى ان تمكن من بيعها لتاجرة آثار. واستقرت المخطوطة اخيرا لدى مؤسسة ميسنيس الاميركية في عام 2000 واتفق الامين العام للمجلس الاعلى للاثار حواس مع مؤسسة ناشونال جيوغرافيك ومعهد ويت للاكتشافات الاثرية على ان يقوما بشراء هذه النسخة بمليوني دولار تدفع مناصفة بين المؤسستين ليقوما بعدها بترميمها وترجمتها واعادتها الى وطنها الاصلي مصر. وتبين بعد ترميم المخطوطة وترجمتها انها "سفر ليهوذا الذي يصور ابعادا مختلفة لعلاقته مع السيد المسيح بشكل مختلف عما نجد في الاناجيل الاربعة المعروفة متى ومرقص ولوقا ويوحنا والتي اقرها المجمع القبطي الذي عقد في عام 325 ميلادية في احد مدن اسيا الصغرى". وتابع ان "الانجيل المكتشف يظهر ان يهوذا لم يخن المسيح ولم يسلمه للرومان مقابل 30 قطعة من الفضة بل كان الحواري الطائع الامين الذي قام بهذا العمل بناء على اوامر السيد المسيح نفسه". والمخطوطة تعود الى القرن الثالث او الرابع للميلاد وهي منقولة عن نص مفقود لمخطوطة كتبت باللغة اليونانية القديمة عام 180 ميلادية. واشار احد علماء الاثار المختصين الذي رفض ذكر اسمه ان "هذه المخطوطة ستغير الكثير من المعروف عن تاريخ الديانة المسيحية التي اعتبرت يهوذا خائنا وبنت الكثير من الاحكام على هذا الفعل وهي المرة الاولى التي نجد فيها ما يدلل على براءة المتهم التاريخي". وتابع "لقد فقد الادباء رمزا هاما في كتاباتهم الادبية لاحد رموز الخيانة عبر التاريخ اذا كان ما تضمنته هذه المخطوطة صحيحا". وعلى صعيد مقارب شكك عالم الآثار اسرائيل فينكلشتاين في اسطورتي الملك داوود وسليمان الحكيم موردا قراءة جديدة لهما على ضوء ابحاث علمية مفادها ان داوود كان ربما مجرد قاطع طرق وسليمان الحكيم كان حاكم اورشليم (القدس) في زمن لم يكن عدد سكانها يتعدى بضعة الاف. وتحول داوود الراعي والمحارب والملك وسليمان الحكيم الذي حكم بتبصر وطيبة وعدل الى نموذجين عن الادارة الرشيدة. غير ان فينكلشتاين افاد في مقابلة اجرتها معه وكالة فرانس برس لمناسبة صدور كتابه الجديد بعنوان "ملوك الكتاب المقدس" في الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا واسرائيل ان اي اكتشاف في مجال علم الاثار والتاريخ لم يؤكد حتى الان ان هذين الملكين عاشا حقا. وقال "ان اسمي داوود وسليمان لم يردا في اي نص معاصر خارج الكتب المقدسة". وسبق لفينكلشتاين الذي يدير معهد علم الاثار في جامعة تل ابيب ان اثار جدلا محتدما قبل اربع سنوات عند صدور كتاب سابق الفه بالاشتراك مع الصحافي نيل آشر سيلبرمان الذي ساهم ايضا في الكتاب الجديد. وكتب عالم الاثار في "ملوك الكتاب المقدس" ان "معظم المحطات الشهيرة في حكاية داوود وسليمان اما وهمية واما مشكوك بصحتها من منظار تاريخي واما مبالغ بها". واوضح فينكلشتاين ان علماء الاثار غالبا ما استخدموا نص الكتاب المقدس "اساسا لتفسير اكتشافات علم الاثار التي تؤكد بدورها صحة الكتاب المقدس التاريخية" مضيفا ان "ما لا يبدو