قضاة العالم يسمحون بالتصوير داخل المحاكم
آخر تحديث: الخميس 14 اكتوبر 2010 1:59 م بتوقيت القاهرة
أثار قرار مجلس القضاء الأعلى، بحظر تصوير وقائع المحاكمات ونشر تحقيقات النيابة العامة فى القضايا، جدلا كبيرا فى الأوساط القضائية والإعلامية، خاصة بعد أن عارض نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد، القرار فى حضور القاضى سرى صيام رئيس مجلس القضاء الأعلى.
ورد صيام بقوله: كل بلد وله ظروفه.
وفى السطور التالية، تستطلع «الشروق» نظم التغطية الإعلامية لجلسات المحاكم فى العديد من دول العالم خاصة فى دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا.
ففى ألمانيا، تابعت وسائل الإعلام العالمية والمصرية وقائع محاكمة قاتل شهيدة الحجاب مروة الشربينى فى مدينة دريسدن العام الماضى، حيث سمحت رئيسة المحكمة للإعلاميين والمصورين الصحفيين والتليفزيونيين بحضور جميع الجلسات، لكنها نظمت مسألة التصوير وفق القانون الألمانى الذى يمنح رئيس المحكمة سلطة تقديرية لإدارة الجلسة.
فكانت رئيسة المحكمة بريجيت فيجاند تسمح بدخول المصورين لالتقاط الصور للمتهم والمحامين والشهود والحضور لمدة تزيد على ربع الساعة يوميا، ثم التقاط صور لأعضاء هيئة المحكمة والمحلفين لمدة 5 دقائق، قبل أن تأمر بفتح الجلسة ليخرج المصورون من تلقاء أنفسهم بدون أى تدخل أمنى، ولم تضع رئيسة المحكمة أى قيود على تحركات الصحفيين خلال الجلسة.
وعدد كبير من رؤساء المحاكم فى ألمانيا لا يرون مشكلة فى السماح للمصورين بحضور الجلسات بالكامل، ففى مطلع الشهر الحالى شهدت مدينة فرانكفورت محاكمة شهيرة لمغنى الروك كيفين روسل، المتهم بتعاطى المخدرات خلال قيادته السيارة على الطريق السريع، وتمت المحاكمة تحت عيون الإعلام والمصورين بدون أى قيود.
وسمح رئيس المحكمة للمصورين بحضور الجلسات كاملة وتصوير المتهم (النجم) خلال دفاعه عن نفسه، بل وسمح لمراسلى الصحف الإلكترونية بدخول المحكمة بأجهزة الكمبيوتر المحمولة لنقل أحداث المحاكمة دقيقة بدقيقة، كما فعلت صحيفة «بيلد» واسعة الانتشار على موقعها الإلكترونى، كما سمح للقنوات التليفزيونية ببث مقاطع كاملة من المحاكمة.
وسمح رئيس محكمة دوسلدورف العليا بتصوير أعضاء «مجموعة زاورلاند» المتهمين بالشروع فى عمليات إرهابية ضد أهداف ألمانية وأمريكية فى أوروبا، الذين تم الحكم عليهم بالسجن 13 سنة، فى قضية شغلت الرأى العام الأوروبى من سبتمبر 2009 إلى فبراير 2010.
ولم يمنع رئيس المحكمة أوتمار برايدلينج المصورين الصحفيين والتليفزيونيين من حضور أى جلسة على مدى 5 أشهر، كما سمح ببث مقاطع تليفزيونية لدخول المتهمين قاعة المحكمة والنطق بالحكم، وإن كان يستغل سلطته التقديرية فى منع التصوير التليفزيونى خلال المرافعات.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية يسمح النظام الفيدرالى لكل ولاية بسن نظام خاص لتصوير المحاكمات بها، وتتفق 47 ولاية أمريكية على منح رئيس المحكمة سلطة تقديرية للسماح بالتصوير الفوتوغرافى والتليفزيونى من عدمه، وله أيضا أن يحدد الفترات الزمنية للتصوير، وله أيضا أن يستبعد التصوير تماما ويكتفى بحضور فنانين متخصصين فى رسم وقائع المحاكمات.
وسمحت المحكمة الفيدرالية بولاية فلوريدا بتصوير الشاب المصرى يوسف مجاهد الذى كان متهما بالمشاركة فى التخطيط لأعمال إرهابية ثم برأته المحكمة منها، كما سمحت محاكم ولايات أخرى بالتقاط صور فوتوغرافية لوقائع محاكمات بعض المتهمين بالإرهاب عامى 2007 و2008.
ووضعت بعض الولايات مواثيق خاصة لضبط عملية تصوير المحاكمات ونقلها تليفزيونيا، منها ولاية كونيتيكت التى ننشر تفاصيل «بروتوكول البث الإذاعى والتليفزيونى من داخل محاكمها» فى السطور التالية:
ــ يسمح بدخول وحدات الإنتاج التليفزيونى داخل المحكمة، على أن تتكون كل وحدة من كاميرا واحدة محمولة أو موضوعة على حامل، ومسموح للمصور استخدام 2 كاميرا على الأكثر، ومسموح أيضا باستخدام وحدة لبث الصوت للإذاعة.
