هذا الكلام لا أؤمن به و لا اعتقده .... و انما أورده للمناقشة و أعمال العقل
ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺯﻳﺪﺍﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺤﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﻪ ﻭ ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻋﻠﻤﻰ ﻭ ﻓﻜﺮﻱ ﻭ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺼﺒﻮﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﺰ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﻪ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻞ
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ :
ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ، ﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻴﺔ ﺳﺎﺑﻖٌ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺑﻘﺮﺍﺑﺔ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎﻡ ، ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﻟﻢ ﻳُﻜﺘﺐ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻴﻴﻦ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ، ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻰ . ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺩﺓ ﻫﺆﻻﺀ ( ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ) ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺍﻃﻨﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻰ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ، ﻭ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﻗﻴﻢ ﻟﻬﻢ ﻣﻌﺒﺪٌ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻰ ﺑﻠﺪﺗﻬﻢ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻟﺴﻜﻨﺎﻫﻢ ، ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻟﺴﻜﻨﻰ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻳﺒﻮﺳﻴﺔ ﺃﻗﺪﻡ ﻣﻨﻬﻢ . ﻭ ﻓﻰ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺰﻭﺡ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺑﺎﺑﻞ ، ﺗﻢّ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻰ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻷﻥ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻭ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﻟﻠﺴﻜﻦ ﻓﻰ ﺑﺎﺑﻞ ﻭ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ ، ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﺸﺠﻴﻊ " ﻋﻴﺰﺭﺍ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ " ﻋﻠﻰ ﺗﺪﻭﻳﻦ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ، ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺑﺪﻋﻢٍ ﻭ ﺗﺄﻳﻴﺪٍ ﺳﻤﺎﻭﻯ ﻣﻦ " ﺭﻭﺡ ﻗﺪﻭﺷﻴﻢ " ﺍﻟﺬﻯ ﺳﻮﻑ ﻳُﻌﺮﻑ ﻻﺣﻘﺎً ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﺎﺳﻢ " ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﻭﺱ " ﻭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﺳﻢ " ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘُﺪُﺱ " . . ﻭ ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ ، ﻧﺴﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ ﻭ ﻛﺎﺩﺕ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺗﻨﻄﻤﺲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺍﻧﻄﻤﺴﺖ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻋﺪﻳﺪﺓ ، ﻟﻮﻻ ﻇﻬﻮﺭ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﺭﺍﺓ ﻓﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﻄﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻤﻴﺰ ﺯﻣﺎﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ ، ﻭ ﻫﻰ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ " ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﺭﺍﺓ " ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻯ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﺳﺒﻌﻮﻥ ، ﺃﻭ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﻭ ﺳﺒﻌﻮﻥ ، ﺭﺟﻞ ﺩﻳﻦ ﻳﻬﻮﺩﻯ ﺗﻢ ﺍﺳﺘﻘﺪﺍﻣﻬﻢ ﻟﻺﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ " ﺃﻭﺭﺷﻠﻴﻢ " ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﺎﺳﻢٍ ﻣﺠﺎﺯﻯ ﻳﻌﻜﺲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻫﻮ : ﺑﻴﺖ ﻫﻤﻴﻘﺪﺍﺵ
ﻭ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ، ﺑﺪﺃ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺷﺮﻭﺡ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﻭ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻰ ﻋُﺮﻓﺖ ﻻﺣﻘﺎً ﺑﺎﺳﻢ " ﺍﻟﺘﻠﻤﻮﺩ " ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﻗﺴﻤﻴﻦ ﻫﻤﺎ ﺍﻟﻤﺸﻨﺎ ﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎﺭﺍ ، ﻭ ﻷﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﻓﻘﺪﻭﺍ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﻭ ﻏﻤﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺩﻳﺎﻧﺘﻬﻢ ، ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎً ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ ﻭ ﻻ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻤﻴﻼﺩ ﻣﻦ ﺃﻡ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ! ﻭ ﻟﻬﺬﺍ ، ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻟﻐﺘﻪ ﺃﻭ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺃﻭ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺃﺑﻴﻪ . . ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻭﻝ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ .
ﺛﻢ ﺗﺘﺎﻟﺖ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻜﺮ ، ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ، ﻣﻨﻬﺎ : ﺍﻟﺘﻘﻮﻗﻊ ، ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻟﺬﻭﺑﺎﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ . . ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﺤﻴﺐ ، ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﺨﻠّﺺ . . ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ، ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ . . ﺍﻟﺘﻐﻨّﻰ ﺑﺎﻷﻣﺠﺎﺩ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ ، ﻭ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻰ ﺗﺨﻴُّﻞ ﻋﻈﻤﺔ " ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ " ﻣﻊ ﺃﻥ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻋﺸﺮﺓ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍﺕ ﻣﺮﺑﻌﺔ . . ﺗﻜﺬﻳﺐ ﻛﻞ ﻣﺨﻠﺺ " ﻣﺎﺷﻴﺢ " ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﻢ ، ﻣﺎﺩﺍﻡ ﻳﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ( ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺮﻗﻰ ، ﻻ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ ) .
