حول مسلسل يوسف الصديق " نظرة الى الدراما "

من كتابات الاستاذ عملاق الاقتصاد و الصحافة د احمد النجار 

يقوم بعض الأصدقاء ممن يتابعون صفحتي بإعادة نشر ما أكتبه (شير). وبالطبع تكون هناك تعليقات من أصدقائهم، وأتابع تلك التعليقات أحيانا. وفي التعقيبات على موضوع أكذوبة الدول الصناعية السبع "الكبرى" ورد في أحد التعليقات أن الناتج الصناعي الصيني هو إنتاج الشركات الأجنبية التي بنت استثماراتها في الصين. وهذا التصور لا علاقة له بالواقع، فقد بلغ معدل الاستثمار في الصين نحو 42,9% من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 14863 مليار دولار عام 2020 وفقا لقاعدة بيانات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي في أبريل 2022، أي أن قيمة الاستثمارات الجديدة في ذلك العام بلغت نحو 6376 مليار دولار، في حين بلغت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة للصين في ذلك العام وفقا لتقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (اليونكتاد) نحو 149,3 مليار دولار، أي نحو 2,3% فقط من إجمالي الاستثمارات السنوية الجديدة في الصين في العام المذكور. وقد بلغت الاستثمارات الأجنبية المتراكمة في الصين حتى عام 2020 نحو 1,9 تريليون دولار، مقارنة بنحو 10,8 تريليون دولار استثمارات أجنبية مباشرة متراكمة في الولايات المتحدة حتى عام 2020، فإذا كان إسهام الاستثمارات الأجنبية في الناتج المحلي الإجمالي كبيرا في أحد هذين البلدين فهو في الولايات المتحدة بأكبر كثيرا عما هو متحقق في الصين.

وعلق آخر بأن تفوق الناتج الصناعي الصيني وهمي وأن كل ما تصدره الصين هو لعب الأطفال واستخدم تعبيرات مسيئة سيستحق عليها البلوك لكن بعد قراءة هذا النص. ولضرورات التوضيح فإن قيمة الصادرات السلعية الصينية بلغت 2591 مليار دولار عام 2020، منها 2423 مليار دولار صادرات الصناعات التحويلية، وتوجه أكثر من 1500 مليار دولار من تلك الصادرات للدول الرأسمالية الصناعية الغنية، ومنها نحو 500 مليار دولار للولايات المتحدة وحدها. وحتى تدخل الصادرات الصينية لأسواق تلك البلدان فإنها لابد أن تكون مطابقة لمواصفات الجودة المطلوبة لديهم. ومنذ أكثر من 15 عاما تتصدر الصين دول العالم المصدرة للسلع عالية التقنية. وعلى سبيل المثال في عام 2010 بلغت قيمة صادراتها عالية التقنية نحو 406 مليار دولار، مقارنة بنحو 159، 146، 122 مليار دولار لكل من ألمانيا والولايات المتحدة واليابان على التوالي في العام نفسه وفقا لبيانات البنك الدولي في تقريره عن مؤشرات التنمية في العالم (2012). وفي عام 2014 شكلت الصادرات عالية التقنية نحو 25,4% من قيمة الصادرات الصينية من السلع الصناعية التحويلية، مقارنة بنحو 18,2% في الولايات المتحدة، ونحو 16,7% في اليابان، ونحو 16% في ألمانيا وفقا للتقرير نفسه الصادر عام 2018. 

وفي النهاية لا الناتج الصناعي الأمريكي ولا الصيني يخصنا، لكن الحقيقة الموضوعية وحدها هي ما يهمنا لأسباب معرفية، ولضرورات بناء المواقف في العلاقات الاقتصادية الدولية على قاعدة من المعلومات الحقيقية.