اقرأ ايضا : ما بين غزة و قضية الشيخ جراح
يعتبر موضوع قتل الإخوة من أكثر القضايا حساسية في تاريخ الدولة العثمانية ، فعلى مدى تاريخ الدولة العثمانية كان هنالك نحو 60 أميرًا قد أعدموا، 16 منهم قد أعدموا نتيجة الثورة على السلطان، بينما 7 قتلوا لمحاولاتهم الثورة، من الحالة الثانية، بينما البقية يمثلون الحالة الثالثة؛ أي «المصلحة العامة». هذا وقد كانت شاكلة إعدام الأمراء العثمانيين بالخنق، حيث حظرت التقاليد المغولية التركية إراقة دماء أفراد الأسر النبيلة، لا شك ان هذا الموضوع قديم منذ عهد السلطان محمد الفاتح (1481) الذى إعدم عدد من الذكور من العائلة الحاكمة؛ تجنبًا للفوضى التي نشأت عن فترة خلو العرش في عهد بايزيد الأول، كما ان هناك ممارسات مختلفة لعملية قتل الإخوة على مدى الإمبراطورية العثمانية، مع الاعتبار أن معظمها كان يبدو شرعيًّا، إلا أن بعض عمليات الإعدام، التي قد تمت من أجل التخلص من ثورة محتملة، كانت قد انتقدت باعتبارها غير شرعية.
اقرأ ايضا : الدولة العثمانية ... نظرة مفصلة لاوضاع فاصلة
كان التقليد القائل بأن «المملكة هي ملك مشترك للعائلة الحاكمة» قد استمر منذ عادات الأتراك السياسية الأولى حتى لما بعد دخولهم الإسلام، واعتاد بعض الحكام الأتراك أن يقسم ممتلكاته على أبنائه الأمراء من أجل تجنب حصول حرب أهلية، ومع ذلك فإن هذه الممارسة كانت الطريق لإضعاف الدولة، ومهّدت الطريق لإسقاطها.
يُروى أن أول حادثة للإعدام قد حصلت على يد مؤسس الدولة الأول، عثمان غازي، مؤسس الدولة العثمانية، في عام 1298، وكانت موجهة لعمه دوندار بيك، و كان أفراد العائلة يمثلون مشكلة أمام الدولة تحت حكم أغلب السلاطين، و في أعقاب معركة أنقرة (1402)، التي هزم فيها العثمانيون، حيث سقطت الدولة في «عهد الفترة»، وتقاتل أربعة من الأمراء على الحكم، من أبناء بايزيد الأول، وكان كلٌ منهم قد جمع الآلاف من الجند والداعمين له ليتقاتلوا للحصول على العرش لسنوات عديدة. وبعد انتهاء هذه الحرب الأهلية، كان محمد الأول، هو المنتصر الوحيد الذي تغلّب على إخوته بحيث استطاع السيطرة على العرش العثماني عام 1413.
ولم تكن هنالك أية قاعدة معينة لخلافة العرش عند العثمانيين، فقد يستقونها من العادات التركية القديمة، بحيث يتم إرسال كل أمير من أبناء السلطان بعد عمر الـ 12 إلى السنجق (الناحية الإدارية في تقاسيم الإدارة العثمانية)، وهي آنذاك كانت ضمن مسافات متعادلة وقريبة من مركز إدارة الدولة. وهنالك ينالون قسطًا من التدريب في الحكم والإدارة إلى حين وفاة السلطان حتى يأتي أحد الأبناء لينال مكانه ويخلف أباه. وبرغم وجود الدستور الذي سنّه محمد الفاتح حول هذه المسألة والذي نصّه:
وإن تيسرت السلطنة لأحد من أبنائي، فإنه ومن أجل المصلحة العامة يصح له قتل إخوته، إن هذا قانون آبائي وأجدادي، وهو كذلك قانوني، ولقد جوز أكثر العلماء ذلك، فليعمل بموجبه حالًا
بيّن أن الأمير الأكثر ذكاءً وقوة في الوصول للحكم قد ينجح في الوصول لإدارة البلاد في التغلّب على إخوته الذين قد يدّعون الحكم. ولذلك فقد تبنّت السياسة العثمانية مسألة عدم تجزئة السيادة في القانون الإسلامي، حتى لو كلّف ذلك حياة أفراد العائلة الحاكمة. فالإعدامات التي تم تنفيذها في حق الأمراء العثمانيين كانت بكلمة أخرى، صادرة عن القانون الوضعي، المبني على الدستور المسنون من قبل السلطان محمد الثاني. وكما هو الحال لدى بقية الأنظمة الوراثية، فالحاكم يمتلك زمام السلطة القضائية
و من اشهر الحوادث في هذا الموضوع ما حدث السلطان محمد الفاتح ابنين هما جم وبايزيد. بعد وفاة السلطان محمد الثاني، في 1481، خلفه ابنهَ الأكبر بايزيد الثاني، بدعم من قوات الإنكشارية، وهو ما رفضه الأمير جم، ثم قام الأمير جم بإرسال بعثة إلى أخيه يقترح الصلح مقابل اقتسام البلاد، فيكون القسم الأسيوي من نصيب جم، والأوربي لبايزيد الثاني، وهو ما رفضه هذا الأخير.
شعار الدولة العثمانية |
سليم الاول |
السلطان محمد الثانى |
قام الأمير جم بعدها بتكليف عمتهم سلجوق خاتون، التي تحظى باحترام العائلة المالكة، بترؤس وفد ً ضم كبار العلماء لإقناع بايزيد بقبول مقترح جم.
ولما التقت سلجوق خاتون بالسلطان بايزيد في معسكره، وطلبت منه أن يقبل عرض أخيه جم، تجنباً للحرب بين الأخويين، رفض بايزيد مقترحاتها ومن معها قائلا لهم: “أن لا أرحام بين الملوك”.
كما ان إظهار العصيان ضد الإمبراطور من خلال الكلمات أو الأفعال كان يعتبر جريمة. كما حدث مع السلطان سليم الأول، عندما ورث عرشه، لم يقتل أخاه قورقوت، بل قدّم له منصب حاكم إداري. عندها أرسل بعض انصاره اليه أنهم يريدونه إمبراطورًا وحاكمًا للبلاد، فلما استجاب الأمير قورقوت لهم ، قام سليم بالتخلص من أخيه قورقوت في عام 1513.
كذلك الحال مع الأمير مصطفى، ابن السلطان سليمان الأول (القانوني) قد أعدم لذات السبب.
بل ان محمد الثالث السلطان العثماني الثالث عشر اعدم إخوته الـ19 في بداية حكمه حتى قبل دفن أبيه
لم يكن الأمير مصطفى أو الأمير محمود، أبناء السلطان محمد الثالث، متورطيْن شخصيًا بأي عملية تدل على انتفاضة منهما، و رغم ذلك فقد اعتبرت متآمرين على الدولة، وأدت إلى إعدامهما تجنبًا لحدوث الاضطرابات المحتملة في المستقبل. والأمير سليم، ابنٌ آخر للسلطان سليمان الأول، وكذا الأمير إبراهيم، ابن السلطان أحمد الأول، قد وجدا نفسيهما لائقين لنيل العرش العثماني، مع صبرهما وحذرهما من عواقب ذلك، حتى ولو لم تكن خلافتهما ممكنة؛ نتيجة وجود إخوة لهما أكبر منهما في العمر آنذاك.
بل انه حتى في حالة عدم وجود مؤامرة واضحة ،فقد رأى البعض من الفقهاء و الساسة ذريعة لاعدام الامراء و رأوه امرا مشروعًا، متذرعين بالتخلص من الخطر الداهم مستقبلًا. ؟؟؟؟؟
اقرا ايضا : تأميم القناة بين الحقائق و الاكاذيب
اقرأ ايضا : حضارة نقادة
Comments