ﻭ ﻣﻊ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻳﺜﻴﺮﻭﻧﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻰ " ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ " ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻰ " ﺗﻴﻄﺲ " ﺳﻨﺔ 70 ﻣﻴﻼﺩﻳﺔ ﺑﺤﺼﺎﺭ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺃﻭﺭﺷﻠﻴﻢ ( ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ) ﻭ ﺍﻗﺘﺤﺎﻣﻬﺎ ﻭ ﺗﺪﻣﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺒﺪ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ . ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻰ ﻟﻠﻤﻌﺒﺪ ، ﺑﻌﺪ ﺗﺪﻣﻴﺮﻩ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻰ " ﻧﺒﻮﺧﺬ ﻧﺼّﺮ " . . ﻭ ﻓﻰ ﺳﻨﺔ 135 ﺃﺯﺍﻝ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻰ " ﺇﻳﻠﻴﻮﺱ ﻫﺎﺩﺭﻳﺎﻧﻮﺱ " ﺍﻟﺒﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺓ ﺃﻭﺭﺷﻠﻴﻢ ، ﻭ ﺑﻨﻰ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﺳﻤﺎﻫﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻓﺼﺎﺭﺕ " ﺇﻳﻠﻴﺎ " ﺍﻟﺘﻰ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺎﺳﻢ : ﺇﻳﻠﻴﺎﺀ . ﻭ ﻣﻨﻊ ﻫﺎﺩﺭﻳﺎﻧﻮﺱ ﺳﻜﻨﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﻬﺎ ، ﺃﻭ ﺩﺧﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﻴﻬﺎ ، ﻓﺼﺎﺭﺕ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻊ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻰ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻯ ﻣﻮﺿﻌﺎ ﻣﺴﻴﺤﻴﺎً ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ﻓﻴﻪ ﺃﻯ ﻧﺼﻴﺐ ، ﻭ ﻇﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﺗﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀ " ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ " ﻫﻨﺎﻙ ، ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻫﻴﻼﻧﺔ ﺃﻡ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﻗﺴﻄﻨﻄﻴﻦ ، ﺳﻨﺔ 336 ﻣﻴﻼﺩﻳﺔ .
ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﺃﻧﻪ ﻓﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﻟﻠﻮﺭﺍﺀ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻓﻰ ﺍﻷﺣﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ، ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﻓﺈﻥ " ﺑﻴﺖ ﻫﻤﻘﺪﺍﺵ ، ﺇﻳﻠﻴﺎﺀ ، ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ " ﻫﻰ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻻﺭﺗﺪﺍﺩﻯ ﻓﻰ ﺍﻟﺰﻣﻦ : ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻟﻤﺪﺓ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ ( ﺁﺭﺍﻣﻴﺔ ) ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﻟﻤﺪﺓ ﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺒﺮﻳﺔ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﻤﺪﺓ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ . . ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻰ ﺇﺟﻤﺎﻻً ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻗﻮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺃﻋﺮﺍﻗﻬﻢ ﻭ ﺩﻳﺎﻧﺎﺗﻬﻢ . ﻭ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ، ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻰ ، ﺇﺳﺒﺎﻍ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺣﻮﻝ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻟﺘﺄﺟﻴﺞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺟﺬﻭﺗﻪ ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﺠﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻴﺪﻫﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ . ﻭ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺘﻌﺎﻟﻰ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭ ﻣﺰﺍﻋﻤﻬﻢ ﺑﺄﻥ " ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻫﻰ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ " ﻓﺘﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﻮﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﺰﺍﻋﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺴﻮﺓ ﺑﺎﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ " ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻫﻰ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ . " . ﻣﻊ ﺃﻥ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ ﺗﻞ ﺃﺑﻴﺐ ، ﻭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮﻥ ﻋﺎﺻﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺭﺍﻡ ﺍﻟﻠﻪ ! ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﻤﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﻣﺴﺘﻌﺪﻭﻥ ﺩﻭﻣﺎً ﻟﻠﻤﻮﺕ ، ﻭ ﻳﻘﺪﻣﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻭﻗﻮﺩ ﺣﺮﺏ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﺗﺮﻓﻊ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻯﺔ ﺍﻟﺬﻯ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﻼﻋﺐ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮﻥ ﻭ ﺧﺪﻋﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ .
ﻭ ﺁﺧﺮ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ / ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ، ﺍﻹﺩﻋﺎﺀ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﻄﻬﺮﻭﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ، ﺗﺤﻘﻴﻘﺎً ﻟﻮﻋﺪ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﻰ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺗﻮﺭﺍﺗﻬﻢ ، ﻣﻊ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻡ ﻣﺘﺤﻘﻖ ﻓﻌﻼً . . ﻓﺎﻟﻨﺺ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺗﻰ ﻳﻘﻮﻝ " ﻟﻨﺴﻠﻚ ﻳﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺃﻋﻄﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ " ﻭ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﻧﺴﻞ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻫﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ، ﻭ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻭ ﺍﺑﻨﻪ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ . . ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻰ ، ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﺑﻄﺶ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻰ ﺑﺎﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﻭ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﻔﺮﻳﻎ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺓ ﻣﻨﻬﻢ ، ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﻻ ﺩﻳﻨﻰ ﻷﻧﻪ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻭﻋﺪ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﻤﺘﺤﻘﻖ ﻓﻌﻼ ! ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﺇﻻ ﻋﺮﺏ ﻭﻋﺒﺮﺍﻧﻴﻴﻦ . ﻓﻘﻂ . ﻭ ﻻ ﻳﺴﺎﻛﻨﻬﻢ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻷﻭﺯﺑﻚ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﻢ .
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ :
ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﻐﻨﻮﺻﻴﺔ : ﺍﻟﻬﺮﻣﺴﻴﺔ ، ﻭ ﺍﻟﻔﻴﺜﺎﻏﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ ، ﻭ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻛﺎﻟﺰﺭﺍﺩﺷﺘﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ، ﻭ ﺑﻌﺾ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ . ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﻳﺤﻔﻞ ﺗﺮﺍﺛﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﻭ ﺍﻻﺭﺗﻘﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﺣﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻓﻰ ﻟﺤﻈﺎﺕٍ ﻣﻌﻴﻨﺔ ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻰ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﺎﺭﺝ " ﺃﺧﻨﻮﺥ " ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﻨﻮﺻﻴﻴﻦ ، ﻭ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﺮﺍﺝ ﺃﺑﻮﻟﻮﻧﻴﻮﺱ ( ﺑﻠﻨﻴﺎﺱ ) ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻬﺮﻣﺴﻴﻴﻦ ، ﻭ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﺮﺍﺝ " ﺃﺭﺗﺎﻭﻳﺮﺍﻑ " ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻰ " ﺳﺮﻭﺵ " ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺰﺭﺍﺩﺷﺘﻴﻴﻦ ، ﻭ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﺮﺍﺝ " ﺃﺭﺟﻨﺎ " ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻰ " ﺇﻧﺪﺭﺍ " ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻬﻨﻮﺩ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ . . ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺝ .
ﺃﻣﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ ، ﻭ ﻧﺮﺍﻫﺎ ﺛﻼﺛﺔ ( ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ، ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ، ﺇﺳﻼﻡ ) ﻭ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﻭ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ، ﺑﺤﺴﺐ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﻭ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ .
ﻭ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻰ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺑﻌﺾُ ﻣﻔﺴﺮﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻧﺼﺎً ﻗﺮﺁﻧﻯﺎً ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ، ﺍﺳﻤﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﻭ ﺇﻧﻤﺎ " ﺍﻟﻨﺠﻢ " ﻭ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻰ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺃﻭ ﺟﺒﺮﻳﻞ ، ﺃﻭ ﺫﺍ ﺍﻟﻤِﺮَّﺓ . . ﻧﺰﻝ ، ﻭ ﺩﻧﺎ ، ﻭ ﺗﺪﻟﻰ ( ﻭ ﺍﻟﺘﺪﻟّﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﻬﺒﻮﻁ ﻻ ﺍﻟﺼﻌﻮﺩ ) ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺼﺢ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ : ﻣﻌﺮﺍﺝ ! ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺰﺭﺍﺩﺷﺘﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ، ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺻﺎﻏﺖ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ﺍﻟﻤﻈﻨﻮﻥ ، ﻓﻰ ﻧﺼﻮﺹ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ " ﻣﻌﺮﺍﺝ ﻧﺎﻣﺔ ، ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮ " ﻭﻓﻰ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻤﻨﻤﻨﺎﺕ . . ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ، ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﻭ ﺃﺩﺑﻴﺔ ، ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﺻﻮﻻً ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ .
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﻃﺮﻕ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ :
ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻨﻘﻠﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﻟﻺﺛﺒﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻨﻔﻰ . . ﻭ ﻫﻰ ﻣُﺮﺗّﺒﺔ ﺑﺤﺴﺐ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻰ : ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ، ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ، ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ . ﻭ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻻ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﺔ ، ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻨﺺ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ .
ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ، ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺭﺩّ ﻣﺎﻭﺭﺩ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻤﺎ ﺭُﻭﻯ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺩ ﺑﺮﺃﻯ ﻓﻘﻬﻰ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻣﺎ ﻧﺼّﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺻﺤﺎﺡ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ . ﻭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﻭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻭﻟﻮﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺍﻟﺸﺮﻋﻰ ، ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﺺُّ ﺍﻷﻭﻝ ﻭ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻫﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺜﻮﺍﻧﻰ ﻭ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻧﺼﻮﺹٌ ﺛﻮﺍﻟﺚ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﻭ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ . ﻭ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ " ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ " ﺍﻟﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ، ﻟﻢ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ . ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺫﻛﺮ ﻭﺍﻗﻌﺔ " ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ " ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻭ ﻣﺤﺪﺩ ، ﺑﻞ ﺧُﺼﺼﺖ ﻟﻺﺳﺮﺍﺀ ﺳﻮﺭﺓ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﻫﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺴﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ . . ﻭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺜﻮﺍﻧﻰ ( ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ) ﺛﻢ ﻳﺘﻌﺴّﻔﻮﻥ ﻹﺛﺒﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﺑﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻰ ﺳﻮﺭﺓ " ﺍﻟﻨﺠﻢ " ﺍﻟﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﻘﻞ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺻﺮﺍﺣﺔ ، ﻭ ﻧﺰﻟﺖ ﻗﺒﻞ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﺑﺨﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ، ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻘﻮﺍﺋﻢ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻧﺰﻭﻝ ﺳﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ . . ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﻌﺮﺍﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻭ ﻻ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺫﻛﺮ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﺑﻮﺿﻮﺡ ! ﻭ ﻛﻴﻒ ﻳﺄﺗﻰ ﺫﻛﺮ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﻧﺰﻭﻝ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﺍﻟﺘﻰ ﻳﺘﻢ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﺑﺘﻌﺴّﻒ ﻟﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ! ﻭ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﻭ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺘﻰ ﺭُﻭﻳﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﻓﻰ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺆﻛﺪ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻣﺤﺾ ﺑﺸﺮٍ ﺭﺳﻮﻝ ! ﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﻭ ﻋﻼ ﻓﻰ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﻧﺎﻓﻴﺎً ﺑﻜﻞ ﻭﺿﻮﺡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﺼﻼﺓ :
ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻭ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ﻭ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ، ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﻔﻞ ﺗﺮﺍﺛﻨﺎ ﺑﺄﻃﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻓﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭ ﺻﺤﺔ ﺍﻹﺳﻨﺎﺩ ﻭ ﺟﺮﺡ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ ﻭ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ، ﻣﻊ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﻟﻠﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺻﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﺃﻛﺒﺮ ﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ .
ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ( ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭﻯ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ) ﻓﻼ ﻧﻜﺎﺩ ﻧﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ، ﻭ ﻟﻢ ﻳﺸﺘﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻛﺘﺎﺑﺎﻥ ، ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺰﺭﻛﺸﻰ : ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻓﻰ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ، ﻭ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻰ : ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﻓﻰ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ . . ﻭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ، ﻓﻰ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ، ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻕ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ " ﻧﻮﻟﺪﻛﻪ " ﻭ ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ : ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ . ﻭ ﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻓﻰ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭ ﺑﺄﺻﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ، ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺎﺏ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺻﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺴﻬﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻭ ﺧﻄﺒﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻓﻰ ﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ﻭ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ، ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﺜﺒﺘﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ . . ﻭ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻰ ﺧﻠﻂ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍً ﻟﻨﻤﻂٍ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺃﻭ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﻣﺮٍ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺨﺪﻡ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ .
ﻭ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪﻭﻥ ﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ، ﻭ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻬﻢ ، ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﻧﻪ ﻭ ﻳﺴﺘﺪﻟﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻟﻢ ﺗﺮﺩ ﻧﺼﻮﺹ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﻭ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺇﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﻭ ﻓﻀﻞ ﺗﺄﺩﻳﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ . ﻭ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺻﺤﻴﺢ ﻭ ﻻ ﻏﺒﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻠﻐﻰ ﺃﻥ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺭﺩ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭ ﻻ ﺑﺄﺱ ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺡ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ . ﻭ ﻻ ﻳﻠﻐﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﻗﻼﻝ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﺎﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻓﻰ ﻛﻞ ﺷﺎﺭﺩﺓ ﻭ ﻭﺍﺭﺩﺓ ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻋﻨﺪ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ، ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭ ﻫﻢ ﻳﻘﺘﻠﻮﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ .
ﻭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ، ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓُﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ! ﻭ ﻳﻘﺪّﻣﻮﻥ ﺩﻟﻴﻼً ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﻌﻘﻼﺀ ﻗﺒﻮﻟﻪ ، ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻻ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺻﻠﻮﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻧﺼﺢ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻮﺭ ﻧﺰﻭﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﺝ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻳﻄﻠﺐ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﻌﺪﺩ ، ﻓﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ( ﺻﻌﻮﺩﺍً ﻭ ﻫﺒﻮﻃﺎً ) ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺨﻔﺾ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔٍ ﻓﻘﻂ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ! ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ، ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻯ ﻫﻮ ﻣﻨﺎﻁ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﺸﺮﻋﻰ ، ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ( ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ) ﺑﺤﺪﻳﺚ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺭُﻭﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ ، ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓُﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻰ ﻣﻜﺔ ، ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ . ﺛﻢ ﺻﺎﺭﺕ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ﺃﺭﺑﻊ ﻣﺮﺍﺕ ، ﺛﻢ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﻭ ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ . ﻭ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ، ﻓﻠﻦ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻷﻧﻪ ﻣﺮﻭﻯٌّ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ، ﻭ ﻫﻢ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﺭﻭﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ !
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭ ﻗﺪﺍﺳﺘﻪ ؟
ﻻ ﺷﻚ ﻓﻰ ﺃﻥ ﻛﻠﻤﺔ " ﻣﺴﺠﺪ " ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ " ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ " ﻭ ﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻯ ﻧﺘﺪﺍﻭﻟﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻫﻮ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ .
ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺎﻟﻘﺪﺱ ، ﻣﻘﺪﺱ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ، ﻳﺜﺒﺘﻮﻥ ﺣﻖ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻓﻴﻪ ( ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﺒﻬﻮﺍ ) ﻭ ﺇﻻ ﺛﺎﺭ ﻓﻰ ﻭﺟﻬﻬﻢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ : ﺇﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺪﺳﺎً ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻪ ، ﻭ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﺃﺻﻼً ، ﻓﻬﻮ ﺇﺫﻥ ﻣﻘﺪﺱ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ : ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ . . ﻭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻛﻨﺎﺋﺴﻬﻢ ﻣﺘﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ، ﻫﻮ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻓﻘﻂ . ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﺇﻻ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ، ﻭ ﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺃﺻﻼً . ﻭ ﻻﺣﻘﺎً ، ﻗﺪّﺳﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭ ﺍﻧﻀﻤﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻓﻰ ﺗﺒﺠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭ ﺗﻘﺪﻳﺴﻪ .
ﻭ ﻓﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻯ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ : ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺎﺭﻛﻨﺎ ﺣﻮﻟﻪ ( ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ) ﻓﻬﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ، ﺣﺎﺷﺎ ﻟﻠﻪ ، ﻗﻤﺎﻣﺔ !
ﻭ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺃﺧﻴﺮﺓ ، ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ، ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﻛﺜﻴﺮﺓ ( ﻣﺴﺎﺟﺪ ) ﻟﻠﺘﻬﻴﺆ ﺍﻟﺮﻭﺣﻰ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﺮﻡ ﺍﻟﻤﻜﻰ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻌﺒﺪ ﺁﻟﻬﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ، ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺍﻟﺮﺑﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻰ ﺭﻣﺰﻫﺎ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﻜﻌّﺐ : ﺍﻟﻼﺕ . . ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻌﺒﺔ " ﺍﻟﻼﺕ " ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ، ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻰ ﻣﻜﺔ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﻓﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻒ . ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻒ ، ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺩﻧﻰ ﻭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺑﻌﺪ ﻭ ﺃﻗﺼﻰ . " ﻣﺴﺎﺟﺪ " ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺴﺠﺪ ، ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻰ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ : ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺎﺭﻛﻨﺎ ﺣﻮﻟﻪ .
ﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﻻ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ " ﻣﻌﺮﺍﺝ " ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﻋﻦ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﻨﻔﺴﻪ ، ﺃﻭ ﻧﺰﻭﻝ ﺟﺒﺮﻳﻞ ، ﺑﺄﻥ " ﺩﻧﺎ ، ﻓﺘﺪﻟﻰ " . ﻭ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻮﺹٍ ﺛﻮﺍﻥٍ ، ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﺗُﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﻭﻝ . . ﻭ ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﺗﻘﺪﺡ ﻓﻰ ﺭﺳﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ، ﺃﻯ ﻛﻮﻧﻪ ﺩﻳﻨﺎً ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺣﻰ ﻭ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ، ﻻ ﺍﻟﻐﻨﻮﺹ ﺍﻟﺬﻯ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ
ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺯﻳﺪﺍﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺤﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﻪ ﻭ ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻋﻠﻤﻰ ﻭ ﻓﻜﺮﻱ ﻭ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺼﺒﻮﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﺰ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﻪ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻞ
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ :
ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ، ﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻴﺔ ﺳﺎﺑﻖٌ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺑﻘﺮﺍﺑﺔ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎﻡ ، ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﻟﻢ ﻳُﻜﺘﺐ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻴﻴﻦ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ، ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻰ . ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺩﺓ ﻫﺆﻻﺀ ( ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ) ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺍﻃﻨﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻰ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ، ﻭ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﻗﻴﻢ ﻟﻬﻢ ﻣﻌﺒﺪٌ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻰ ﺑﻠﺪﺗﻬﻢ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻟﺴﻜﻨﺎﻫﻢ ، ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻟﺴﻜﻨﻰ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻳﺒﻮﺳﻴﺔ ﺃﻗﺪﻡ ﻣﻨﻬﻢ . ﻭ ﻓﻰ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺰﻭﺡ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺑﺎﺑﻞ ، ﺗﻢّ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻰ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻷﻥ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻭ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﻟﻠﺴﻜﻦ ﻓﻰ ﺑﺎﺑﻞ ﻭ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ ، ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﺸﺠﻴﻊ " ﻋﻴﺰﺭﺍ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ " ﻋﻠﻰ ﺗﺪﻭﻳﻦ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ، ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺑﺪﻋﻢٍ ﻭ ﺗﺄﻳﻴﺪٍ ﺳﻤﺎﻭﻯ ﻣﻦ " ﺭﻭﺡ ﻗﺪﻭﺷﻴﻢ " ﺍﻟﺬﻯ ﺳﻮﻑ ﻳُﻌﺮﻑ ﻻﺣﻘﺎً ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﺎﺳﻢ " ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﻭﺱ " ﻭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﺳﻢ " ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘُﺪُﺱ " . . ﻭ ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ ، ﻧﺴﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ ﻭ ﻛﺎﺩﺕ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺗﻨﻄﻤﺲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺍﻧﻄﻤﺴﺖ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻋﺪﻳﺪﺓ ، ﻟﻮﻻ ﻇﻬﻮﺭ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﺭﺍﺓ ﻓﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﻄﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻤﻴﺰ ﺯﻣﺎﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ ، ﻭ ﻫﻰ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ " ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﺭﺍﺓ " ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻯ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﺳﺒﻌﻮﻥ ، ﺃﻭ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﻭ ﺳﺒﻌﻮﻥ ، ﺭﺟﻞ ﺩﻳﻦ ﻳﻬﻮﺩﻯ ﺗﻢ ﺍﺳﺘﻘﺪﺍﻣﻬﻢ ﻟﻺﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ " ﺃﻭﺭﺷﻠﻴﻢ " ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﺎﺳﻢٍ ﻣﺠﺎﺯﻯ ﻳﻌﻜﺲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻫﻮ : ﺑﻴﺖ ﻫﻤﻴﻘﺪﺍﺵ
ﻭ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ، ﺑﺪﺃ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺷﺮﻭﺡ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﻭ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻰ ﻋُﺮﻓﺖ ﻻﺣﻘﺎً ﺑﺎﺳﻢ " ﺍﻟﺘﻠﻤﻮﺩ " ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﻗﺴﻤﻴﻦ ﻫﻤﺎ ﺍﻟﻤﺸﻨﺎ ﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎﺭﺍ ، ﻭ ﻷﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﻓﻘﺪﻭﺍ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﻭ ﻏﻤﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺩﻳﺎﻧﺘﻬﻢ ، ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎً ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ ﻭ ﻻ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻤﻴﻼﺩ ﻣﻦ ﺃﻡ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ! ﻭ ﻟﻬﺬﺍ ، ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻟﻐﺘﻪ ﺃﻭ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺃﻭ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺃﺑﻴﻪ . . ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻭﻝ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ .
ﺛﻢ ﺗﺘﺎﻟﺖ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻜﺮ ، ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ، ﻣﻨﻬﺎ : ﺍﻟﺘﻘﻮﻗﻊ ، ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻟﺬﻭﺑﺎﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ . . ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﺤﻴﺐ ، ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﺨﻠّﺺ . . ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ، ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ . . ﺍﻟﺘﻐﻨّﻰ ﺑﺎﻷﻣﺠﺎﺩ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ ، ﻭ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻰ ﺗﺨﻴُّﻞ ﻋﻈﻤﺔ " ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ " ﻣﻊ ﺃﻥ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻋﺸﺮﺓ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍﺕ ﻣﺮﺑﻌﺔ . . ﺗﻜﺬﻳﺐ ﻛﻞ ﻣﺨﻠﺺ " ﻣﺎﺷﻴﺢ " ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﻢ ، ﻣﺎﺩﺍﻡ ﻳﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ( ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺮﻗﻰ ، ﻻ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ ) .