متماسكا يتم التغاضي عنه الى ان ينهار البناء برمته". وينطلق الكتاب من تحديد تواريخ ملكي داوود وسليمان وهي تواريخ موضع جدل كبير فيستند فينكلشتاين الى ادلة علمية وعلى الاخص التحاليل بمادة الكربون 14 ليحدد بداية ملك داوود في القرن العاشر قبل الميلاد في حين كان حتى الان محددا في القرن التاسع. وقال فينكلشتاين "ان الفارق قرن لكنه قرن حاسم". واوضح ان مملكة يهودا في القرن التاسع كان يعمها الازدهار والنظام وكان الناس يتقنون الكتابة في ظل ادارة جديرة تركت اثارا كثيرة في حين لم يكن هذا التطور ملموسا قبل قرن ما يبعث على التشكيك في امكانية وجود مملكة قادرة على بناء هيكل اورشليم الوارد ذكره في الكتاب المقدس. ويؤكد فينكلشتاين انه يعتمد في بحثه خط المؤرخ الفرنسي مارك بلوك واسلوبه "التراجعي" الذي ينطلق من الحاضر لمعرفة الماضي. وفي ما يتعلق بالمعركة بين داوود وغوليات يوضح عالم الاثار انه من غير الممكن ان تكون وقعت في القرن التاسع قبل الميلاد مشيرا الى ان العملاق الفلسطيني يعرف عنه على انه من مدينة غات التي دمرت قبل عقود من ذلك الوقت. وذكر فينكلشتاين ايضا ان غوليات كان يرتدي ملابس مرتزق يوناني وان حكايته مروية باسلوب يذكر باسلوب ملاحم هوميروس ولا يمكن بالتالي الا ان يكون وضع في وقت لاحق. وبحسب عالم الاثار فان الكتاب المقدس يذهب الى حد كشف اسم كاتب حكاية داوود وهو يدعى "الحنان". وقال فينكلشتاين ان عمليات التنقيب عن الاثار التي يديرها في موقع مجيدو الاثري شمال اسرائيل جمعت فريقا من 43 خبيرا كبيرا واتاحت جمع ادلة علمية لا يمكن دحضها. وقال "لم تحصل ثورة مماثلة في الدراسات التي تتناول حقبة يسوع المسيح وقد بقيت متوقفة في مرحلة بدائية جدا من علم الاثار. وهذه الثورة ضرورية وستحصل حتما". تعليقاً على ما يسمى "إنجيل يهوذا".. حقائق الإنجيل واستغلالها لاختلاق الحدث الإعلاميبقلم: دانيال عيّوش تبثُّ المحطة الاجنبية الفضائية المتخصصة National Geographic برنامجاً وثائقياً بعنوان "انجيل يهوذا"، مرتين في الاسبوع طوال شهر نيسان (2006). يتمحور حول موضوع هذا البرنامج حدث اعلامي انتشر عبر أبرز المجلات والصحف العالمية، وأدى الى طرح أسئلة عدة في ما يخص الصدقية التاريخية للعهد الجديد وقيمة التعليم المسيحي في الكنائس. ما يلفت الانتباه ان توقيت هذا البث يأتي في موسم احتفالات عيد الفصح والقيامة اذ اثناءه يزيد اهتمام المؤمنين بالتعمق في ايمانهم. الا ان هذا البرنامج يأتي مشككاً بأهم معتقدات المسيحيين الايمانية وبتقليدهم. في هذه المرة، وخلافاً لكتاب دان براون ولفيلم المخرج ميل غبسون اللذين تطرقا الى شخص يسوع الناصري، يسلط الضوء على شخص يهوذا وعلى ما يسمى "إنجيل يهوذا". ما هو أصل هذه الوثيقة؟ متى كتبت وأين؟ ما هو مضمونها وما هو تأثير هذا المضمون على المسيحيين؟ هذا ما نحن في صدد معالجته في هذا المقال من خلال التطرق الى أهم النظريات التي استند اليها منتجو البرنامج المذكور. تم اكتشاف النسخة الوحيدة التي وصلت الينا من "إنجيل يهوذا" في كهف بالقرب من مدينة المنيا المصرية، في العقد السابع من القرن الماضي. واشتراها تاجر تحف واثريات من مدينة زوريخ السويسرية عام 2000. تحتوي هذه المخطوطة على احدى وثلاثين صفحة موضوعة باللغة القبطية، وهي لغة مصرية مطعّمة باليونانية القديمة تعود الى حقبة الامبراطورية الرومانية. وأخيراً توصل فريق من الباحثين، تحت اشراف البروفسور رودولف كاسر، الاستاذ المتقاعد من جامعة جنيف والمتخصص باللغة القبطية، الى ترميم المخطوطة وترجمة مضمونها. وقد أعلن هؤلاء الباحثون، قبل بضعة اشهر، نتائج أعمالهم، وقالوا ان هذه المخطوطة تعود، على الأرجح، الى النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي، وذلك استناداً الى نتائج فحص الكاربون 14. ثمة العديد من الوثائق القبطية القديمة التي عثر عليها في منطقة مصر، منها الوثائق التي دعيت إنجيل توما وإنجيل فيليبس وإنجيل المصريين وإنجيل مريم المجدلية وإنجيل الحقيقة. وتنتمي هذه "الأناجيل" الى مكتبة نجع حمّادي الشهيرة التي اكتشفت عام 1945 ونُشرت نصوصها باللغات المعاصرة ابتداء من عام 1978. تنتمي الوثائق القبطية المكتشفة حتى يومنا هذا الى جماعات غنوصية تنتشر خصوصاً في مناطق مصر القديمة. ويعود المصطلح "غنوصي" الى الكلمة اليونانية "غنوسيس" (Gnosis) التي تعني بالعربية "المعرفة". كان الغنوصيون يعتقدون بوجود مصدر سام للخير اسمه العقل الالهي. يحمل كل انسان في داخله شرارة من هذا العقل الالهي، إلا ان العالم المادي يمنعه من التعرف اليها. لم يكتف الغنوصيون باعتبار العالم الجسدي والمادي عالماً سفلياً، كما اعتقدت مجمل المدارس الفلسفية اليونانية آنذاك، بل شدّدوا ايضاً على ان هذا العالم شرير، وكل ما يتصل به هو شرير أيضاً، كالجسد والزواج والجنس، بصرف النظر عن مسبب وجوده، سواء أكان إلهاً خالقاً، أم وسيطاً، أم شيطاناً. من أبرز الفروقات بين تعليم الغنوصية وتعليم المسيحية نظرتهم الخاصة الى مسألة اصل الشر في العالم. يعتقد المسيحيون ان الله هو إله صالح، خلق عالماً صالحاً وخيّراً، وان الانسان استغل حريته فادخل الخطيئة والفساد الى العالم مما سبب الألم والخلل في نظام الطبيعة. اما الغنوصيون، فقد نسبوا شر العالم الى إله خالق قصد ايجاد عالم فاسد. لذلك توصلوا، استناداً الى هذه المعتقدات، الى تصوير بعض الشخصيات الوارد اسمها في العهد القديم على انهم أبطال وقدوة رغم أعمالهم الشريرة. نذكر منهم قايين (الذي قتل اخاه هابيل) وعيسو (أخو يعقوب الكبير الذي تخلى عن بكريته مقابل صحن من العدس). وفي هذه الرؤية الغنوصية التي تظهر رضى الخالق عن وجود الشر في العالم، تدخل تماماً شخصية يهوذا ودوره المسيء الى شخص يسوع الناصري. تفسر هذه الرؤية رفض الكنيسة الأولى لهذه التعاليم التي تتناقض مع الرؤية المسيحية للانسان والخليقة. اما أية اعتبارات اخرى لتفسير هذا الرفض فهي من نسج خيال صاحبها