حول مسلسل يوسف الصديق " نظرة الى الدراما "

على هذا القى الله .....

انوى هنا خلال شهر رمضان طرح بعض القضايا العامة التى اود ان اضع رأىي فيها و هي القضايا التى اعتقد انها من الاهمية بحيث يجب ان تكون الامور واضحة فيها و على هذا القى الله يوم القيامة 

الانتماء و الهوية 

تثار احيانا قضية هوية مصر هل هى عربية .. هل هى هوية اسلامية هل نحن فراعنة ... او لنقل هل الهوية المصرية القديمة ما زالت هى هويتنا .... يحاول اطراف عدة اختطاف مصر بحيث يلبسها رداؤه الفكرى بحيث تبدو من وجهة نظره معبرة عن عما يؤمن به هو ... فتصبح مصر تجسيد لفكرة احادية الوجه 

لكن هل بحث هؤلاء عن معنى الهوية و الانتماء ؟ هل فهم كلمة الهوية متطابق لدى الجميع ؟

و هل التلاعب بالافكار و العادات تولد هوية ؟ 

هل نحن عرب ؟
هل الاسلام هوية ؟
هل الموقع هوية ؟
ام ان الهوية شئ داخلى ينمو و يتجذر في الانسان 

لقد ضحكت حينما قرأت لأحد الاشخاص الذي يصف نفسه بالداعية حينما قال ان هويتنا العربية والاسلام كما ضحكت حينما رد عليه البعض بأن هويتنا هي الفرعونية 
كيف يتخيل شخص مثقف  ان اللغة تولد الهوية اننا نرى شعوبا كثيرة تتكلم نفس اللغة دون ان يتخيل احد ان هناك رابط يجمع بينهم فبريطانيا و الهند مثلا يتكلما الانجليزية دون ان يكونا معا الامة الانجليزية و نفس الحال فاللغة تربط الهند و نيجيريا و تربط بريطانيا بامريكا و تربط نيوزيلندة بكندا فهل بين كل هذه الدول هوية مشتركة ؟ هل يعقل هذا ؟ هل هناك ما يربط بين شعوب كل هذه الدول ؟ 
كيف يتصور العربية هوية تجمع المصرى مع الخليجى و الجزائرى ؟ 
ثم ماذا عن المتحدثين بغير العربية ؟ هل لهم هوية تجمعهم اذاكانوا مسلمين فهل هوية التركي و الماليزى و السنغالى واحدة ام ان لكل منهم هوية غير الاخر لا تتطابق بدورها مع العربية ؟
و هل يتطابق الاسلام كهوية مع العربية ؟ بمعنى ما الهوية التى يمكن تخيلها تربط مصري مسلم و مغربى مسلم مع بنجلاديشي او شخص من البوسنة مسلمين ؟ هل هى العربية ام الاسلام ؟ ام ان هوية المسلم المتحدث بغير العربية تكون منقوصة ؟
ان تصور اللغة كرابط يولد الهوية لشعب شئ ساقط عمليا و عقليا فيبقي ما هو اوسع و هو الدين فهل الدين يولد هوية ؟

لا شك ان الدين يطبع الارواح ببعض ما يحدد تصرفاتها و علاقتها بالحياة و لكن في التطبيق الفعلى هل يفهم الجميع الدين نفس الفهم ؟ هل اسلانا في مصر هو اسلام مسلمى افغانستان و هل اسلام اهل السعودية هو اسلام الاتراك ؟

الواقع يقول ان الدين ليس مسألة حسابية 1 + 1 = 2 ..... بل هو شئ اعقد من هذا بكثير جدا و التجربة البشرية حاضرة بقوة في فهم اطار و معنى الدين 

فليس الدين هو المادة الخام التى نتعامل بها بل هى التشكيل الذي نقوم به للمادة الخام قبل الاستخدام .

بل ان تاريخ الحضارة الاسلامية اثبت ان الصراعات و النزاعات بسبب فهم او تطبيق الدين لم تخلق هوية واحدة للناس استنادا الى الدين 

ثم ان هناك من الروابط التى تربط الناس المختلفين في الديانة ربما اكثر مما يربط اصحاب الدين الواحد اذا اختلفت اوطانهم 

فالهندى الهندوسي و الهندى المسلم ربما تعايشا معا و جمعتهما عادات و طباع واحدة ربما لا تتوافر بين الهندى المسلم و المصرى المسلم .

فالهوية شئ اعمق بكثير من امور يمكن تعلمها او اكتسابها كاللغة و الدين ... هى شئ ولدنا به و لم نكتسبه 

فماذا عن مصر ؟؟؟؟؟؟
الهوية شئ تسأله بعدة صياغات ... الهوية يعنى احنا مين .... ؟ الهوية معناه ما هو الرابط الذي يجمع 100 مليون نسمة بحيث اذا تلاقيا شخصان خارج مصر عرف كل منهما ان الاخر مصرى دون ان يسأله 
ما الذي يجمع المصريين في الخارج و يميزهم عن غيرهم ... 
مثلا اذا وجدت شخص في الخرج يمسك فانوس رمضان 
لو وجدت شخص يسألك مثلا عن شم النسيم او مولد النبى 

هل تشك انه مصرى ؟

لو وجدت مصرى في اي بلد في العالم يقول ... مرة واحد ... او يقول معلش ... هل تشك انه مصرى ؟

ايهما اقرب الى فهم مدلول كلمة معلش .... المسيحي المصرى ام المسلم الماليزى ؟
الهوية شئ يربط بين اطياف المجتمع على اختلافهم البيني و يكون عابرا على اختلافاتهم الدينية و الجغرافية 

الهوية هى الروح التى تختفى تحت اللحم و العظام و لا تراها بشكل مباشر بل انها هى التى تشكل المحرك الداخلى للجسد 

فما هى هوية مصر ؟..................

هوية مصر هي المصرية هي تلك الحضارة التى شكلتها الاجيال المتعاقبة ثم اسهم في ترصيعها اخرين اصبحوا جزء من الشخصية المصرية 

شكلت هويتنا عوامل خارجية كثيرة المسيحية التى سكنت مصر و تعاملت معها مصر بما لديها من افكار عقائدية حتى اسهمنا نحن في اعادة تشكيل المسيحية من خلال الرهبنة و من خلال الافكار اللاهوتية التى شكلت وجه المسيحية حتى الان ...

شكلت هويتنا الهجرات المتتالية لشعوب عديدة اجتمعت على ارض مصر 

هجرات عربية من الجزيرة و من اليمن ... هجرات ارمن و اوربيين .... المماليك و الشوام و غيرهم 

كل هؤلاء معا و باسهامات متفاوتة شكلوا السبيكة الحضارية المصرية 

لا يمكن فهم مصر بدون الالمام بكل هذه المكونات ... لا يمكن تجاهل اثر اى عامل من هذه العوامل في فهم مصر 

فنحن نتحدث العربية و لسنا عرب نحن معظمنا مسلمين و لا يمكن تجاهل الوجود و الحضارة المسيحية في فهم الشخصية المصرية 

نحن في افريقيا دون ان نكون جزء من الثقافة الافريقية العميقة ... نحن في خارج اسيا و لا يمكن تجاهل ان معظم حروبنا كانت هناك 

من يبحث عن هوية مصر لا يذهب الى جامع و لا الى هرم ....
من يبحث عن مصر و هويتها عليه ان ينزل الى الشارع ... الى السيدة زينب .... الي شبرا ... الى الصعيد و الشرقية .... سيعرف مصر جيدا ....

تحدثوا مع العجائز و الفلاحين ... اجلسوا علي المقاهى و عربات الفول و الكبدة ... ستعرفوا مصر