القائمة الرئيسية

الصفحات

دور السلطان عبد الحميد في ضياع فلسطين


 

هجرة الصهاينة

تعرف الصهيونية وفقًا للمفكر الراحل عبد الوهاب المسيري بأنها: «حركة داخل التشكيل الغرب أوروبي تنظر لليهودي باعتباره فائضًا بشريًّا لا نفع له، يجب أن يهجر (يعود) من أوطانه (أرض المنفى) إلى خارج أوروبا في أية بقعة من العالم، ثم تحددت بفلسطين (صهيون أو أرتس إسرائيل أو أرض إسرائيل في المصطلح الصهيوني)، وسيجري نقلهم حتى يتم توظيفهم وتحويلهم إلى عنصر استيطاني قتالي في خدمة المصالح الغربية، نظير أن يضمن الغرب بقاءه واستمراره داخل إطار الدولة الوظيفية».

ساعد الضعف الذي لحق بالدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر  بدور كبير في زيادة تبنى النبوءات الصهيونيةساعد على ذلك ما اعتقده الصهاينة الاوائل من اوضاع مزرية لأهالى فلسطين ماديا و تقنيا

و الملاحظ ان بدايات المسالة الصهيونية ارتبطت بموقف الدول الاوربية من طموحات محمد على و خاصة في مؤتمر لندن .

يقول المسيري: «عند هذه النقطة (معاهدة لندن 1840)، تبلورت الفكرة الصهيونية بين غير اليهود، وتحولت إلى مشروع استعماري محدد.. إذ أصبح بالإمكان دمج المسألة اليهودية مع نظيرتها الشرقية، وبدأ التفكير في الحل عن طريق نقل اليهود إلى فلسطين وإيجاد قاعدة للاستعمار الغربي».

و في اعقاب  حرب القرم بين العثمانيين وروسيا القيصرية بين عامي 1853 و1856 ، قُدمت إلى مؤتمر القوى العظمى في باريس مذكرة بشأن توطين اليهود في فلسطين. وعلى سبيل رد الجميل، قدم عبد المجيد الأول تنازلات غير مسبوقة لصالح القوى الغربية التي ساعدته، من خلال امتيازات أجنبية واسعة خولت تأسيس مستوطنات صهيونية فوق الأرض العربية.

كانت أولى المستوطنات في فلسطين «مشكنوت شعنانيم»، أسسها الصهيوني البريطاني الثري موسى مونتفيوري، الذي كان زعيمًا للجماعة اليهودية في إنجلترا. انتزع مونتفيوري من عبد المجيد الأول فرمان امتيازات مكنه من بناء البؤرة الصهيونية التي جلب إليها أول فوج من المهاجرين الأوروبيين «الأشكناز» إلى فلسطين.

تواصلت هجرات اليهود إلى فلسطين طوال عصر عبد المجيد الأول وخليفته عبد العزيز. وأقيمت مستوطنات صهيونية جديدة فوق الأراضي العربية بفرمانات عثمانية. وكان القانون العثماني الجديد للعام 1867، والذي أباح للأجانب - للمرة الأولى في التاريخ - حق تملك الأرض في ولايات الإمبراطورية كافة، هو العامل الأساسي في تشجيع الحكومات الغربية والأثرياء اليهود على شراء الأراضي في فلسطين، وتهجير اليهود الأشكناز إليها، وتأسيس المستوطنات فيها.

عبد الحميد.. إدراك بلا طائل

وصل عبد الحميد الثاني إلى عرش السلطنة العثمانية في عام 1876  وعلى الرغم من تفهمه لقضية الهجرات إلى فلسطين، وارتباطها بمشروع استيطانى  في بقعة عربية حساسة دينيا لاصحاب ديانات مختلفة ، فإن قرار عبد الحميد تجاه تلك المسألة تأخر الى أبريل من عام 1882، عندما اشتكى  العرب من أثر ذيادة الهجرة على حياتهم

فقد أعلن عبد الحميد الثاني أنه لن يسمح لليهود المهاجرين بالاستقرار في فلسطين. بل يمكنهم أن يهاجروا إلى أي ولاية عثمانية أخرى، وأن يستقروا فيها كما يريدون شريطة أن يصبحوا رعايا عثمانيين و يخضعوا لفرمانات الدولة

تقول فدوى نصيرات في كتابها «دور السلطان عبد الحميد الثاني في تسهيل السيطرة الصهيونية على فلسطين»: «ووفقًا لهذه الفرمانات كان يمكن إعطاؤهم (أي اليهود) الأراضي الحكومية معفاة من الرسوم، كما أعفوا من الضرائب والخدمة العسكرية، وأعطوا حرية ممارسة شعائرهم الدينية شأنهم شأن بقية الرعايا».