ــ يجب أن تدخل المعدات إلى القاعة بطريقة غير مزعجة ومرتبة بعد الحصول على إذن من الموظفين المختصين، وتوضع الكاميرات فى أبعد مكان ممكن عن المتقاضين والمحامين ومنصة المحكمة، ومسموح باستخدام عدسات لتكبير الصورة.
ــ إذا كانت وحدات البث مكونة من أجهزة عديدة يجب على مندوب القناة تجميعها سويا إلى أقصى حد.
ــ لوسائل الإعلام تصوير ما تراه مناسبا لتوضيح طبيعة المحاكمة للمشاهد، مثل أرقام الدعاوى وأسماء المحامين على الفنيين مشغلى الكاميرات التحرك داخل قاعة المحكمة بهدوء وسرية، بما يحافظ على هيبة المحكمة.
ــ رئيس المحكمة هو من يبت فى طلبات تغطية المحاكمة تليفزيونيا وصحفيا وفق القانون.
ومما سبق يتضح أن وزارة العدل فى ولاية كونيتيكت وولايات أمريكية أخرى تجاوزت الحديث عن السماح بتصوير الجلسات، بل عمدت إلى تنظيم إجراءات التصوير وطريقته بشكل يضمن للإعلام ممارسة رسالته بما لا يخل بحقوق المتقاضين وهيبة المحكمة.
وفى أستراليا سمحت وزارة العدل بتصوير محاكمة متهمين بالإرهاب عام 2009، كما سمحت إسبانيا ببث محاكمة الانفصاليين المتهمين بالأعمال التخريبية الإرهابية فى إقليم الباسك، كما سمحت روسيا بتصوير وبث محاكمة وزير الطاقة السابق ميخائيل خودوركوفسكى بتهمتى التهرب من الضرائب وغسل الأموال أعوام 2003 و2004 و2009، حيث صورت جميع وسائل الإعلام الرجل الذى كان يحتل المركز 16 فى قائمة أغنى رجال العالم وهو قابع داخل القفص.
وجميع الدول السابقة منحت المحكمة سلطة تقديرية للسماح بالتصوير.
وسنت حكومة نيوزيلندا ميثاقا للتغطية الإعلامية للمحاكمات أيضا، منحت فيه هيئة المحكمة سلطة تقديرية واسعة للسماح أو منع التصوير وتحديد كيفية وفترة التصوير فى كل جلسة، وذلك بعد استشارة أطراف الخصومة ومحامى المتهمين خاصة فى جرائم الشرف والجنس.
وينص هذا الميثاق النيوزيلندى أيضا على أن يحصل الإعلاميون على رخصة التصوير جلسة بجلسة من رئيس المحكمة، وأن يتم إدخال المعدات التليفزيونية إلى القاعة قبل بدء الجلسة احتراما لهيبة المحكمة.
لكن المحامى المصرى خالد أبوبكر، المعتمد لدى القضاء الفرنسى ومحامى أسرة مروة الشربينى أمام القضاء الألمانى، قال إن المحاكم الفرنسية تمنع تماما تصوير المحاكمات فوتوغرافيا أو تليفزيونيا، وتستعيض عنها فقط بالسماح للرسامين برسم الوقائع كاريكاتوريا ونشرها فى الصحف.
وأبدى أبوبكر تأييده لقرار منع تصوير المحاكمات أسوة بفرنسا حفاظا على حقوق المتهم كإنسان لم تثبت إدانته، مع منع بث أى وقائع حية فى الجلسة حفاظا على حقوق المتقاضين، مؤكدا أن هذا لا يتنافى مع مبدأ علنية المحاكمات، لأن كل محكمة لها متحدث رسمى يوضح كل التفاصيل للصحفيين ويتحدث بالنيابة عن هيئة المحكمة حول القرارات والأحكام وسير المحاكمة.
ودعا أبوبكر المسئولين فى مصر إلى استحداث وظيفة «المتحدث الرسمى باسم النائب العام» لتكون الصحافة على اطلاع كامل على مستجدات التحقيقات دون مخالفة القانون الذى يمنع نشرها، بالإضافة إلى تعيين «متحدثين رسميين» لكل محكمة ليجيبوا عن التساؤلات القانونية للصحافة.
وحول توقيت ومناسبة إصدار رئيس مجلس القضاء الأعلى لهذا القرار، قال أبوبكر إن «طريقة تناول الإعلام المصرى المرئى والمقروء لقضية سوزان تميم المتهم فيها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، والتوسع الشديد فى نشر تفاصيل القضية وتحقيقات النيابة فيها ووقائع الجلسات، كان لها تأثير كبير على صدور القرار فى هذا التوقيت».