ﻭ ﻣﻊ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻳﺜﻴﺮﻭﻧﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻰ " ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ " ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻰ " ﺗﻴﻄﺲ " ﺳﻨﺔ 70 ﻣﻴﻼﺩﻳﺔ ﺑﺤﺼﺎﺭ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺃﻭﺭﺷﻠﻴﻢ ( ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ) ﻭ ﺍﻗﺘﺤﺎﻣﻬﺎ ﻭ ﺗﺪﻣﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺒﺪ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ . ﻭ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻰ ﻟﻠﻤﻌﺒﺪ ، ﺑﻌﺪ ﺗﺪﻣﻴﺮﻩ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻰ " ﻧﺒﻮﺧﺬ ﻧﺼّﺮ " . . ﻭ ﻓﻰ ﺳﻨﺔ 135 ﺃﺯﺍﻝ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻰ " ﺇﻳﻠﻴﻮﺱ ﻫﺎﺩﺭﻳﺎﻧﻮﺱ " ﺍﻟﺒﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺓ ﺃﻭﺭﺷﻠﻴﻢ ، ﻭ ﺑﻨﻰ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﺳﻤﺎﻫﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻓﺼﺎﺭﺕ " ﺇﻳﻠﻴﺎ " ﺍﻟﺘﻰ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺎﺳﻢ : ﺇﻳﻠﻴﺎﺀ . ﻭ ﻣﻨﻊ ﻫﺎﺩﺭﻳﺎﻧﻮﺱ ﺳﻜﻨﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﻬﺎ ، ﺃﻭ ﺩﺧﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﻴﻬﺎ ، ﻓﺼﺎﺭﺕ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻊ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻰ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻯ ﻣﻮﺿﻌﺎ ﻣﺴﻴﺤﻴﺎً ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ﻓﻴﻪ ﺃﻯ ﻧﺼﻴﺐ ، ﻭ ﻇﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﺗﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀ " ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ " ﻫﻨﺎﻙ ، ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻫﻴﻼﻧﺔ ﺃﻡ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﻗﺴﻄﻨﻄﻴﻦ ، ﺳﻨﺔ 336 ﻣﻴﻼﺩﻳﺔ .
ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﺃﻧﻪ ﻓﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﻟﻠﻮﺭﺍﺀ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻓﻰ ﺍﻷﺣﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ، ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﻓﺈﻥ " ﺑﻴﺖ ﻫﻤﻘﺪﺍﺵ ، ﺇﻳﻠﻴﺎﺀ ، ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ " ﻫﻰ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻻﺭﺗﺪﺍﺩﻯ ﻓﻰ ﺍﻟﺰﻣﻦ : ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻟﻤﺪﺓ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ ( ﺁﺭﺍﻣﻴﺔ ) ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﻟﻤﺪﺓ ﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺒﺮﻳﺔ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﻤﺪﺓ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ ، ﻭ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ . . ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻰ ﺇﺟﻤﺎﻻً ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎً ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻗﻮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺃﻋﺮﺍﻗﻬﻢ ﻭ ﺩﻳﺎﻧﺎﺗﻬﻢ . ﻭ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ، ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻰ ، ﺇﺳﺒﺎﻍ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺣﻮﻝ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻟﺘﺄﺟﻴﺞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺟﺬﻭﺗﻪ ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﺠﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻴﺪﻫﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ . ﻭ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺘﻌﺎﻟﻰ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭ ﻣﺰﺍﻋﻤﻬﻢ ﺑﺄﻥ " ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻫﻰ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ " ﻓﺘﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﻮﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﺰﺍﻋﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺴﻮﺓ ﺑﺎﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ " ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻫﻰ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ . " . ﻣﻊ ﺃﻥ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ ﺗﻞ ﺃﺑﻴﺐ ، ﻭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮﻥ ﻋﺎﺻﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺭﺍﻡ ﺍﻟﻠﻪ ! ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﻤﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﻣﺴﺘﻌﺪﻭﻥ ﺩﻭﻣﺎً ﻟﻠﻤﻮﺕ ، ﻭ ﻳﻘﺪﻣﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻭﻗﻮﺩ ﺣﺮﺏ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﺗﺮﻓﻊ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻯﺔ ﺍﻟﺬﻯ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﻼﻋﺐ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮﻥ ﻭ ﺧﺪﻋﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ .
ﻭ ﺁﺧﺮ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ / ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ، ﺍﻹﺩﻋﺎﺀ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﻄﻬﺮﻭﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ، ﺗﺤﻘﻴﻘﺎً ﻟﻮﻋﺪ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﻰ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺗﻮﺭﺍﺗﻬﻢ ، ﻣﻊ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻡ ﻣﺘﺤﻘﻖ ﻓﻌﻼً . . ﻓﺎﻟﻨﺺ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺗﻰ ﻳﻘﻮﻝ " ﻟﻨﺴﻠﻚ ﻳﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺃﻋﻄﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ " ﻭ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﻧﺴﻞ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻫﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ، ﻭ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻭ ﺍﺑﻨﻪ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ . . ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻰ ، ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﺑﻄﺶ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻰ ﺑﺎﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﻭ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﻔﺮﻳﻎ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺓ ﻣﻨﻬﻢ ، ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﻻ ﺩﻳﻨﻰ ﻷﻧﻪ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻭﻋﺪ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﻤﺘﺤﻘﻖ ﻓﻌﻼ ! ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﺇﻻ ﻋﺮﺏ ﻭﻋﺒﺮﺍﻧﻴﻴﻦ . ﻓﻘﻂ . ﻭ ﻻ ﻳﺴﺎﻛﻨﻬﻢ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻷﻭﺯﺑﻚ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﻢ .
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ :
ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﻐﻨﻮﺻﻴﺔ : ﺍﻟﻬﺮﻣﺴﻴﺔ ، ﻭ ﺍﻟﻔﻴﺜﺎﻏﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ ، ﻭ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻛﺎﻟﺰﺭﺍﺩﺷﺘﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ، ﻭ ﺑﻌﺾ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ . ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﻳﺤﻔﻞ ﺗﺮﺍﺛﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﻭ ﺍﻻﺭﺗﻘﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﺣﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻓﻰ ﻟﺤﻈﺎﺕٍ ﻣﻌﻴﻨﺔ ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻰ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﺎﺭﺝ " ﺃﺧﻨﻮﺥ " ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﻨﻮﺻﻴﻴﻦ ، ﻭ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﺮﺍﺝ ﺃﺑﻮﻟﻮﻧﻴﻮﺱ ( ﺑﻠﻨﻴﺎﺱ ) ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻬﺮﻣﺴﻴﻴﻦ ، ﻭ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﺮﺍﺝ " ﺃﺭﺗﺎﻭﻳﺮﺍﻑ " ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻰ " ﺳﺮﻭﺵ " ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺰﺭﺍﺩﺷﺘﻴﻴﻦ ، ﻭ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﺮﺍﺝ " ﺃﺭﺟﻨﺎ " ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻰ " ﺇﻧﺪﺭﺍ " ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻬﻨﻮﺩ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ . . ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺝ .
ﺃﻣﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ ، ﻭ ﻧﺮﺍﻫﺎ ﺛﻼﺛﺔ ( ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ، ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ، ﺇﺳﻼﻡ ) ﻭ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﻭ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ، ﺑﺤﺴﺐ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﻭ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ .
ﻭ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻰ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺑﻌﺾُ ﻣﻔﺴﺮﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻧﺼﺎً ﻗﺮﺁﻧﻯﺎً ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ، ﺍﺳﻤﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﻭ ﺇﻧﻤﺎ " ﺍﻟﻨﺠﻢ " ﻭ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻰ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺃﻭ ﺟﺒﺮﻳﻞ ، ﺃﻭ ﺫﺍ ﺍﻟﻤِﺮَّﺓ . . ﻧﺰﻝ ، ﻭ ﺩﻧﺎ ، ﻭ ﺗﺪﻟﻰ ( ﻭ ﺍﻟﺘﺪﻟّﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﻬﺒﻮﻁ ﻻ ﺍﻟﺼﻌﻮﺩ ) ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺼﺢ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ : ﻣﻌﺮﺍﺝ ! ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺰﺭﺍﺩﺷﺘﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ، ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺻﺎﻏﺖ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ﺍﻟﻤﻈﻨﻮﻥ ، ﻓﻰ ﻧﺼﻮﺹ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ " ﻣﻌﺮﺍﺝ ﻧﺎﻣﺔ ، ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮ " ﻭﻓﻰ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻤﻨﻤﻨﺎﺕ . . ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ، ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﻭ ﺃﺩﺑﻴﺔ ، ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﺻﻮﻻً ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ .
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﻃﺮﻕ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ :
ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻨﻘﻠﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﻟﻺﺛﺒﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻨﻔﻰ . . ﻭ ﻫﻰ ﻣُﺮﺗّﺒﺔ ﺑﺤﺴﺐ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻰ : ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ، ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ، ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ . ﻭ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻻ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﺔ ، ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻨﺺ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ .
ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ، ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺭﺩّ ﻣﺎﻭﺭﺩ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻤﺎ ﺭُﻭﻯ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺩ ﺑﺮﺃﻯ ﻓﻘﻬﻰ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻣﺎ ﻧﺼّﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺻﺤﺎﺡ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ . ﻭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﻭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻭﻟﻮﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺍﻟﺸﺮﻋﻰ ، ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﺺُّ ﺍﻷﻭﻝ ﻭ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻫﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺜﻮﺍﻧﻰ ﻭ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻧﺼﻮﺹٌ ﺛﻮﺍﻟﺚ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﻭ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ . ﻭ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ " ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ " ﺍﻟﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ، ﻟﻢ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ . ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺫﻛﺮ ﻭﺍﻗﻌﺔ " ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ " ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻭ ﻣﺤﺪﺩ ، ﺑﻞ ﺧُﺼﺼﺖ ﻟﻺﺳﺮﺍﺀ ﺳﻮﺭﺓ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﻫﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺴﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ . . ﻭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺜﻮﺍﻧﻰ ( ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ) ﺛﻢ ﻳﺘﻌﺴّﻔﻮﻥ ﻹﺛﺒﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﺑﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻰ ﺳﻮﺭﺓ " ﺍﻟﻨﺠﻢ " ﺍﻟﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﻘﻞ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺻﺮﺍﺣﺔ ، ﻭ ﻧﺰﻟﺖ ﻗﺒﻞ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﺑﺨﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ، ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻘﻮﺍﺋﻢ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻧﺰﻭﻝ ﺳﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ . . ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﻌﺮﺍﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻭ ﻻ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺫﻛﺮ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﺑﻮﺿﻮﺡ ! ﻭ ﻛﻴﻒ ﻳﺄﺗﻰ ﺫﻛﺮ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﻧﺰﻭﻝ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﺍﻟﺘﻰ ﻳﺘﻢ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﺑﺘﻌﺴّﻒ ﻟﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ! ﻭ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﻭ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺘﻰ ﺭُﻭﻳﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﻓﻰ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺆﻛﺪ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻣﺤﺾ ﺑﺸﺮٍ ﺭﺳﻮﻝ ! ﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﻭ ﻋﻼ ﻓﻰ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﻧﺎﻓﻴﺎً ﺑﻜﻞ ﻭﺿﻮﺡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﺼﻼﺓ :
ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻭ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ﻭ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ، ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﻔﻞ ﺗﺮﺍﺛﻨﺎ ﺑﺄﻃﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻓﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭ ﺻﺤﺔ ﺍﻹﺳﻨﺎﺩ ﻭ ﺟﺮﺡ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ ﻭ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ، ﻣﻊ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﻟﻠﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺻﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﺃﻛﺒﺮ ﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ .
ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ( ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭﻯ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ) ﻓﻼ ﻧﻜﺎﺩ ﻧﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ، ﻭ ﻟﻢ ﻳﺸﺘﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻛﺘﺎﺑﺎﻥ ، ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺰﺭﻛﺸﻰ : ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻓﻰ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ، ﻭ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻰ : ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﻓﻰ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ . . ﻭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ، ﻓﻰ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ، ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻕ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ " ﻧﻮﻟﺪﻛﻪ " ﻭ ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ : ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ . ﻭ ﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻓﻰ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭ ﺑﺄﺻﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ، ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺎﺏ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺻﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺴﻬﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻭ ﺧﻄﺒﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻓﻰ ﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ﻭ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ، ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﺜﺒﺘﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ . . ﻭ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻰ ﺧﻠﻂ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍً ﻟﻨﻤﻂٍ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺃﻭ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﻣﺮٍ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺨﺪﻡ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ .
ﻭ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪﻭﻥ ﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ، ﻭ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻬﻢ ، ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﻧﻪ ﻭ ﻳﺴﺘﺪﻟﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻟﻢ ﺗﺮﺩ ﻧﺼﻮﺹ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﻭ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺇﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﻭ ﻓﻀﻞ ﺗﺄﺩﻳﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ . ﻭ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺻﺤﻴﺢ ﻭ ﻻ ﻏﺒﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻠﻐﻰ ﺃﻥ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺭﺩ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭ ﻻ ﺑﺄﺱ ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺡ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ . ﻭ ﻻ ﻳﻠﻐﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﻗﻼﻝ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﺎﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻓﻰ ﻛﻞ ﺷﺎﺭﺩﺓ ﻭ ﻭﺍﺭﺩﺓ ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻋﻨﺪ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ، ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭ ﻫﻢ ﻳﻘﺘﻠﻮﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ .
ﻭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻯ ، ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓُﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ! ﻭ ﻳﻘﺪّﻣﻮﻥ ﺩﻟﻴﻼً ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﻌﻘﻼﺀ ﻗﺒﻮﻟﻪ ، ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻻ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺻﻠﻮﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻧﺼﺢ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻮﺭ ﻧﺰﻭﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﺝ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻳﻄﻠﺐ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﻌﺪﺩ ، ﻓﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ( ﺻﻌﻮﺩﺍً ﻭ ﻫﺒﻮﻃﺎً ) ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺨﻔﺾ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔٍ ﻓﻘﻂ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ! ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ، ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻯ ﻫﻮ ﻣﻨﺎﻁ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﺸﺮﻋﻰ ، ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ( ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ) ﺑﺤﺪﻳﺚ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺭُﻭﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ ، ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓُﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻰ ﻣﻜﺔ ، ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ . ﺛﻢ ﺻﺎﺭﺕ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ﺃﺭﺑﻊ ﻣﺮﺍﺕ ، ﺛﻢ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﻭ ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ . ﻭ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ، ﻓﻠﻦ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻷﻧﻪ ﻣﺮﻭﻯٌّ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ، ﻭ ﻫﻢ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﺭﻭﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ !
ﺍﻟﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﺔ . . ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭ ﻗﺪﺍﺳﺘﻪ ؟
ﻻ ﺷﻚ ﻓﻰ ﺃﻥ ﻛﻠﻤﺔ " ﻣﺴﺠﺪ " ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ " ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ " ﻭ ﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻯ ﻧﺘﺪﺍﻭﻟﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻫﻮ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ .
ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺎﻟﻘﺪﺱ ، ﻣﻘﺪﺱ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ، ﻳﺜﺒﺘﻮﻥ ﺣﻖ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻓﻴﻪ ( ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﺒﻬﻮﺍ ) ﻭ ﺇﻻ ﺛﺎﺭ ﻓﻰ ﻭﺟﻬﻬﻢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ : ﺇﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺪﺳﺎً ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻪ ، ﻭ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﺃﺻﻼً ، ﻓﻬﻮ ﺇﺫﻥ ﻣﻘﺪﺱ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ : ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ . . ﻭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻛﻨﺎﺋﺴﻬﻢ ﻣﺘﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ، ﻫﻮ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻓﻘﻂ . ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﺇﻻ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ، ﻭ ﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺃﺻﻼً . ﻭ ﻻﺣﻘﺎً ، ﻗﺪّﺳﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭ ﺍﻧﻀﻤﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻓﻰ ﺗﺒﺠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭ ﺗﻘﺪﻳﺴﻪ .
ﻭ ﻓﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻯ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ : ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺎﺭﻛﻨﺎ ﺣﻮﻟﻪ ( ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ) ﻓﻬﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ، ﺣﺎﺷﺎ ﻟﻠﻪ ، ﻗﻤﺎﻣﺔ !
ﻭ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺃﺧﻴﺮﺓ ، ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ، ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﻛﺜﻴﺮﺓ ( ﻣﺴﺎﺟﺪ ) ﻟﻠﺘﻬﻴﺆ ﺍﻟﺮﻭﺣﻰ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﺮﻡ ﺍﻟﻤﻜﻰ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻌﺒﺪ ﺁﻟﻬﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ، ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺍﻟﺮﺑﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻰ ﺭﻣﺰﻫﺎ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﻜﻌّﺐ : ﺍﻟﻼﺕ . . ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻌﺒﺔ " ﺍﻟﻼﺕ " ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ، ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻰ ﻣﻜﺔ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﻓﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻒ . ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻒ ، ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺩﻧﻰ ﻭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺑﻌﺪ ﻭ ﺃﻗﺼﻰ . " ﻣﺴﺎﺟﺪ " ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺴﺠﺪ ، ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻰ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ : ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺎﺭﻛﻨﺎ ﺣﻮﻟﻪ .
ﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﻻ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ " ﻣﻌﺮﺍﺝ " ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﻋﻦ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﻨﻔﺴﻪ ، ﺃﻭ ﻧﺰﻭﻝ ﺟﺒﺮﻳﻞ ، ﺑﺄﻥ " ﺩﻧﺎ ، ﻓﺘﺪﻟﻰ " . ﻭ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻮﺹٍ ﺛﻮﺍﻥٍ ، ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﺗُﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﻭﻝ . . ﻭ ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﺗﻘﺪﺡ ﻓﻰ ﺭﺳﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ، ﺃﻯ ﻛﻮﻧﻪ ﺩﻳﻨﺎً ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺣﻰ ﻭ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ، ﻻ ﺍﻟﻐﻨﻮﺹ ﺍﻟﺬﻯ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ
Comments