القائمة الرئيسية

الصفحات

الدولة العثمانية ... نظرة مفصلة لاوضاع فاصلة

الدولة العثمانية ... نظرة مفصلة لاوضاع فاصلة

موضوعنا اليوم الدولة العثمانية و كيف نتكلم عن موضوع تاريخي و عن بشر فيراه اخرين موضوعا في العقيدة  

تخيلوا ان يخلط كثيرين بين العقيدة الاسلامية و بين التاريخ الاسلامى ؟ ما علاقة تاريخ الدولة الاسلامية بالعقيدة الاسلامية ؟ و كيف يفقتقد العامة القدرة على فصل العقيدة و النأى بها عن اخطاء او جرائم او سلبيات البشر بحيث يعتبر الكثيرين ان انتقاد افعال بعض الحكام هو هدم لعقيدة المسلمين مع ما في هذا من اهدار لكل قيم الاسلام التى تعلمنا انه لا تذر وازرة وزر اخرى و ان كل نفس بما كسبت رهينة و لا اعرف كيف ادخل علماء السلطان هذه الخرافات في اذهان العامة 
و لعل اكبر مثال على ما نقصده الدولة العثمانية التى امتد وجودها من سنة 1299م إلى 1923م و التى نستطيع تقسيم عمرها الى عدة مراحل رئيسية 
1 - نشأت الدولة العُثمانيَّة بدايةً كإمارة حُدود تُركمانيَّة تعمل في خدمة سلطنة سلاجقة الروم 
2 - عبر العُثمانيُّون إلى أوروبا الشرقيَّة لأوَّل مرَّة بعد سنة 1354م، و تمكَّن العُثمانيُّون من فتح أغلب البلاد البلقانيَّة ، وكانت أوَّل دولةٍ إسلاميَّة تتخذ لها موطئ قدم في البلقان،
3 - استطاع العُثمانيين أن يفتتحوا القسطنطينية سنة 1453م، ويُسقطوا الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة  تحت قيادة السُلطان محمد الفاتح.
4 - اتجه العثمانيين بعد ذلك الى قلب العالم الاسلامى في الشرق الاوسط فغزوا الشام و مصر سنة 1516 
5 - بدايةً من سنة 1740م، أخذت الدولة العُثمانيَّة تتراجع وتتخلَّف عن ركب الحضارة، وعاشت فترةً طويلةً من الخمود والركود الثقافي والحضاري، فيما أخذ خصومها يتفوقون عليها عسكريًّا وعلميًّا، و عانت الدولة العثمانية من خسائر عسكرية قاتلة على يد خصومها الأوروبيين والروس خلال أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وتغلغلت القوى الأوروبية في البلاد العثمانية، وتدخلت في شؤون الدولة، وفرض بعضها الحماية على الأقليات الدينية، مما أدى إلى ازدياد أوضاع الدولة سوءًا. و رغم محاولات الاصلاح الادارية لم تستطع الدولة استرجاع الاقاليم التي خسرتها لصالح الغرب وروسيا، بل خسرت مزيدًا منها، وخصوصًا في البلقان.
6 - في بدايات عهد السلطان عبد الحميد الثاني افتتح المجلس العمومي، وتمثلت فيه كل الاقاليم بنوابٍ مُنتخبين، وضعوا دستورًا للدولة. لكن ما لبث السُّلطان أن عطل العمل بالدستور لأسبابٍ مُختلفة، فعادت البلاد إلى النظام الملكي المُطلق طيلة 33 سنة، عُرفت باسم "العهد الحميدي"، الذي تميز بكونه آخر عهد سُلطاني فعلي؛ و قد شهد عهده قضيتين كبيرتين  اولهما المطامع الصهيونية بأرض فلسطين، و الأزمة الأرمينية. أُعيد العمل بالدستور العُثماني سنة 1908م، وسيطر حزب الاتحاد والترقي على أغلب مقاعد البرلمان، فعادت السلطنة للنظام الملكي الدستوري، وبقيت كذلك حتى انهارت بعد عشر سنوات. شاركت الدولة العثمانية بالحرب العالمية الأولى  في محاولة لكسر عزلتها السياسية المفروضة عليها  وعلى الرَّغم من تمكنها من الصُمُود على عدَّة جبهات عانت من الاضطرابات الداخليَّة ، وفي نهاية المطاف لم تتمكن السلطنة من الصُمود بوجه القوى العظمى، فاستسلمت لِلحُلفاء سنة 1918م. انتهت الدولة العثمانية بصفتها السياسية بتاريخ 1 نوفمبر سنة 1922م، وأزيلت بوصفها دولة قائمة بحكم القانون في 24 يوليو سنة 1923م، بعد توقيعها على معاهدة لوزان، وزالت نهائيًّا في 29 أكتوبر من نفس السنة عند قيام الجمهورية التركية .
خلال هذه الفترة لم تستطع الدولة العثمانية الدفاع عن المنطقة العربية بنفس كفاءة من سبقها فالتاريخ يذكر ان صلاح الدين الايوبى استطاع قهر الصليبيين و استرداد بيت المقدس من اكثر الحملات الصليبية شراسة 
كما نجح قطز في صد المغول في موقعة عين جالوت .
بينما عانت المنطقة العربية منذ ان استولى عليها العثمانيين من ضعف و قلة حيلة جعلت القوى الاستعمارية الغربية تدخل عواصم الدول المسلمة لاول مرة في التاريخ . فبعد اقل من 270 سنة تقريبا وقعت مصر فريسة للاحتلال الفرنسي في الحملة الفرنسية سنة 1798 و ما ان خرجت فرنسا من مصر الا و حاول فريزر دخول مصر مرة اخرى ثم نجحت القوات الفرنسية في دخول الجزائر سنة 1830 دون ان يصدها اى قوى دفاعية متسببة و خلال حوالي 140 عام في اكثر من مليون و نصف المليون شهيد . ثم استطاعت القوات الانجليزية دخول مصر سنة 1882 ليس فقط في غياب اي دعم عثمانى لمصر السملمة بل ايضا مع تواطؤ من عاصمة الدولة العثمانية مع الاحتلال .
اما الوجه الثانى للاستعمار الاوربى لدول الشرق الاوسط فكانت موجات الهجرة اليهودية التى تشكلت خلال القرن التاسع عشر و التى تنم اما عن جهل سياسي و قانونى من الدولة العثمانية او تدل على وجود تواطؤ و فساد في الدولة كانت فلسطين هي الثمن علي المدى البعيد 
فقد حدثت في هذه المرحلة موجتان من الهجرة اليهودية إلى فلسطين 

الهجرة الأولى (1883-1913): وقد تمت على دفعتين رئيستين الأولى منهما بين 1882 و1884 والثانية في عامي 1890 و1891. وقد جاء في هذه الهجرة حوالي 25 ألف يهودي معظمهم أسر محدودة الامكانيات من رومانيا وروسيا.
وتشير المراجع الصهيونية إلى أن هذه الهجرة تمت بتمويل  من جمعيات أحباء صهيون مع وجود دورلبعض الشخصيات الاستعمارية والأجهزة البريطانية في تنظيم هذه الهجرة وتمويلها كصندوق تطوير الاستيطان في فلسطين الذي أسسه عام 1852 الكولونيل جورج جاولر  والسير لورنس أوليفانت التي زار روسيا في تلك الفترة ثم حضر إلى فلسطين وأقام في حيفا مدة من الزمن.
كما أمنت بريطانيا  بعد ذلك غطاء يهوديا لتمويل نقل المهاجرين إلى فلسطين وتوطينهم في شخص البارون ادموند دي روتشيلد الذي تولى الاشراف والانفاق على المستعمرات اليهودية في فلسطين ما بين 1886 و1890. ثم تكلفت بذلك الجمعية اليهودية للاستيطان التي أسسها في لندن المصرفي اليهودي البارون موريس دي هرش، وكان روتشيلد نفسه عضوا في مجلس ادارتها.
في نهاية هذه الفترة كان قد جرى شراء نحو 350 ألف دونم وتم توطين عشرة آلاف يهودي في عدد من المستعمرات الزراعية
و بالنسبة لانشاء المستوطنات فمعظم الدراسات الأولى للاستيطان اليهودي في فلسطين إلى ممارسات الثرى اليهودي منتيفيوري، الذي استطاع في عام 1855م أن يشتري قطعة أرض في مدينة القدس، أقام عليها في عام1857م، أول حي سكني يهودي في فلسطين خارج أسوار مدينة القدس، وهي (حي مشكانوت شعنا نيم) وعرف فيما بعد يمين موسى. وفي عام 1860م، اشترى اثنان من اليهود قطعتي أرض في فلسطين، الأولى قرب أراضي قالونا والثانية حول بحيرة طبرية وفي العام نفسه تم بناء أول 20 سكنة لم تشغل إلا في عام 1862م، وبذلك بدأت الخطوات العميلة الأولى للاستيطان اليهودي في فلسطين. وبعد ذلك أقامت جمعية الهيكل الألماني برئاسة كريستوف هوفمان بعض المستوطنات في فلسطين، وخاصة في يافا وحيفا وفي عام1878م، وتمكنت مجموعة من يهود القدس- بعد حصولهم على دعم من الخارج - من الاستيطان في السهل الساحلي وتأسيس مستوطنة "بتاح تكفا" على جزء من أراضي ملبس قرب يافا.
فقد أنشئت في عام 1882م، ثلاث مستوطنات هي "ريشون ليتسيون وزخرون يعقوب وروش ليتاح"، كما أنشئت في عام 1883م، مستوطنتان أخريتان هما "يسود همعله" و" نيوز يونا". وقد أقيمت المستوطنات السابقة بأساليب التحايل واستغلال ضعف الأنظمة والقوانين، برشوة الموظفين الأتراك. 
المصدر وكالة الانباء الفلسطينية وفا (   https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4070 ) 
كل هذه النقاط تشير و بدون لبس ان معظم مشاكل الشرق الاوسط سواء الاحتلال الاوربى او التسلل اليهودى المنظم الى فلسطين تم وسط حالة من الخمول و الضعف في السلطة الفعلية الحاكمة في اسطنبول .
فهل يمكن بعد كل هذا ربط انتقاد الدولة العثمانية بالموقف من الاسلام ؟ 
author-img
ماذا اقول عن نفسى غير ما اريد الا يعلمه احد عنى فأن انت سألتنى عن نفسى فأن ما تسمعه منى ليس ألا ما استطيع ان أقوله فهل تستطيع ان تسمع ما لا اقوله لك ؟

Comments