لغاية في نفسه ربما. كانت الجماعات الغنوصية ذات طابع نخبوي، غير منفتحة على العالم، بل تقتصر على مجموعة من المبتدئين بتعليمهم. واعتبر الغنوصيون انفسهم مختارين ومتميزين عن اي تجمع ديني آخر. هذا هو السبب الرئيسي لبقاء نصوص الجماعات الغنوصية مكتومة. لا يمكننا توصيف الوثائق الغنوصية بوثائق مسيحية، اذ انها تعود الى جماعات توفيقية syncretistic تجمع اعتقاداتها من ديانات عدة، منها المسيحية واليهودية والديانات الرومانية والفلسفة اليونانية. منذ نشوء الغنوصية اظهر المسيحيون رفضهم لوثائقها، وقالوا بعدم انسجامها مع الايمان المسيحي. ويندرج "انجيل يهوذا" في هذه المجموعة من الوثائق التي لها قيمة تاريخية كبيرة لأنها تساهم في معرفة الحركة الغنوصية ولكنها لا تشكل اي خطر على الايمان المسيحي كما تعلّمُه الكنيسة. ما يرد في هذا البرنامج عن انجيل يهوذا يتناغم مع الاعتقادات الغنوصية، يهوذا هو الوحيد الذي "يعرف"، وهو من يتسلم من يسوع الامر التالي: "سوف تقدم الجسد البشري الذي ارتديه ذبيحة". وبالفعل، يشير هذا النص الغنوصي الى ان يسوع ليس إنساناً حقيقياً، ولكنه ليس جسدا بشريا، وبفضل يهوذا سيتحرر منه. علاوة على ذلك، يهوذا "يعرف" ان البشرية كلها سترفضه على مدار القرون، باستثناء الغنوصيين طبعا لأنهم يعرفونه ويعرفون مضمون انجيله. يذكر القديس ايريناوس الذي من ليون (+ 200 الميلادي) وجود النزعة الغنوصية، وذلك في كتابه "ضد الهرطقات"، الذي يتطرق فيه الى بدعة القايينيين. في الكتاب الاول، الفصل 31، يقول ايريناوس ان القايينيين شددوا على "معرفة" يهوذا المميزة وعلى انه اتم رسالة سرية عندما سلّم المسيح الى السلطات اليهودية، وان هذه المعلومات ترد في قصة خرافية سماها اصحابها "انجيل يهوذا". الا اننا لا نقدر ان نجزم حتى الان ان "انجيل يهوذا" الذي ذكره ايريناوس هو نفسه الذي نحن في صدد دراسته، لانه وبحسب ما جاء في البرنامج الوثائقي، لا احد يدري ما هو مصدره: هل هذه الوثيقة كتبت باليونانية وترجمت، ام انها وضعت باللغة القبطية؟ هل لرواية انجيل يهوذا اية صدقية تاريخية؟ اذا ما راجعنا الاناجيل القانونية نلاحظ عدم التوافق على السبب الذي دفع بيهوذا الى تسليم يسوع. يروي متى ان يهوذا سلم يسوع من اجل المال (مت 26: 14 – 15)، ولا يأتي مرقس على ذكر السبب (مر 14: 10 – 11)، بينما لوقا ويوحنا يؤكدان ان الشيطان دخل فيه ودفعه الى فعل التسليم (لو 22: 3، يو 13: 27). فضلا عن ذلك، لا نجد رواية موحدة لطريقة موت يهوذا. فبحسب انجيل متى، يشنق يهوذا نفسه (مت 27: 5). ويذكر سفر اعمال الرسل ان يهوذا "وقع على رأسه منكسا وانشق من وسطه" (أ ع 1: 18). هذا الاختلاف في السرد الروائي يعود الى ان العهد الجديد لا يهتم في وصف الاحداث كوقائع تاريخية مجردة، بمقدار ما يفسرها تفسيراً لاهوتياً. ولكن، اذا اعتمدنا مناهج علم التاريخ الحديث، يمكننا ان نستنتج ان القاسم المشترك في هذه الروايات يؤكد امرين اساسيين: الاول