لا بد لنا من مقدمة نبين فيها معنى الفقه كيف وجدت الأحكام الشرعية متى نشأت المذاهب الفقهية هل يجب على المرء أن ينتسب إلى مذهب معين؟ هل يجوز له إذا انتسب إلى أحد المذاهب أن يقلد مذهب آخر؟ ما معنى فقه المرأة وما هي المواضيع التي سوف نطرحها في برنامجنا؟
بداية الفقه يعني في اللغة العلم في الشيء وفهمه اصطلاحاً العلم بالأحكام الشرعية العملية إذاً الفقه الإسلامي هو معرفة الأحكام الشرعية العملية ماذا تعني كلمة الأحكام الشرعية العملية .
الأحكام الشرعية العملية هي ما يتعلق بأفعال العباد وأقوال العباد ولكن الناتجة عن عباداتهم والناتجة عن معاملاتهم اليومية هذا معنى الفقه الإسلامي . خرج بنا عن الأحكام العقائدية لا مجال لنا أن نبحث الأحكام العقائدية في برنامجنا فقه المرأة لأن الفقه لم يتعلق بالأحكام العقائدية لا مجال لنا أيضاً للحديث عن النواحي الوعظية والأخلاقية لأن مجال حديثنا أيضاً لا يختص بهذا وإنما الأحكام الشرعية العملية .
تتساءلون لا شك كيف وجدت الأحكام الشرعية: الحلال الحرام المباح المكروه كيف عرف الناس هذا حلال وهذا حرام وهذا مكروه وهذا مباح . هذا يقودنا للحديث عن المصادر التشريعية أو الأدلة التي استنبط منها الأحكام الشرعية .
الأدلة التي يستنبط بها الأحكام الشرعية أدلة قطعية ما ثبت بنص قطعي الثبوت والدلالة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المتواترة كفرضية الصلاة والصيام والزكاة والحج .
إذا البداية مع الأدلة القطعية هذه الأدلة القطعية هي ما ثبت بدليل قطعي لا مجال للشك فيه بأنه ورد عن الله عز وجل بالقرآن الكريم المتواتر . السنة النبوية الصحيحة المتواترة التي رواها جمع عن جمع عن جمع بحيث يستحيل تواطئهم على كذب من هذا ما عرف عن طريق هذه الأدلة القطعية فرضية الصلاة الصيام الزكاة الحج .
هنالك أيضاً الإجماع والإجماع دليل قطعي ما هو الإجماع .
الإجماع هو اتفاق جميع العلماء المجتهدين في عصر ما على حكم شرعي عندما يجتمع علماء الأمة على حكم شرعي هذا دليل على أن الحكم ثبت بدليل قطعي لا يجوز إنكاره لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجتمع أمتي على خطأ .
إذاً من الأحكام الشرعية ما استنبط من الأدلة القطعية من القرآن الكريم من السنة المتواترة الصحيحة ومن الإجماع.
هنالك أدلة ظنية.
الأدلة الظنية هي ما ثبت بنص غير قطعي كالسنة الأحادية عندما نقول السنة الأحادية هناك سنة أحادية صحيحة وهناك سنة أحادية ضعيفة .
طبعاً نقول السنة الأحادية الصحيحة هي المجال الأولى للأحكام واستنبط الأحكام منها .
السنة الأحادية الضعيفة يعرض عنها الفقهاء غالباً ولا يأخذ بالسنة الضعيفة إلا في مجال فضائل الأعمال .
السنة الأحادية هي دليل ظني ما هو الظني هو أنه لا يمكننا الجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال هذا الحديث لأنه وصلنا عن طريق سلسلة عن طريق السند لسنا متأكدين من دقة حفظ الراوي لسنا متأكدين من فهم الراوي لما يروى وفي التالي نعتبر هذه الأحاديث دليل ظني ليس دليل قطعياً ولذلك كنا نرى أبو بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يشترطان على الراوي إذا روى أن يحضر شاهدان يشهدان على صحة ما يروي صلى الله عليه وسلم .
علياً رضي الله عنه كان يستحلف الراوي أسمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ إذا الدليل الظني الأول الذي تستنبط منه الأحكام السنة الأحادية الصحيحة .
من الأدلة الظنية ما ثبت بدليل قطعي يحتمل أكثر من معنى فالقرء في قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء ) هذه الآية قطعية الثبوت ثبتت بالقرآن الكريم ولكنها ظنية الدلالة .
ما معنى هذا يعني هي تحتمل أكثر من معنى . القرء في اللغة يحتمل الحيض ويحتمل الطهر بالتالي اختلف الفقهاء هل على المطلقة أن تنتظر ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار بناء على أن النص يحملا أكثر من معنى.
من الأدلة الظنية أيضاً ما لم يرد فيه نص من القرآن والسنة واجتهد فيه الفقهاء من خلال القياس والمصالح المرسلة كالميراث مع الأخوة.
إذا عندما لا يكون هناك نص لا من قرآن ولا سنة على الفقهاء أن يجتهدوا ليجدوا الحكم الشرعي للمسألة المستجدة يستنبطون حكمها الشرعي عن طريق القياس يقيسون مسألة مستجدة على مسألة وجد حكمها في القرآن الكريم أو السنة الشريفة أو عن طريق المصالح المرسلة على اعتبار أن الشريعة بنيت على الأخذ بعين الاعتبار بمصالح الناس والحفاظ على حفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال كل هذه المصالح معتبرة في الشريعة الإسلامية .
من هذا مثلاً ميراث الجد مع الأخوة : ميراث الجد مع الأخوة لم يرد في القرآن الكريم وإنما ورد ميراث الأب مع الأخوة وبناء على استنباط كيفية استنباط الحكم اختلف الصحابة رضي الله عنهم في الحكم الشرعي لهذا .
أبو بكر وابن عباس رضي الله عنهما قاسا الجد على الأب قالوا بما أن الأب يحجب الأخوة إذا اجتمعوا مع بعضهم كذلك الجد يحجب الأخوة فلا يرثون معه أما عمر وعلي رضي الله عنهما رأوا أن هنالك فارق بين الأب وبين الجد وبالتالي إذا اجتمع الجد مع الأخوة ليس هو كالأب لا يحجب الأخوة وإنما يرثون معاً إذا هذه هي الأدلة الظنية التي تعرف الأحكام الشرعية عم طريقها.