و في يونيو 1882، نفذت الدولة العثمانية قرار منع الهجرة إلى فلسطين بأن أنفذت برقية إلى متصرف القدس تطلب منه عدم السماح لليهود الذين يحملون جنسيات كل من روسيا ورومانيا بالاستقرار في فلسطين كونهم غير مرحب بهم. ولكن القناصل الأجانب من روسيا وألمانيا والنمسا وفرنسا وبريطانيا استغلوا الامتيازات الأجنبية التي كان سلاطين آل عثمان، وآخرهم عبد الحميد، يمنحوها إليهم بانتظام، وتمنحهم صلاحيات واسعة، للاحتجاج على هذا الحظر، بل وحتى إجبار السلطان عبد الحميد على إلغائه. وليس أدل على ذلك من تمكن المهاجرين اليهود من الجنسيات كافة من النزول إلى ميناء يافا والتسلل إلى فلسطين بعد صدور فرمان السلطان.

وفي عام 1886، عاد عبد الحميد الثاني إلى قرار حظر هجرة اليهود إلى فلسطين. وفي المقابل، عاود القناصل الأجانب الاحتجاج، وبالتالي منعوا الفرمان الحميدي، نسبة إلى عبد الحميد، من التنفيذ على أرض الواقع. وهو ما تكرر من جديد في عام 1888 عندما لعبت القوى الأوروبية دورًا حاسمًا في حصر الدولة العثمانية قرارها لحظر الهجرات اليهودية إلى فلسطين على الهجرات الجماعية وليس الفردية.  

احتج رؤوف باشا (1887 - 1889)، متصرف القدس العثماني وأحد أشد الولاة العثمانيين مقاومة للهجرة اليهودية. وأكد في خطابات للحكومة المركزية في إسطنبول أن سماح الدولة لليهود بالسفر إلى القدس تحت اى اسم ، هو الذي سمح بتفاقم المشكلة في فلسطين، لأن هؤلاء كانوا يتحايلون على القانون ويظلون في فلسطين، رغم أن الفرمانات كانت تحظر عليهم البقاء أكثر من شهر. كما أن الباشا أشار إلى أن المهاجرين اليهود كانوا يستخدمون الرشوة للنزول في ميناء يافا والنفاذ إلى الأراضي الفلسطينية. كما أنهم يفضلون الاحتفاظ بجنسياتهم الأوروبية للحصول على حماية القنصليات الأوروبية.

هذه المعلومات كلها التي أوردها متصرف القدس، التي كانت في حقيقتها تحذيرات من الخطر الداهم الذي تمثله تلك الهجرات، لم يجد آذانًا مصغية، لا عند السلطان عبد الحميد أو حكومته في إسطنبول، حيث استمرت فرمانات حظر الهجرة تتري دون أن ترافقها إرادة حقيقية للتنفيذ، ولا كذلك عند السلطات المحلية في الساحل الفلسطيني، التي يسرت دخول الصهاينة للأرض العربية.

تقول فدوى نصيرات: «هكذا وبرغم كل القيود المفروضة. ونتيجة لتناقض قرارات الدولة العثمانية من هجرات اليهود، نرى أن الأعداد اليهودية في فلسطين كانت في ازدياد مستمر.. حتى ارتفعت إلى 50 ألفًا عام 1890، معظمهم من يهود روسيا ورومانيا.. ولأول مرة منذ قرون شكل اليهود أكثرية ضمن سكان القدس».