ان يهوذا سلم يسوع، والثاني انه انفصل عن مجموعة الرسل الاثني عشر اثر ذلك. وما يعزز الصدقية التاريخية لهذين الامرين هو بالضبط الاختلاف في تفاصيل الروايات الانجيلية حول يهوذا، لأن هذا الاختلاف يؤكد شهادة موحدة تنبع من تقاليد آتية من مصادر مختلفة، حسب مبدأ تعدد الشهادات multiple attest الذي يعتمد عليه علم التاريخ. ولا بد من ان نذكر ان كتّاب العهد الجديد يقدمون قراءة للاحداث التاريخية من منظار ايماني تتبلور في قراءة كل اسفار الكتاب المقدس. بناء على ذلك، يمكننا تناول احدى النقاط الجوهرية التي تطرق اليها البرنامج الوثائقي، الا وهي التهمة بأن مسؤولية الاعتداءات على الشعب اليهودي من المسيحيين عبر التاريخ تقع على ما يعلمه العهد الجديد، وبصورة خاصة على تعليم انجيل يوحنا. ويستنتج منتجو البرنامج ان انجيل يهوذا قد يُحدث تغييرا مهماً اذ انه يعيد الى شخصية يهوذا (وفي العبرية، اسم يهوذا يشتق من اسم اليهود) دورا ايجابيا بين الرسل. هذا النوع من التحليل يبتعد كل البعد عن اطار الكلام المذكور في النصوص الكتابية، ويُفهم فقط في اطار التفسير الحرفي للكتاب المقدس. ولو طبقنا هذا النهج التفسيري الحرفي على نصوص العهد القديم، لوجدنا ان العهد القديم، قد علّم الكراهية ضد الامم غير اليهودية، وانه برر القتل من اجل الحصول على الارض بحق الهي. لذلك، لا يمكننا ان نقرأ الكتاب المقدس، الا في اطار قانونه الذي حدده تقليد الكنيسة، وبمناهج تفسيرية تعتمد العقل والفكر النقدي. ولا يسمح العهد الجديد بأي موقف كراهي تجاه اي انسان، ولا يعلم العنصرية ولا التمييز. ويكفي ان نذكر كخلاصة لنهج تفسير يسوع للاسفار المقدسة النص الآتي الذي ورد في انجيل متى: "اما الفريسيون فلما سمعوا انه أبكم الصدوقيين اجتمعوا معاً. وسأله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلاً: يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس" فقال له يسوع: تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء". (مت 22 : 34 – 40). في هذا النص، يعلم يسوع ان علاقة الانسان بالله وبقريبه مبنية اولاً على المحبة كما يُعرف عنها في اسفار الشريعة والانبياء. لا شك في ان الصورة التي يرسمها "انجيل يهوذا" عن يسوع تختلف كل الاختلاف عما ترويه الاناجيل الاربعة القانونية. ولكن البرنامج الوثائقي وصف مضمون "انجيل يهوذا" بـ أصيل (authentic). والصفة "أصيل" تتردد مرات عدة بمعان مختلفة اثناء البرنامج. فماذا يعني اذا قيل إن المخطوطة اصيلة؟ هل يقصد التلميح الى ان كاتبها كان يهوذا الاسخريوطي؟ او ان رواية يهوذا حول يسوع هي ذات اصالة؟ او، بكل بساطة، يقصد ان المخطوطة تحتوي على كتابة غنوصية اصيلة تعود الى القرنين الثالث او الرابع الميلاديين؟ يعرف الاختصاصيون ان درجة الاصالة التي قد تنالها هذه المخطوطة تتمحور على تعلق مضمونها بالفكر الغنوصي فحسب، وليس بأصالة الكاتب، ولا بصدقية روايتها حول يسوع. لا شك في ان البحث في نصوص "انجيل يهوذا" سيساهم في فهم افضل للنزاعات الدينية والفلسفية داخل الامبراطورية الرومانية التي عاصرت المسيحية. من جهة اخرى، لن تفيدنا هذه المخطوطة في التعرف على شخص يهوذا التاريخي بطريقة افضل، لكونها لا تعتمد وقائع تاريخية موثوقاً بها. كما انها لا تؤثر لا من قريب ولا من بعيد في جوهر الايمان المسيحي كما تدعي الدعاية الاعلانية للبرنامج. ان تلميح منتجي البرنامج الوثائقي باستمرار الى نظرية مؤامرة الكنيسة على كشف بعض الحقائق الخاصة بحياة يسوع وتلاميذه، والتي يسندون اطلاقها زوراً الى القديس ايريناوس، ليس له أية جذور علمية ولا تاريخية، حتى وان كان الموضوع مشوقاً جداً بالنسبة الى دور نشر الكتب والمجلات والى معدي الافلام السينمائية ومنتجيها" وبالفعل، يمكن اي شخص ان يحصل على نسخة من الاناجيل الغنوصية من اية مكتبة متخصصة. لقد أدت نظريات المؤامرة الى ارتفاع نسبة الارباح في التسعينات من القرن الماضي عندما اصر القائمون على الاعلام العالمي على كشف "اسرار" مخطوطات قمران اي مخطوطات البحر الميت. اما كتاب دان براون حول "اسرار" يسوع والكنيسة، فقد ادى الى حركة تجارية ضخمة ليس لها سوابق. وليس صدفة ان الموعد المختار لكشف نصوص "انجيل يهوذا" يتزامن مع فترة عيد الفصح المسيحي ويسبق الاطلاق العالمي لفيلم "شيفرة دافنشي" في 19 ايار المقبل (2006). هذا الاخراج التسويقي يوقع الجماهير في حمى الاستهلاك الجماعي، الامر الذي يدرّ ارباحاً عملاقة لشركات الاعلام وان كان ذلك على حساب الانجيل والايمان المسيحي. ان هذه النظريات حول يهوذا ليست بجديدة ففي العصر الحديث ظهرت صور جديدة ليهوذا تبعده عن شخصية يهوذا الخائن المذكورة بتكرار في الادب والفنون. يجدر، على سبيل المثال، ذكر المسرحية الغنائية Jesus Christ Superstar عام 1973، التي يلعب فيها دور يهوذا رجل اسود، ويقول عند تسليم يسوع "بالحق لم آتِ الى ههنا بارادتي أنا" للدلالة على انه لم يشأ تسليمه. كما اننا نذكر ايضاً رواية نيكوس كازنتزاكيس، "تجربة المسيح الأخيرة" (1951)، التي صورها سينمائياً مارتن سكورسيسي عام 1988. في هذين العملين، يأخذ يهوذا دور ضمير المسيح، فيطالبه بأن يتمم رسالته المسيانية، اي ان ينظم ثورة شعبية من اورشليم. وفي هذا الاطار، نستذكر ايضاً رواية تيلور كالدويل بعنوان "انا يهوذا" عام 1977. لقد تعددت الاتهامات ضد الكتاب المقدس منذ زمن بعيد، كما تعددت منذ نهاية القرن الماضي النصوص المشككة بشخص يسوع المسيح. لكن الكتاب المقدس سيبقى ثابتاً امام كل تلك التحديات لان رسالته متينة ومنسجمة في كل ابعادها، ولان حافزه الاول هو اعلان محبة الله واعماله من اجل الانسان، من خلال يسوع المسيح وعمل الروح القدس في الكنيسة. مَن درس الكتاب المقدس علمياً عرف انه من المستحيل اعتباره كتاباً مزيفاً او مضللاً، بل هو كتاب اصيل، يخاطب الجميع ويدعوهم الى التأمل بالخيرات التي وضعها الله في الانسان وفي الخليقة كلها. |
Comments