الأدلة الظنية هي محل النظر والاجتهاد واختلاف العلماء في الأحكام يقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر .
إذا هذه الأدلة الظنية هي مجال اختلاف الفقهاء في استنبطاهم الأحكام أما الأدلة القطعية منا ورد في القرآن الكريم أي قطعي الثبوت وقطعي الدلالة الذي لا يحتمل إلا معنى واحد وما ورد في السنة المتواترة الصحيحة وما ورد في الإجماع هذا لا مجال للاختلاف فيه . لم نرى أحد من العلماء قال بفرضية الصلاة خالفه عالم آخر قال الصلاة غير مفروضة هذه أمور معلومة من الدين بالضرورة قطعياً لا مجال للاختلاف فيها إذا أي الاختلاف .
الاختلاف هم في الأحكام المستنبطة من الأدلة الظنية هنا يكمن الاختلاف عندما نقول مذهب فقهي يعني نظرة فقهم واختلاف الفقهاء في نظرتهم الفقهية في فهمهم للقرآن الكريم في الآية التي تحتمل أكثر من معنى اختلافهم في فهم السنة الشريفة اختلافهم في الاستنباط عن طريق هذه الأدلة واختلافهم في الاستنباط عن الأحكام التي لم يرد فيها دليل الأحكام المستجدة .
عندما نقول وجهة نظر فقيه هذا يعني أن وجهات النظر تختلف ما أفهمه أنا في كثير من الأحيان يختلف عما يفهمه آخر لا ونسمع نفس الحديث ولكن لكل منا طريقة في فهم الحديث طريقة في التفكير طريقة في المعالجة وهذا أمر طبيعي فطر الله تعالى الإنسان عليه لذلك نرى النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسل سرية وأمر عليهم أميراً كان يقول لهم إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تدري أنصيب فيهم حكم الله أم لا بل أنزلهم على حكمك لذلك عندما نعود إلى عصر الصحابة نرى أنهم اختلفوا في المسائل التي لم يرد فيها قرآن ولا سنة واستجدت اختلفوا في طريقة المعالجة واختلفوا أيضاً في بعض المسائل التي وردت في القرآن الكريم ولكنها تحتمل أكثر من معنى ولذلك نراهم في المسائل الاجتهادية عندما يجتهدون لا يقولون هذا هو الدين وإنما يقولون هذا رأيي لا يحتمون العمل به على أنه دين وإنما يقولون هذا رأي إن يكن صواباً فهو من الله وإن يكن خطأ فهو مني كما قال أبو بكر رضي الله عنه وكما قال عمر أيضاً مرة كاتب لعمر كتب هذا ما رأى الله ورأى عمر قال بئس ما قلت قل هذا ما رأى عمر فإن يك صواباً فهو من الله وإن يكن خطأ فهو من عمر
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يرون الحكم الذين يفتون به في الأمور الاجتهادية منسوباً إلى أنفسهم لا إلى الشريعة فلا يحتمون العمل به كان أبو بكر يقول إذا اجتهد برأيه يقول هذا رأيي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله
الإمام أبو حنيفة كان يقول هذا الذي نحن فيه رأي لا نجبر عليه أحد إن أحسن ما قدرنا عليه ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه .
الشافعي رضي الله عنه كان يقول إن صح الحديث فهو مذهبي ولذلك نرى بعض تلامذة الإمام الشافعي خالفوه في مذهبه لأنه صح عندهم الحديث فخالفوا الإمام الشافعي بناء على نصيحة الإمام الشافعي .
من الخطأ أن يحمل العالم الناس على رأيه الاجتهادي على أنه وحده الصواب ويلغي آراء العلماء الآخرين ولو أراد الله تعالى ألا تختلف الأمة في الأحكام لفصلها لها في القرآن الكريم أو السنة الشريفة إذا مشكلة بعض العلماء أنهم يفتون في الأمور الاجتهادية ويجعلون ما يفتون به هو الصح وكل الآراء والفتاوى الأخرى هي خطأ هذه مشكلة لأن هذا الرأي هو رأي اجتهادي وهذا الرأي الاجتهادي لا يمكن أن نجزم بأنه هو الدين وأنه هو الصحيح لا بد أن يكون لدينا فقه الاختلاف أن نراعي ونحترم الآخرين في اختلافهم طبعاً ما دام هذا في حدود الشرع مسموح فيه أعود وأكرر طالما أن كان هذا في الأمور الاجتهادية لا في الأمور القطعية الأمور القطعية لا مجال للاجتهاد فيها .
سر صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان هو تفصيلها للثوابت وترك المتغيرات دون تفصيل ليجتهد فيها العلماء في استنباط الأحكام تتناسب مع زمانهم وبيئاتهم وفقاً لمقاصد الشريعة من هذا كثير من أحكام المعاملات أحكام العلاقات الدولية الأحكام السياسية لو أراد الله تعالى أن يفصل للناس وأل يختلف الفقهاء في استنباطهم للأمور التي تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص لفصلها لهم ولكن ماذا سيكون لا شك أن في هذا تكليف للناس بما يشق عليهم فما يصلح لعصر ولزمان ومكان وأشخاص قد لا يصح لعصور أخرى وأشخاص آخرين وبيئات أخرى .
المذاهب الفقهية الأربعة هل يجب على المرء أن يتبع إحدى هذه المذاهب أم لا يجب عليه هذا .
تجد اليوم في الساحة آراء متناقضة متعارضة نرى في اليمين رأياً متشدداً ونرى في مقابله رأياً متطرفا" على الضفة المقابلة هنالك اليوم أقوال ودعاوى تقول لا يجب على المرء أن يتبع أياً من المذاهب ولا غير المذاهب الأربعة وإنما لأي مسلم أن يعرف أحكام دينه الحلال والحرام والمندوب والمباح والمكروه عن طريق القرآن الكريم والسنة الشريفة يفتح يقرأ يعرف الحكم الشرعي.