تتابع: «وفي تقرير آخر، يذكر أنه مع بدايات الهجرة (1882 - 1904) بلغ عدد اليهود في فلسطين 26 ألفًا أو 5.8% من مجموع السكان البالغ عددهم 450 ألفًا. وقد امتلك اليهود حوالي 0.03% من الأرض، بمجموع 10.000 من أصل 26.3 مليون دونم. ومع انتهاء الموجة الأولى من الهجرة اليهودية 1904، ارتفع عدد سكان المستعمرات إلى 55.000 منهم 5000 يهودي يعيشون في 28 مستعمرة زراعية جديدة موزعين في أنحاء فلسطين، وزادت مساحة الأرض التي امتلكها اليهود إلى 400.000 دونم حيث إن يهود اليشوف امتلك 420.000 أو 1.6 من مساحة فلسطين كاملة».

فرمانات بلا معنى

شهد العام نفسه (1890)، عقد المؤتمر الرابع لحركة «أحباء صهيون». وفيه أخذ المؤتمرون قرارًا بأمرين مهمين: الأول تخفيف السلطة العثمانية القيود المفروضة على هجرة اليهود إلى فلسطين والاستيطان فيها. والثاني، موافقة الحكومتين الروسية والرومانية على الترخيص الفرماني لحركة «أحباء صهيون». وتم ذلك عبر تدخل الولايات المتحدة لدى الباب العالي وحكومتي روسيا ورومانيا دعمًا للحركة الصهيونية في توطين اليهود في فلسطين. وقامت الجمعية بفتح مكتب لها في يافا لشراء الأراضي، وعادت الهجرة للتدفق إلى فلسطين (1890 - 1891). وفي هذا تقول فدوى نصيرات: «وكان الصهاينة، لتسهيل هجرتهم إلى فلسطين، يتصلون بالوزراء العثمانيين عبر قناصل الدول الأجنبية في إسطنبول ومنهم السفير الأمريكي لرفع القيود عن الهجرة وبوسائل شتى منها الرشى. وجرى الالتفاف على هذا الحظر العثماني وصار المهاجرون يصلون إلى فلسطين بصفتهم حجاجًا».

أمام الزيادات اليهودية ، والزيادات مقابلها في الشكوى العربية من ذلك التعديل الديموغرافي الخطير في فلسطين، أصدر السلطان عبد الحميد فرمانات حظر جديدة لهجرة اليهود في عام 1891، أقر خلالها أن هجرة اليهود سوف تكون لها آثار ضارة للغاية على فلسطين، وأنهم إذا ما هاجروا إلى أي مكان من الإمبراطورية العثمانية، فإنهم سوف يتسللون إلى فلسطين لاحقًا. وكان هذا يعني إدراكًا عميقًا من السلطان بأن هدف اليهود الكبير في العالم العثماني هو فلسطين لإنشاء دولتهم فوق أراضيها. لكن هل كان هذا يعني ادراك حقيقي من عبد الحميد لحجم الكارثة ؟

كان لا بد أن يكون حظر السلطان للهجرات اليهودية شاملًا لكل الأراضي العثمانية وليس فلسطين فحسب. ولكن الأحداث التالية أثبتت مرة أخرى عدم استعداد عبد الحميد لفعل ذلك.

فقد تجاهلت السلطات العثمانية نفسها فرمانات السلطان، وقبلت في نفس العام (1891) طلبات الهجرة اليهودية من كل الجنسيات. كما واصل القناصل ضغطهم لفتح فلسطين أمام المهاجرين اليهود.

ففي عام 1886 مثلًا، نجحت بريطانيا في إلغاء قرار عثماني بإجبار اليهود على الحصول على تذكرة سياحة لدخول فلسطين. والأدهى أن توجيهات صدرت من قصر يلدز نفسه، بلغها رئيس كتاب السلطان إلى الصدر الأعظم، أوصت بتوخي الحذر والدقة مع اليهود القادمين من روسيا، ولكن دون المنع التام. ووفقًا لفدوى نصيرات، فإن هذا كان يعني: «أن الدولة العثمانية تلغي في الواقع قرار المنع، وتسمح للمهاجرين اليهود بسكنى الأماكن التي يرغبون فيها، القدس ويافا وصفد وطبريا، أو في المستعمرات التي كثر بناؤها في تلك الفترة على يد كبار رجال الأعمال الصهاينة، على رأسهم روتشيلد الذي تعهد بالإشراف على معظم المستعمرات وشراء الأراضي».

