حول مسلسل يوسف الصديق " نظرة الى الدراما "

بأعتباري محب و هاوي للتاريخ كنت دائما علي صلة بأسماء حكام العالم و فترات حكمهم و الظروف التى احاطت بهم و بدولهم خلال توليهم الحكم و لظروف تاريخيةمعينة تجسد القرن العشرين في ثلاثة او اربع حكام  مثلوا لي القرن العشرين علي مستوي العالم لعل اهمهم كان و بدون ترتيب الامبراطور هيروهيتو امبراطور اليابان و الملكة اليزابيث الثانية ملكة انجلترا و الملك بومبيبول اوليادج ملك تايلند فبالاضافة الي فترات حكمهم الطويلة جدا فلكل منهم قصته ليست فقط مع شعبه بل ايضا مع العالم و تمسك كل منهم بالحياة و كأنهم صمموا ان يكون القرن العشرين لهم و اذا كان الامبراطور هيرهيتو لم يكمل القرن العشرين الا انه مع ظروف الحرب العالمية الثانية و القنبلة الذرية اثناء حكمه و استطاعته ان يصل الي تواءم سياتي الكلام عنه لاحقا يجعله سيد القرن العشرين بلا منازع

هيــــروهيــتو
امبراطور اليابان من   1926 و حتى 1989 بدأ حياته وسط اعتقاد قديم يصل الى درجة الديانة ان الامبراطور هو اله وسط الناس و بالتالي فإن ما يقوله هو وحي و كانت بداية حكمه تتماشي مع صعود اقتصادى ياباني و نزعة عنصرية تري ان اليابان هي الشمس المشرقة في اقصي الشرق الاسيوى و مع رغبات الجنرالات الجامحة في التوسع الاستعماري في اراضي اسيا المجاورة بدا واضحا التصادم الوشيك مع جيران اليابان الاقل قوة او تسليحا في الصين و الفلبين و كوريا و لم يجرؤ الشعب علي الوقوف امام رغبات الجيش و لم يبد الامبراطور اي اعتراض و هو يري التخطيط لبسط النفوذ الياباني اشبه بالمارد الذي ينمو ليفوق حجمه الاصلي مرات و مرات لكن مع اصطدام الحلم بالكابوس الامريكي و مع بشاعة الرد الامريكي علي التهور الياباني اصبحب اليابان و خلال اسبوع واحد اطلال دولة مع اكبر عدد من الاصابات بين المدنيين بامراض لم تكن معروفة و لا معهودة انذاك و رغم الانهيار الشامل للدولة و للبنية الاساسية و رغم ان هذه الكارثة كانت كفيلة بوضع نهاية للنظام الحاكم هناك الا ان الالتفاف القومي حول الامبراطور كرمز وطني امام الاجتياح الاجنبي جعل الامبراطور هيروهيتو يقبل النزول عن صفة الاله و عن سلطات الحاكم المطلق و يقبل بناء اليابان علي اساس جديد من الحكم الحديث يكون فيه مجرد رمز بينما تصبح سلطات الحكم الحقيقية في يد حكومة منتخبة بشكل ديموقراطي
و هكذا اخذ هيروهيتو اليابان ليضعها في مصاف الدول الحديثة و ليصبح ابا لكل اليابانيين و بقي حتي اخر يوم له رمز لاعادة البناء و التقدم و الوحدة لتصبح اليابان في عهده اكبر النمور الاسيوية التي عادت من الدمار الشامل لتكون قوة اقتصادية عظمي تؤثر في كتلة الاقتصاد العالمي
و بوفاة هيروهيتو مات اخر حاكم اشترك فعليا في الحرب العالمية الثانية
==================================================

الملكة اليزابيث
ملكة الصدفة  هي اقل ما يقال عن هذه السيدة التي ورثت امبراطورية لا تغرب عنها الشمس و اصبحت اثناء حكمها دولةمتأكلة تخشي من التفكك الداخلي
كانت انجلترا تحت حكم الملك الاعزب ادوارد الثامن و الذي لو صارت الامور بشكلها الطبيعي لتزوج فتاة من الطبقة الارستقراطية و انجب ابناء يرثون الملك من بعده لكن الامور صارت في شكل غريب غير متوقع فالملك الشاب وقع في غرام سيدة امريكية مطلقة هي اللادي سيمبسون و بالطبع فقد صدم اختياره الجهات الحاكمة للمجتمع فلا الحكومة و لا الكنيسة و لا الطبقة العليا في المجتمع وافق علي هذه الزيجة و مع تمسك الرجل باختياره وصل مع المجتمع الي وضعه امام قرار مصيري اما العرش او الزواج و بأختياره الزواج تغير اتجاه الحكم في انجلترا الي الاخ الاصغر جورج السادس و بهذا اصبحت هذه الفتاة اليزابيث اليكسندرا فجأة ولية العرش لبريطانيا العظمي و في 1952 توفي والدها واصبحت اليزابيث ملكة بريطانيا و رغم ان بدايةحكمها كانت عبارة عن صراعات الاستقلال التى اجتاحت الامبراطورية كلها حتي بدت انجلترا و كأنها تنشطر الي شظايا لن تتركها الا بعد ان تصبح بريطانيا شبح لرجل مات بعد عمر طويل .... الا ان اليزابيث و بحكمة تطويع الامر الواقع امتصت صدمات حركة الاستقلال الوطني و عملت على ان يكون تقوىة روابط الكومنولث هي البديل العصري لفكر استعماري عفا عليه الزمن
و بحكم اخذ شكل انها رمز لبريطانيا العظمي و بتغلغل الملكة في الشأن العام و بفكر اموي جعلها تحتفظ لنفسها بحكم ملكي اصبح من ضروريات العادات البريطانية اي انها جعلت من نفسها شكل لازم ااشكل العام باعتبار بريطانيا دولة التاريخ و الاعراف المستقرة
و اذا كانت مغامرات تشارلز و زيجته الفاشلة من الاميرة ديانا مثلت ضربة للعائلة المالكة الا ان حنكة و دهاء الملكة استطاعت بها ان تعبر هذه الضربة القاصمة و تستمر الملكية و تدخل الملكة بمملكتها القرن العشرين بمملكة قوية مستقرة لتثبت انها من اعمدة القرن العشرين التى لم تهزها الهزائم و لا انهيار ملحقاتها الاستعمارية
==================================================

الملك بوميبول ادلياديج
ملك تايلند و اقدم حكام العالم حتى وفاته ورث الحكم 1946 و ظل في الحكم حتي وفاته في 2016 اي انه ظل في الحكم سبعين سنة كاملة وربما يتساءل الناس ما الذي يدفعني الى الكتابة عن شخص ربما لم يسمعوا اسمه حتى قبل هذا لكن المهتم بالتاريخ و السياسة العالمية لا بد ان يعرفوا هذا الرجل جيدا و يهتموا بفترة حكمه فهذه البلد التى شهدت عشرات من الانقلابات العسكرية كان من الممكن ان تصبح شيئا من الماضي و ان تتقطع بين اقلية مسلمة في الجنوب و اغلبية بوذية في الشمال لكن حكمة الرجل الذي مثل حكما بين الجميع استطاعت ان تحفظ الدولة موحدة قوية في محيطها واستطاعت تايلند تحت حكمه ان تصبح قوة اقتصادية اقليمية ذات شأن رغم انها بمعدلات الثراء لا تعد من الدول الثرية و لكنها دولةمنتجة بكفاءة كبيرة
استطاع بومبيول ان يفصل بين التجاذبات السياسية و بين تماسك المجتمع و سيره في طريق التنمية بدون توقف منذ الثمانينات
حتى توفي في 2016 تاركا خلفه دولة ذات اقتصاد مستقر  بعد اطول فترةحكم في القرن العشرين و بعد ان اخذستة عشر سنة من القرن الواحد و العشرين
==================================
هؤلاء الثلاثة عاشوا معي و مع قراءتي و مع تتبعي لاخبار العالم ذهب منهم اثنان و بقيت اليزابيث الثانية مصممة على ان تحفر لنفسها فترة اطول من الحكم علي عرش بريطانيا
اما رابعهم الذي ما زال علي العرش حتي الان فهو السلطان قابوس سلطان عمان و ان كان حكمه ليس مؤثرا في شئ في دائرته الاقليمية