هل هذا صحيح؟
هذا أمر خطير ليس كل امرئ مخول بأن يفهم ما في القرآن الكريم والسنة النبوية ويستنبط الأحكام لأنه باختصار هنالك أمور يشترط أن تكون موجودة في العالم الفقيه المجتهد منها أن يعرف الناسخ والمنسوخ أن يعرف بلسان العرب باللغة العربية لأن القرآن نزل باللغة العربية أن يكون عارفاً وعالماً بأصول الفقه وهذه آلات الاجتهاد وهذا نراه على الضفة المتشددة .
وهنالك ضفة أخرى متشددة تقول لا يجوز للمرء إلا أن يتبع أحد المذاهب الفقهية الأربعة وإذا لم يتبع هذا المذهب بحذافيره فهو آثم ولا يجوز له أن يقلد غيره من المذاهب .
تجد اليوم بعض الآراء الشاذة التي تريد أن تلغي تقليد المذاهب الأربعة وتدعي إمكانية معرفة الناس للأحكام الشرعية من خلال قراءتهم للقرآن الكريم والسنة الشريفة وهذا خطأ وخطأ وخطأ .
هناك من يدير الناس لاتباع مذهب من المذاهب الأربعة ويحرم عليهم تقليد غيره من المذاهب هذا يقودنا أخواتي للحديث عن نشأة المذاهب الأربعة . الحقيقة أن المذاهب الأربعة نشأت في القرن الثاني الهجري قبلها لم يكن هنالك الإمام أبو حنيفة الشافعي الإمام مالك الإمام أحمد بن حنبل كل هؤلاء لم يكونوا ماذا كان يفعل المسلمون قبل الأئمة .
المذاهب الأربعة وجدت منذ بداية القرن الثاني الهجري وكان الناس في القرن الأول الهجري يستفتون من تيسير لهم من العلماء دون أن يتقيدوا بعالم واحد هل تعلمون أخواتي المشاهدات أن هنالك مذاهب أخرى غير المذاهب الأربعة.
هنالك مذهب ابن جرير الطبري مذهب الأوزاعي مذهب الليث بن سعد مذهب ابن أبي ليلى مذاهب كثيرة ولكن لم يقدر لهذه المذاهب أن تصلنا بسبب عدم وجود تلامذة اعتنوا فيها وكتبوها في كتب وبالتالي لم تصل غلينا هناك كثير من المذاهب الفقهية المعتبرة التي لم تصل إلينا كمذهب الإمام الأوزاعي والليث بن سعد وابن جرير الطبري يؤكد العلماء على أن للمسلم الذي لا يعرف الأدلة الشرعية أن يستفتي من يريد من العلماء وأن مذهبه هو مذهب من يفتيه فالشخص الذي لا يعرف الأدلة الشرعية هو جاهل بالدين لا يمكنه استنباط الأحكام الشرعية ولو كان عالم بالطب عالماً بالهندسة بالصيدلة ولكن في الشرع جاهل وهذا الشخص لا يجوز له أن يستنبط الأحكام بمفرده كما قلنا وإنما عليه أن يستفتي من يريد من العلماء ولكن من يريد من العلماء المعتبرين الذين يمتلكون آلة الاجتهاد ومذهب هذا الشخص هو مذهب من يفتيه من يعرف الأدلة الفقهية يجوز له أن ينتسب إلى إمام غيره شافعي مالكي حنفي حنبلي يجوز لمن ينتسب لأحد المذاهب أن يقلد المذاهب الأخرى لا يطلب ممن يقلد المذاهب الأخرى أن ينوي هذا التقليد إذا الشخص الذي يعرف الأدلة يعرف الأدلة من القرآن والسنة يمكن أن يقول أنا شافعي أنا حنفي ممكن أن ينتسب إلى أحد هذه المذاهب لأنه يعرف الدليل ولكن إن انتسب إلى المذهب الشافعي هل معنى هذا أنه يحرم عليه أن يقلد المذهب الحنفي يعني إن انتسب إلى المذهب الحنفي هل معنى هذا أنه يحرم عليه أن يقلد مذهب الإمام أحمد بن حنبل في إحدى المسائل . الحقيقة أنه يجوز لمن انتسب إلى المذاهب أن يقلد أحد المذاهب وليس عليه نية كثيراً ما اسأل ماذا علي إن أردت أن أقلد هل علي أن أنوي أني أردت أن أصلي على مذهب الحنفي لا ينوي المقلد نية التقليد أبداً .
البعض يتشددون في هذا يقولون لا يجوز أن يقلد أحد الشافعي مذهب غيره أو الحنفي مذهب غيره لكل هؤلاء أذكر لهم قصتان لا قصة واحدة .
الإمام الشافعي صلى في مسجد الإمام أبي حنيفة مرة صلاة الصبح ولم يقنت والقنوت سنة مؤكدة عنده لما انتهى قالوا له أنسيت يا إمام أنسيت القنوت أم غيرت مذهبك قال لا هذا ولا ذاك ولكن احتراماً لصاحب هذا المسجد يعني للإمام أبي حنيفة لأن الإمام أبي حنيفة كان لا يرى القنوت في الفجر .
الإمام أحمد بن حنبل سأله مرة شخص قال يا إمام صليت وراء إمام احتجم ولم يتوضأ وكان الإمام أحمد بن حنبل يرى أن الحجامة تنقص الوضوء فقال أفتجوز صلاتي قال فكيف لا أجوز الصلاة خلف مالك وسعيد بن المسيب لأن الإمام مالك وسعيد بن المسيب لم يريا انتقاض الوضوء بالحجامة.
الفقه الإسلامي منجم يحتوي على معادن ثمينة نتخير منها الأقوى حجة ودليلاً والأنسب مع متغيرات الزمان والبيئات والأشخاص والمذهب الذي اختاره يكون تقليده مبني على الأقوى دليلاً أحياناً يضطر لاختيار الأضعف إذا كان هنالك مصلحة ما لا يمكن إلا أن نتبع هذه المذاهب ونختار منها الأقوى دليلاً في كثير من الأحيان التقيد بمذهب واحد في بعض الأحيان يسبب مشقة وحرجاً من هذا مثلاً طهارة الكلب الكلب طاهر عند الحنفية والمالكية نجس عند باقي الفقهاء من هنا مسألة تولي المرأة للقضاء تولي المرأة للقضاء عند الحنابلة والشافعية والمالكية لا يجوز عند الحنابلة يجوز للمرأة أن تتولى القضاء في المسائل المدنية وبالتالي اليوم نضطر إلى أن نقلد المذهب الحنفي وهنالك الإمام ابن جرير الطبري أجاز للمرأة أن تتولى القضاء بجميع أنواعه قياساً على توليها الإفتاء بما أنه يجوز لها أن تفتي فإنه يجوز لها أن تكون قاضية.
يحضرني هنا قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان يقول ما أحب أن صحابة رسول الله لم يختلفوا لو لم يختفوا لما كان لنا سعة في اختلاف المذاهب فسحة وسعة ورحمة للأمة تختار منها الأقوى دليلاً في حال الضرورة تختار مع ما يتناسب المصلحة والمشقة الحرج ولو كان الدليل ضعيفاً ولكن كما قلنا في بعض الأحيان وليس في كل الأحيان هنالك من يذهب ويتثقف من الذاهب أضعفها من أجل أن ذلك يروق له لا أيها أيسر يأخذ الأيسر هذا طمع ليس من الورع والتقوى البحث عن الآراء الفقهية الضعيفة وتعميمها بحجة أنها الأصلح إلا في حالات الضرورة الماسة .
الأصل في تقليد المذاهب أن يكون مبني على اتباع الأقوى دليلاً ويكره أن يتبع المرء فيه هوى النفس والجري وراء الأسهل دائماً والتقاط الرخص من هنا وهناك قال النبي صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد " يا وابصة استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن في القلب والإثم ما حاك في اقلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك".
يجوز اتباع رخص المذاهب للضرورة ولرفع المشقة والحرج وللتيسير .
عندما نقول تقليد المذاهب البعض يشترط في هذا التقليد ألا يؤدي إلى التلفيق وإن أدى إلى التلفيق فهو ممنوع ما هو التلفيق . يشترط البعض لصحة تقليد المذاهب الأخرى ألا يؤدي إلى التلفيق: التلفيق هو الإتيان بتوليفة لم يقل بها أحد من الأئمة نتيجة للتقليد عدد من المذاهب في المسألة الواحد .
مثال توضأ رجل فمسح شعرات من رأسه تقليداً للمذهب الشافعي ولامست يده يد امرأة فلم يعد وضوءه تقليداً للمذهب الحنفي وضوءه غير صحيح على كلا المذهبين اشترك هؤلاء حتى يكون وضوءه صحيح وصلاته صحيحة أن تكون صورة الوضوء وصورة الصلاة عند المذهب الذي قلده أم تكون بكاملها صحيحة أن يمسح ربع رأسه كما عند المذهب الحنفي وألا ينتقض وضوءه إذا مست يده يد امرأة ولكن هل فعلاً هذا التلفيق ممنوع أجاء بعض العلماء من الحنفية والمالكية والحنبلية التلفيق مستدلين على هذا بأن منع التلفيق لم يظهر عند المجتهدين المتقدمين بمن فيهم أئمة المذاهب الأربعة وأن المستفتي في عهد السلف كان يستفتي مفتياً في مسألة ومفتياً في مسألة أخرى وهذا قد يؤدي إلى التلفيق إذا المجتهدون المتقدمون لن يتحدثوا عن التلفيق أبداً لم يشترطوا ألا يؤدي التقليد إلى التلفيق وإلا كنا نرى الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الأئمة يستفتون اليوم مفتياً في مسألة وفي اليوم التالي يستفتون مفتياً آخر لم يشترط عليهم أحد أن تكون هذه المسألة أو تجوز عند هذا الفقيه وتجوز عن الفقيه الآخر .
إذا على الأرجح لا يجوز جواز التقليد أن يؤدي إلى التلفيق .
أرى كثيراً اليوم من الفقهاء والعلماء يعلمون التلاميذ على مذهب واحد يعلمونهم الفقه على مذهب واحد إما على المذهب الشافعي أو الحنفي وإما المذهب الحنبلي وإما المالكي الحقيقة أن تعليم الطلاب على مذهب واحد فقط وعدم تعريفهم بأن هنالك مذهب أخرى وأن هنالك إمكانية لتقليد المذاهب الأخرى هذا يؤدي إلى الأمور التالية.
تضييق ما وسعه الله تعالى وتعقيد ما يسره.
يحمل المتعلم على التعصب المذهبي .
فحتى لا نضيق ما وسعه الله تعالى وحتى لا نحمل طلاب العلم على التعصب على أن يروا أنفسهم هم الصح وأن الآخرين هم الخطأ بكل ما يفعلونه دعونا نفقه على أصوله نعلم طلابنا على أنه هناك مذاهب وأن انتسبا الطالب إلى مذهب جائز ولكنه يجوز له أيضاً أن يقلد غيره من المذاهب .
التأكيد على أن تعدد الآراء الفقهية يعني جواز الأخذ بأي منها ولكن يجب ألا يقود المشاهد إلى الحيرة والضياع .
اصطلاحات فقهية
الفرض: هو ما أمر الشرع بفعله أمراً جازماً ويترتب على فعله الثواب وعلى تركه العقاب .
فرض العين: هو ما يجب على كل مسلم مكلف أن يعلمه ويفعله كالصلاة والصيام والزكاة .
فرض الكفاية : هو ما يجب أن يفعله مجموع المسلمين لا كل واحد منهم فإذا قام به البعض سقط الإثم عن الآخرين وإن لم يقم به من يكفي لسد حاجة الأمة وقع الإثم على الآخرين كتجهيز الميت والصلاة عليه .
الركن : ما يتوقف عليه وجود الشيء ويدخل في حقيقته كقراءة الفاتحة في الصلاة .
الشرط: ما يتوقف عليه وجود الشيء ولا يدخل في حقيقته كالوضوء مثلاً فهو شرط لصحة الصلاة غير داخل في حقيقتها.
المندوب : ما رغب الشرع بفعله لكنه لم يطلبه طلباً جازماً وحكمه يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه كصلاة النوافل صيام النوافل يسمى المندوب سنة مستحبة تطوعاً نفلاً.
المباح : هو ما لم يأمر الشرع بفعله ولا بتركه ولا يترتب على فعله أو تركه ثواب أو عقاب كالعمل بعد صلاة الجمعة كقوله تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ).
الحرام: ما طلب الشرع تركه طلباً جازماً بحيث يثاب تاركه ويعاقب فاعله كالقتل وأكل أموال الناس بالباطل يسمى الحرام محظوراً ومعصية وذنباً .
المكروه : ما طلب الشرع تركه طلباً غير جازم بحيث يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله كصيام يوم عرفة للحاج .
بداية الفقه يعني في اللغة العلم في الشيء وفهمه اصطلاحاً العلم بالأحكام الشرعية العملية إذاً الفقه الإسلامي هو معرفة الأحكام الشرعية العملية ماذا تعني كلمة الأحكام الشرعية العملية .
الأحكام الشرعية العملية هي ما يتعلق بأفعال العباد وأقوال العباد ولكن الناتجة عن عباداتهم والناتجة عن معاملاتهم اليومية هذا معنى الفقه الإسلامي . خرج بنا عن الأحكام العقائدية لا مجال لنا أن نبحث الأحكام العقائدية في برنامجنا فقه المرأة لأن الفقه لم يتعلق بالأحكام العقائدية لا مجال لنا أيضاً للحديث عن النواحي الوعظية والأخلاقية لأن مجال حديثنا أيضاً لا يختص بهذا وإنما الأحكام الشرعية العملية .
تتساءلون لا شك كيف وجدت الأحكام الشرعية: الحلال الحرام المباح المكروه كيف عرف الناس هذا حلال وهذا حرام وهذا مكروه وهذا مباح . هذا يقودنا للحديث عن المصادر التشريعية أو الأدلة التي استنبط منها الأحكام الشرعية .
الأدلة التي يستنبط بها الأحكام الشرعية أدلة قطعية ما ثبت بنص قطعي الثبوت والدلالة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المتواترة كفرضية الصلاة والصيام والزكاة والحج .
إذا البداية مع الأدلة القطعية هذه الأدلة القطعية هي ما ثبت بدليل قطعي لا مجال للشك فيه بأنه ورد عن الله عز وجل بالقرآن الكريم المتواتر . السنة النبوية الصحيحة المتواترة التي رواها جمع عن جمع عن جمع بحيث يستحيل تواطئهم على كذب من هذا ما عرف عن طريق هذه الأدلة القطعية فرضية الصلاة الصيام الزكاة الحج .
هنالك أيضاً الإجماع والإجماع دليل قطعي ما هو الإجماع .
الإجماع هو اتفاق جميع العلماء المجتهدين في عصر ما على حكم شرعي عندما يجتمع علماء الأمة على حكم شرعي هذا دليل على أن الحكم ثبت بدليل قطعي لا يجوز إنكاره لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجتمع أمتي على خطأ .
إذاً من الأحكام الشرعية ما استنبط من الأدلة القطعية من القرآن الكريم من السنة المتواترة الصحيحة ومن الإجماع.
هنالك أدلة ظنية.
الأدلة الظنية هي ما ثبت بنص غير قطعي كالسنة الأحادية عندما نقول السنة الأحادية هناك سنة أحادية صحيحة وهناك سنة أحادية ضعيفة .
طبعاً نقول السنة الأحادية الصحيحة هي المجال الأولى للأحكام واستنبط الأحكام منها .
السنة الأحادية الضعيفة يعرض عنها الفقهاء غالباً ولا يأخذ بالسنة الضعيفة إلا في مجال فضائل الأعمال .
السنة الأحادية هي دليل ظني ما هو الظني هو أنه لا يمكننا الجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال هذا الحديث لأنه وصلنا عن طريق سلسلة عن طريق السند لسنا متأكدين من دقة حفظ الراوي لسنا متأكدين من فهم الراوي لما يروى وفي التالي نعتبر هذه الأحاديث دليل ظني ليس دليل قطعياً ولذلك كنا نرى أبو بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يشترطان على الراوي إذا روى أن يحضر شاهدان يشهدان على صحة ما يروي صلى الله عليه وسلم .
علياً رضي الله عنه كان يستحلف الراوي أسمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ إذا الدليل الظني الأول الذي تستنبط منه الأحكام السنة الأحادية الصحيحة .
من الأدلة الظنية ما ثبت بدليل قطعي يحتمل أكثر من معنى فالقرء في قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء ) هذه الآية قطعية الثبوت ثبتت بالقرآن الكريم ولكنها ظنية الدلالة .
ما معنى هذا يعني هي تحتمل أكثر من معنى . القرء في اللغة يحتمل الحيض ويحتمل الطهر بالتالي اختلف الفقهاء هل على المطلقة أن تنتظر ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار بناء على أن النص يحملا أكثر من معنى.
من الأدلة الظنية أيضاً ما لم يرد فيه نص من القرآن والسنة واجتهد فيه الفقهاء من خلال القياس والمصالح المرسلة كالميراث مع الأخوة.
إذا عندما لا يكون هناك نص لا من قرآن ولا سنة على الفقهاء أن يجتهدوا ليجدوا الحكم الشرعي للمسألة المستجدة يستنبطون حكمها الشرعي عن طريق القياس يقيسون مسألة مستجدة على مسألة وجد حكمها في القرآن الكريم أو السنة الشريفة أو عن طريق المصالح المرسلة على اعتبار أن الشريعة بنيت على الأخذ بعين الاعتبار بمصالح الناس والحفاظ على حفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال كل هذه المصالح معتبرة في الشريعة الإسلامية .
من هذا مثلاً ميراث الجد مع الأخوة : ميراث الجد مع الأخوة لم يرد في القرآن الكريم وإنما ورد ميراث الأب مع الأخوة وبناء على استنباط كيفية استنباط الحكم اختلف الصحابة رضي الله عنهم في الحكم الشرعي لهذا .
أبو بكر وابن عباس رضي الله عنهما قاسا الجد على الأب قالوا بما أن الأب يحجب الأخوة إذا اجتمعوا مع بعضهم كذلك الجد يحجب الأخوة فلا يرثون معه أما عمر وعلي رضي الله عنهما رأوا أن هنالك فارق بين الأب وبين الجد وبالتالي إذا اجتمع الجد مع الأخوة ليس هو كالأب لا يحجب الأخوة وإنما يرثون معاً إذا هذه هي الأدلة الظنية التي تعرف الأحكام الشرعية عم طريقها.
الأدلة الظنية هي محل النظر والاجتهاد واختلاف العلماء في الأحكام يقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر .
إذا هذه الأدلة الظنية هي مجال اختلاف الفقهاء في استنبطاهم الأحكام أما الأدلة القطعية منا ورد في القرآن الكريم أي قطعي الثبوت وقطعي الدلالة الذي لا يحتمل إلا معنى واحد وما ورد في السنة المتواترة الصحيحة وما ورد في الإجماع هذا لا مجال للاختلاف فيه . لم نرى أحد من العلماء قال بفرضية الصلاة خالفه عالم آخر قال الصلاة غير مفروضة هذه أمور معلومة من الدين بالضرورة قطعياً لا مجال للاختلاف فيها إذا أي الاختلاف .
الاختلاف هم في الأحكام المستنبطة من الأدلة الظنية هنا يكمن الاختلاف عندما نقول مذهب فقهي يعني نظرة فقهم واختلاف الفقهاء في نظرتهم الفقهية في فهمهم للقرآن الكريم في الآية التي تحتمل أكثر من معنى اختلافهم في فهم السنة الشريفة اختلافهم في الاستنباط عن طريق هذه الأدلة واختلافهم في الاستنباط عن الأحكام التي لم يرد فيها دليل الأحكام المستجدة .
عندما نقول وجهة نظر فقيه هذا يعني أن وجهات النظر تختلف ما أفهمه أنا في كثير من الأحيان يختلف عما يفهمه آخر لا ونسمع نفس الحديث ولكن لكل منا طريقة في فهم الحديث طريقة في التفكير طريقة في المعالجة وهذا أمر طبيعي فطر الله تعالى الإنسان عليه لذلك نرى النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسل سرية وأمر عليهم أميراً كان يقول لهم إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تدري أنصيب فيهم حكم الله أم لا بل أنزلهم على حكمك لذلك عندما نعود إلى عصر الصحابة نرى أنهم اختلفوا في المسائل التي لم يرد فيها قرآن ولا سنة واستجدت اختلفوا في طريقة المعالجة واختلفوا أيضاً في بعض المسائل التي وردت في القرآن الكريم ولكنها تحتمل أكثر من معنى ولذلك نراهم في المسائل الاجتهادية عندما يجتهدون لا يقولون هذا هو الدين وإنما يقولون هذا رأيي لا يحتمون العمل به على أنه دين وإنما يقولون هذا رأي إن يكن صواباً فهو من الله وإن يكن خطأ فهو مني كما قال أبو بكر رضي الله عنه وكما قال عمر أيضاً مرة كاتب لعمر كتب هذا ما رأى الله ورأى عمر قال بئس ما قلت قل هذا ما رأى عمر فإن يك صواباً فهو من الله وإن يكن خطأ فهو من عمر
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يرون الحكم الذين يفتون به في الأمور الاجتهادية منسوباً إلى أنفسهم لا إلى الشريعة فلا يحتمون العمل به كان أبو بكر يقول إذا اجتهد برأيه يقول هذا رأيي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله
الإمام أبو حنيفة كان يقول هذا الذي نحن فيه رأي لا نجبر عليه أحد إن أحسن ما قدرنا عليه ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه .
الشافعي رضي الله عنه كان يقول إن صح الحديث فهو مذهبي ولذلك نرى بعض تلامذة الإمام الشافعي خالفوه في مذهبه لأنه صح عندهم الحديث فخالفوا الإمام الشافعي بناء على نصيحة الإمام الشافعي .
من الخطأ أن يحمل العالم الناس على رأيه الاجتهادي على أنه وحده الصواب ويلغي آراء العلماء الآخرين ولو أراد الله تعالى ألا تختلف الأمة في الأحكام لفصلها لها في القرآن الكريم أو السنة الشريفة إذا مشكلة بعض العلماء أنهم يفتون في الأمور الاجتهادية ويجعلون ما يفتون به هو الصح وكل الآراء والفتاوى الأخرى هي خطأ هذه مشكلة لأن هذا الرأي هو رأي اجتهادي وهذا الرأي الاجتهادي لا يمكن أن نجزم بأنه هو الدين وأنه هو الصحيح لا بد أن يكون لدينا فقه الاختلاف أن نراعي ونحترم الآخرين في اختلافهم طبعاً ما دام هذا في حدود الشرع مسموح فيه أعود وأكرر طالما أن كان هذا في الأمور الاجتهادية لا في الأمور القطعية الأمور القطعية لا مجال للاجتهاد فيها .
سر صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان هو تفصيلها للثوابت وترك المتغيرات دون تفصيل ليجتهد فيها العلماء في استنباط الأحكام تتناسب مع زمانهم وبيئاتهم وفقاً لمقاصد الشريعة من هذا كثير من أحكام المعاملات أحكام العلاقات الدولية الأحكام السياسية لو أراد الله تعالى أن يفصل للناس وأل يختلف الفقهاء في استنباطهم للأمور التي تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص لفصلها لهم ولكن ماذا سيكون لا شك أن في هذا تكليف للناس بما يشق عليهم فما يصلح لعصر ولزمان ومكان وأشخاص قد لا يصح لعصور أخرى وأشخاص آخرين وبيئات أخرى .
المذاهب الفقهية الأربعة هل يجب على المرء أن يتبع إحدى هذه المذاهب أم لا يجب عليه هذا .
تجد اليوم في الساحة آراء متناقضة متعارضة نرى في اليمين رأياً متشدداً ونرى في مقابله رأياً متطرفا" على الضفة المقابلة هنالك اليوم أقوال ودعاوى تقول لا يجب على المرء أن يتبع أياً من المذاهب ولا غير المذاهب الأربعة وإنما لأي مسلم أن يعرف أحكام دينه الحلال والحرام والمندوب والمباح والمكروه عن طريق القرآن الكريم والسنة الشريفة يفتح يقرأ يعرف الحكم الشرعي.
هل هذا صحيح؟
هذا أمر خطير ليس كل امرئ مخول بأن يفهم ما في القرآن الكريم والسنة النبوية ويستنبط الأحكام لأنه باختصار هنالك أمور يشترط أن تكون موجودة في العالم الفقيه المجتهد منها أن يعرف الناسخ والمنسوخ أن يعرف بلسان العرب باللغة العربية لأن القرآن نزل باللغة العربية أن يكون عارفاً وعالماً بأصول الفقه وهذه آلات الاجتهاد وهذا نراه على الضفة المتشددة .
وهنالك ضفة أخرى متشددة تقول لا يجوز للمرء إلا أن يتبع أحد المذاهب الفقهية الأربعة وإذا لم يتبع هذا المذهب بحذافيره فهو آثم ولا يجوز له أن يقلد غيره من المذاهب .
تجد اليوم بعض الآراء الشاذة التي تريد أن تلغي تقليد المذاهب الأربعة وتدعي إمكانية معرفة الناس للأحكام الشرعية من خلال قراءتهم للقرآن الكريم والسنة الشريفة وهذا خطأ وخطأ وخطأ .
هناك من يدير الناس لاتباع مذهب من المذاهب الأربعة ويحرم عليهم تقليد غيره من المذاهب هذا يقودنا أخواتي للحديث عن نشأة المذاهب الأربعة . الحقيقة أن المذاهب الأربعة نشأت في القرن الثاني الهجري قبلها لم يكن هنالك الإمام أبو حنيفة الشافعي الإمام مالك الإمام أحمد بن حنبل كل هؤلاء لم يكونوا ماذا كان يفعل المسلمون قبل الأئمة .
المذاهب الأربعة وجدت منذ بداية القرن الثاني الهجري وكان الناس في القرن الأول الهجري يستفتون من تيسير لهم من العلماء دون أن يتقيدوا بعالم واحد هل تعلمون أخواتي المشاهدات أن هنالك مذاهب أخرى غير المذاهب الأربعة.
هنالك مذهب ابن جرير الطبري مذهب الأوزاعي مذهب الليث بن سعد مذهب ابن أبي ليلى مذاهب كثيرة ولكن لم يقدر لهذه المذاهب أن تصلنا بسبب عدم وجود تلامذة اعتنوا فيها وكتبوها في كتب وبالتالي لم تصل غلينا هناك كثير من المذاهب الفقهية المعتبرة التي لم تصل إلينا كمذهب الإمام الأوزاعي والليث بن سعد وابن جرير الطبري يؤكد العلماء على أن للمسلم الذي لا يعرف الأدلة الشرعية أن يستفتي من يريد من العلماء وأن مذهبه هو مذهب من يفتيه فالشخص الذي لا يعرف الأدلة الشرعية هو جاهل بالدين لا يمكنه استنباط الأحكام الشرعية ولو كان عالم بالطب عالماً بالهندسة بالصيدلة ولكن في الشرع جاهل وهذا الشخص لا يجوز له أن يستنبط الأحكام بمفرده كما قلنا وإنما عليه أن يستفتي من يريد من العلماء ولكن من يريد من العلماء المعتبرين الذين يمتلكون آلة الاجتهاد ومذهب هذا الشخص هو مذهب من يفتيه من يعرف الأدلة الفقهية يجوز له أن ينتسب إلى إمام غيره شافعي مالكي حنفي حنبلي يجوز لمن ينتسب لأحد المذاهب أن يقلد المذاهب الأخرى لا يطلب ممن يقلد المذاهب الأخرى أن ينوي هذا التقليد إذا الشخص الذي يعرف الأدلة يعرف الأدلة من القرآن والسنة يمكن أن يقول أنا شافعي أنا حنفي ممكن أن ينتسب إلى أحد هذه المذاهب لأنه يعرف الدليل ولكن إن انتسب إلى المذهب الشافعي هل معنى هذا أنه يحرم عليه أن يقلد المذهب الحنفي يعني إن انتسب إلى المذهب الحنفي هل معنى هذا أنه يحرم عليه أن يقلد مذهب الإمام أحمد بن حنبل في إحدى المسائل . الحقيقة أنه يجوز لمن انتسب إلى المذاهب أن يقلد أحد المذاهب وليس عليه نية كثيراً ما اسأل ماذا علي إن أردت أن أقلد هل علي أن أنوي أني أردت أن أصلي على مذهب الحنفي لا ينوي المقلد نية التقليد أبداً .
البعض يتشددون في هذا يقولون لا يجوز أن يقلد أحد الشافعي مذهب غيره أو الحنفي مذهب غيره لكل هؤلاء أذكر لهم قصتان لا قصة واحدة .
الإمام الشافعي صلى في مسجد الإمام أبي حنيفة مرة صلاة الصبح ولم يقنت والقنوت سنة مؤكدة عنده لما انتهى قالوا له أنسيت يا إمام أنسيت القنوت أم غيرت مذهبك قال لا هذا ولا ذاك ولكن احتراماً لصاحب هذا المسجد يعني للإمام أبي حنيفة لأن الإمام أبي حنيفة كان لا يرى القنوت في الفجر .
الإمام أحمد بن حنبل سأله مرة شخص قال يا إمام صليت وراء إمام احتجم ولم يتوضأ وكان الإمام أحمد بن حنبل يرى أن الحجامة تنقص الوضوء فقال أفتجوز صلاتي قال فكيف لا أجوز الصلاة خلف مالك وسعيد بن المسيب لأن الإمام مالك وسعيد بن المسيب لم يريا انتقاض الوضوء بالحجامة.
الفقه الإسلامي منجم يحتوي على معادن ثمينة نتخير منها الأقوى حجة ودليلاً والأنسب مع متغيرات الزمان والبيئات والأشخاص والمذهب الذي اختاره يكون تقليده مبني على الأقوى دليلاً أحياناً يضطر لاختيار الأضعف إذا كان هنالك مصلحة ما لا يمكن إلا أن نتبع هذه المذاهب ونختار منها الأقوى دليلاً في كثير من الأحيان التقيد بمذهب واحد في بعض الأحيان يسبب مشقة وحرجاً من هذا مثلاً طهارة الكلب الكلب طاهر عند الحنفية والمالكية نجس عند باقي الفقهاء من هنا مسألة تولي المرأة للقضاء تولي المرأة للقضاء عند الحنابلة والشافعية والمالكية لا يجوز عند الحنابلة يجوز للمرأة أن تتولى القضاء في المسائل المدنية وبالتالي اليوم نضطر إلى أن نقلد المذهب الحنفي وهنالك الإمام ابن جرير الطبري أجاز للمرأة أن تتولى القضاء بجميع أنواعه قياساً على توليها الإفتاء بما أنه يجوز لها أن تفتي فإنه يجوز لها أن تكون قاضية.
يحضرني هنا قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان يقول ما أحب أن صحابة رسول الله لم يختلفوا لو لم يختفوا لما كان لنا سعة في اختلاف المذاهب فسحة وسعة ورحمة للأمة تختار منها الأقوى دليلاً في حال الضرورة تختار مع ما يتناسب المصلحة والمشقة الحرج ولو كان الدليل ضعيفاً ولكن كما قلنا في بعض الأحيان وليس في كل الأحيان هنالك من يذهب ويتثقف من الذاهب أضعفها من أجل أن ذلك يروق له لا أيها أيسر يأخذ الأيسر هذا طمع ليس من الورع والتقوى البحث عن الآراء الفقهية الضعيفة وتعميمها بحجة أنها الأصلح إلا في حالات الضرورة الماسة .
الأصل في تقليد المذاهب أن يكون مبني على اتباع الأقوى دليلاً ويكره أن يتبع المرء فيه هوى النفس والجري وراء الأسهل دائماً والتقاط الرخص من هنا وهناك قال النبي صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد " يا وابصة استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن في القلب والإثم ما حاك في اقلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك".
يجوز اتباع رخص المذاهب للضرورة ولرفع المشقة والحرج وللتيسير .
عندما نقول تقليد المذاهب البعض يشترط في هذا التقليد ألا يؤدي إلى التلفيق وإن أدى إلى التلفيق فهو ممنوع ما هو التلفيق . يشترط البعض لصحة تقليد المذاهب الأخرى ألا يؤدي إلى التلفيق: التلفيق هو الإتيان بتوليفة لم يقل بها أحد من الأئمة نتيجة للتقليد عدد من المذاهب في المسألة الواحد .
مثال توضأ رجل فمسح شعرات من رأسه تقليداً للمذهب الشافعي ولامست يده يد امرأة فلم يعد وضوءه تقليداً للمذهب الحنفي وضوءه غير صحيح على كلا المذهبين اشترك هؤلاء حتى يكون وضوءه صحيح وصلاته صحيحة أن تكون صورة الوضوء وصورة الصلاة عند المذهب الذي قلده أم تكون بكاملها صحيحة أن يمسح ربع رأسه كما عند المذهب الحنفي وألا ينتقض وضوءه إذا مست يده يد امرأة ولكن هل فعلاً هذا التلفيق ممنوع أجاء بعض العلماء من الحنفية والمالكية والحنبلية التلفيق مستدلين على هذا بأن منع التلفيق لم يظهر عند المجتهدين المتقدمين بمن فيهم أئمة المذاهب الأربعة وأن المستفتي في عهد السلف كان يستفتي مفتياً في مسألة ومفتياً في مسألة أخرى وهذا قد يؤدي إلى التلفيق إذا المجتهدون المتقدمون لن يتحدثوا عن التلفيق أبداً لم يشترطوا ألا يؤدي التقليد إلى التلفيق وإلا كنا نرى الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الأئمة يستفتون اليوم مفتياً في مسألة وفي اليوم التالي يستفتون مفتياً آخر لم يشترط عليهم أحد أن تكون هذه المسألة أو تجوز عند هذا الفقيه وتجوز عن الفقيه الآخر .
إذا على الأرجح لا يجوز جواز التقليد أن يؤدي إلى التلفيق .
أرى كثيراً اليوم من الفقهاء والعلماء يعلمون التلاميذ على مذهب واحد يعلمونهم الفقه على مذهب واحد إما على المذهب الشافعي أو الحنفي وإما المذهب الحنبلي وإما المالكي الحقيقة أن تعليم الطلاب على مذهب واحد فقط وعدم تعريفهم بأن هنالك مذهب أخرى وأن هنالك إمكانية لتقليد المذاهب الأخرى هذا يؤدي إلى الأمور التالية.
تضييق ما وسعه الله تعالى وتعقيد ما يسره.
يحمل المتعلم على التعصب المذهبي .
فحتى لا نضيق ما وسعه الله تعالى وحتى لا نحمل طلاب العلم على التعصب على أن يروا أنفسهم هم الصح وأن الآخرين هم الخطأ بكل ما يفعلونه دعونا نفقه على أصوله نعلم طلابنا على أنه هناك مذاهب وأن انتسبا الطالب إلى مذهب جائز ولكنه يجوز له أيضاً أن يقلد غيره من المذاهب .
التأكيد على أن تعدد الآراء الفقهية يعني جواز الأخذ بأي منها ولكن يجب ألا يقود المشاهد إلى الحيرة والضياع .
اصطلاحات فقهية
الفرض: هو ما أمر الشرع بفعله أمراً جازماً ويترتب على فعله الثواب وعلى تركه العقاب .
فرض العين: هو ما يجب على كل مسلم مكلف أن يعلمه ويفعله كالصلاة والصيام والزكاة .
فرض الكفاية : هو ما يجب أن يفعله مجموع المسلمين لا كل واحد منهم فإذا قام به البعض سقط الإثم عن الآخرين وإن لم يقم به من يكفي لسد حاجة الأمة وقع الإثم على الآخرين كتجهيز الميت والصلاة عليه .
الركن : ما يتوقف عليه وجود الشيء ويدخل في حقيقته كقراءة الفاتحة في الصلاة .
الشرط: ما يتوقف عليه وجود الشيء ولا يدخل في حقيقته كالوضوء مثلاً فهو شرط لصحة الصلاة غير داخل في حقيقتها.
المندوب : ما رغب الشرع بفعله لكنه لم يطلبه طلباً جازماً وحكمه يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه كصلاة النوافل صيام النوافل يسمى المندوب سنة مستحبة تطوعاً نفلاً.
المباح : هو ما لم يأمر الشرع بفعله ولا بتركه ولا يترتب على فعله أو تركه ثواب أو عقاب كالعمل بعد صلاة الجمعة كقوله تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ).
الحرام: ما طلب الشرع تركه طلباً جازماً بحيث يثاب تاركه ويعاقب فاعله كالقتل وأكل أموال الناس بالباطل يسمى الحرام محظوراً ومعصية وذنباً .
المكروه : ما طلب الشرع تركه طلباً غير جازم بحيث يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله كصيام يوم عرفة للحاج .
Comments