البطاقة الحمراء

تواصلت بعد ذلك فرمانات الحظر من قبل عبد الحميد الثاني. وصدر الفرمان الجديد في عام 1900، على أثر برقية من السفير العثماني في واشنطن، أكد خلالها نية اليهود الهجرة إلى فلسطين وتأسيس دولة مستقلة خاصة بهم فوق أراضيها. رد السلطان على ذلك بفرمان يحظر الإقامة الدائمة لليهود في فلسطين، مع السماح لهم بالإقامة المؤقتة لـ3 أشهر فحسب، يمنح خلالها اليهودي تذكرة حمراء لها شكل متميز لتسهيل ترحيله لاحقًا من قبل السلطات التركية.

أكد متصرف القدس في ذلك الوقت، وكان يدعى أكرم بك، هزلية الفرمان الحميدي الجديد، عندما أشار إلى أن نظام البطاقة الحمراء لم يكن يومًا عائقًا أمام تسلل المهاجرين اليهود إلى فلسطين، بل على العكس، كان أداة مساعدة.. إذ لم ينفذ في أي وقت ضد أي يهودي هذا الإجراء (أي قرار الترحيل بعد 3 أشهر من الإقامة). وبالتالي، فوفقًا لأكرم بك، كانت البطاقة الحمراء هي التي أمنت دخول اليهود إلى القدس براحة تامة، وليس العكس.

لكن رأي متصرف القدس لم يغير شيئًا من موقف السلطان عبد الحميد، الذي واصل إصدار الفرمانات وفقًا لنفس الاشتراطات السابقة دون تغيير. بل وأضاف إلى تلك التسهيلات في الحقيقة للهجرة اليهودية، فرمانات جديدة تتيح للمهاجرين اليهود شراء الأراضي الميري والبناء فوقها، ما كان يعني تمكينًا كاملًا للصهيونية من الأراضي الفلسطينية. وقد ظهر أثر ذلك فورًا مع ارتفاع أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين، خاصة بعد تزايد اضطهاد اليهود في روسيا بدءًا من العام 1905. واستمر هذا الارتفاع دون مقاومة عثمانية تذكر، حتى خلع السلطان عبد الحميد على أيدي حزب تركيا الفتاة في انقلاب العام 1908.

من الملاحظ في كتاب دور السلطان عبد الحميد محاولة ربطه بين هجرة اليهود و بين التجنس بالجنسية العثمانية
نحن امام عدة احتمالات
1 - انه يريد غطاء شرعى يظهر ان القادمين هم مواطنين عثمانين بحيث يصبح الكلام لا عن يهــ.ود بل عن عثمانيين
فهل الجنسية تنفي انهم اغراب عن الارض
و هل الجنسية تنفي حقيقة ا لهم اطملع يسعون اليها ؟
هل من ترك ارضه الاصلية و اصبح في قلب الامبراطورية العثمانية تنفي لماذا ترك وطنه
هل ستغسل الجنسية العثمانية عقل اليهــ.ـودى و قلبه ؟
2 - احتمال ان الامبراطور الذي يفخر به الكثيرين هو رجل ساذج لا يدرك تحركات السياسة العالمية و خطط رجال كبار في السياسة و الاقتصاد يعملون سرا و علنا علي انشاء وطن قومى علي اراضي عربية
هل كان السلطان و حكومته و رجاله و حاشيته اقل دهاءا من روتشيلد و بريطانيا و الجماعات الصهيـ.ـ.ونيا ؟
3 حاول عبد الحميد الامساك بالعصا من المنتصف ببمارسة دهاء هو قمة العباء السياسي بأن وعد اليهود بحرية الحركة بمجرد قبول التجنس بالجنسية العثمانية ؟
اليس في هذا قبول بدخولهم فلسطين و لكن كعثمانيين ؟؟؟؟؟ هل بهذا انت تحافظ علي املاك العرب ام انك تسهل الاستيلاء عليها عن طريق حيل قانونية ؟

4 - الم يعلم السلطان ان عرضه هذا يساهم في تغيير البنية الديموغرافية للمنطقة من خلال قبول زيادة اجانب يحملون ديانة اخرى علي حساب اصحاب الارض ؟

 اقرا ايضا : المافيا التركية و اردوغان وجها لوجه

author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments